رؤية الملك وولي العهد نحو استثمار مستدام ومستقبل رقمي
د. جاسر خلف محاسنه
22-11-2025 02:02 PM
على مدى ربع قرن من القيادة الحكيمة، رسّخ جلالة الملك عبدالله الثاني رؤية وطنية متكاملة تقوم على تحويل التحديات إلى فرص حقيقية للنمو والتنمية. هذه الرؤية ليست شعارات، بل هي استراتيجية عمل متماسكة تتماهى مع مسارات رؤية التحديث الاقتصادي للدولة، وتعكس إدراكاً عميقاً لأهمية الاستثمار النوعي، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتمكين الشباب الأردني، وتحقيق التنمية المستدامة، بما يعكس قدرة الدولة على الموازنة بين الطموح الاقتصادي والاستقرار الوطني.
شهد الأردن خلال هذا المسار الحيوي تطوراً ملحوظاً في الصناعات الدوائية، التي أصبحت منافساً عالمياً وتصدّر منتجاتها إلى أكثر من سبعين دولة، محافظةً على أعلى معايير الجودة والكفاءة، ومسهمة بفاعلية في زيادة حجم الصادرات الوطنية. كما شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نمواً لافتاً، متجاوزاً مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي تقديرات مهمة، ليصبح أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد ويوفر فرص عمل واسعة للشباب، ويعزز قدرة الشركات الأردنية على المنافسة عالمياً في مجالات البرمجة، والحلول الرقمية، والتقنيات الحديثة. إضافة إلى ذلك، تحولت المناطق الصناعية مثل القسطل والموقر والزرقاء إلى منصات إنتاجية متكاملة، توفر آلاف الوظائف وتستقطب الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يعكس التزام الدولة برفع قدرات الإنتاج وتعزيز الصادرات الأردنية.
ولم يقتصر دور القيادة الملكية على توجيه الجهود الاقتصادية فحسب، بل امتد إلى دعم الابتكار والرقمنة، من خلال جهود ولي العهد، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. فقد أطلق سموه المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، الذي يركز على تعزيز التحول الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإدارة البيانات، وتنمية المهارات التقنية لدى الشباب الأردني، بما يسهم في بناء اقتصاد معرفي متقدم.
كما يشرف المجلس على برامج ومبادرات تعليمية وتدريبية تهدف إلى تأهيل الشباب في البرمجة والتقنيات الحديثة، وتعزز أيضاً التحول نحو مبادئ الاقتصاد الأخضر، ويدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لإطلاق مشاريع مبتكرة تواكب متطلبات العصر.
وفي أحدث تجليات هذه الرؤية على أرض الواقع، قام جلالة الملك بزيارة منطقة القسطل الصناعية في جنوب عمان، حيث اطلع على عدد من المصانع والشركات الأردنية الرائدة في الصناعات الدوائية والغذائية واللوجستية، والتي توظف مئات الأردنيين وتصدّر منتجاتها إلى الخارج. هذه الزيارة عكست صورة حية للنجاحات المتراكمة على أرض الواقع، ورسخت الثقة بأن البيئة الاستثمارية الأردنية قادرة على تحقيق النمو وخلق فرص عمل مستدامة، ضمن إطار قانوني واضح واستقرار سياسي متين، يعزز الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين.
تؤكد هذه الإنجازات المتنوعة أن الأردن يسير وفق استراتيجية طويلة المدى، يقودها جلالة الملك وولي العهد، تهدف إلى تعزيز التنافسية، وتمكين الشباب، وتوطيد الاقتصاد الوطني. إن الاستثمار النوعي والابتكار يمثلان الأداة الأهم لبناء مستقبل مستدام ومشرق للأردن، وكل نجاح لشركة أردنية هو شهادة حية على هذه الرؤية الملكية الحكيمة، وإيمان راسخ بأن التقدم والتطور يُبنيان بالعزيمة والعمل الجاد.