facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن يصنع حلولًا رقمية دولية متقدّمة .. لكنه متأخر عنها!


د. محمد حيدر محيلان
24-11-2025 09:03 AM

رغم أن الأردن يُعدّ من أبرز بيوت الخبرة التكنولوجية في المنطقة، ورغم أن مهندسيه يصنعون منصات وحلولًا رقمية تُشغّل حكومات ودولًا سبقت شوطًا طويلًا في التحول الرقمي، إلا أن الأردن نفسه ما يزال متأخرًا عن مستوى التكنولوجيا التي ينتجها أبناؤه. إنها مفارقة لافتة بحق: بلد يطوّر الأنظمة الرقمية المتقدمة للآخرين، لكنه لا يزال يعاني داخليًا من بطء الإجراءات، وتعدد المنصات، وضعف التكامل بين المؤسسات، وكأن الأردن أصبح مُصنّعًا للنجاح الرقمي في الخارج… ومستهلكًا بطيئًا للتكنولوجيا في الداخل.

المهندس الأردني الذي يدير منصات الجوازات الذكية في الخليج، ويطوّر أنظمة الهوية الرقمية الموحدة، ويصمم منصات حكومية متكاملة مثل “أبشر” في السعودية أو منظومات الخدمات المبسطة في الإمارات، هو ذاته الذي يعود إلى وطنه فلا يجد منصة وطنية متكاملة تُمكّنه من إنهاء معاملة بسيطة دون زيارة مؤسسة أو الوقوف في طابور. وما تزال منصة “سند” الأردنية — رغم أهميتها كونها خطوة في الاتجاه الصحيح — محدودة في خدماتها، وبطيئة في تطويرها، ولا تقارن بعدد الخدمات وجودة التجربة الرقمية التي تقدمها المنصات الإقليمية الأكثر تطورًا.

هذه المشكلة لا تتعلق بنقص العقول ولا غياب القدرات. فالأردن يمتلك واحدًا من أقوى القطاعات التكنولوجية في المنطقة، ويصدّر خبراته إلى كل مكان. إنما تكمن المشكلة في البيئة الإدارية التي لم تُعد هيكلها الداخلي لمواكبة التحول الرقمي الحقيقي. فالتحول الرقمي ليس تطبيقًا يُطلق ولا موقعًا يوضع على الإنترنت، بل هو إعادة بناء كاملة لطريقة عمل الدولة، تبدأ بتحديث التشريعات وتبسيط الإجراءات، ثم توحيد البيانات الحكومية، وخلق تجربة موحدة للمواطن، وتنتهي ببناء منصة شاملة تقدم الخدمة من بدايتها إلى نهايتها دون انتقال أو مراجعات ورقية.

ولسنوات طويلة، أطلقت الوزارات الأردنية مشاريع رقمية منفصلة عن بعضها، فنتجت منصات متعددة، وبيانات غير مترابطة، وخدمات غير مكتملة. أما الدول التي استفادت من الخبرة الأردنية فقد نجحت لأنها اعتمدت منذ البداية نموذجًا موحدًا، وجعلت الحكومة كلها تعمل من نافذة واحدة، بينما ظل المشهد في الأردن يشبه فسيفساء متناثرة أكثر منه نظامًا رقميًا موحدًا.

وتتعمق الفجوة مع ظاهرة هجرة الكفاءات، إذ يغادر أفضل المبرمجين والمهندسين إلى دول توفر لهم بيئة عمل أسرع ورواتب أعلى، بينما يبقى الداخل يحتاج إلى خبراتهم لكنه لا يستطيع منافسة الطلب الإقليمي عليهم. وهذا النزيف البشري لا يعني خسارة العقول فحسب، بل يعني أيضًا فقدان فرصة لتطوير منظومة رقمية وطنية تستفيد من هذه الطاقات.

ومع ذلك، يبقى الأردن قادرًا على القفز إذا توافرت الإرادة الإدارية والرؤية الواضحة. فالتحول الرقمي في الأردن يحتاج إلى قرار يوحّد الأنظمة، ويمنح “سند” قوة أكبر لتصبح المنصة الحكومية المركزية، ويعتمد على تبسيط القوانين، وتمكين الكفاءات، والاستثمار في البنية السحابية والذكاء الاصطناعي. فالأردن لا ينقصه العقل ولا العلم ولا الخبرة، بل ينقصه أن يوظّف هذه القدرات في الداخل بالقدر نفسه الذي تتألّق فيه في الخارج.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن لدولة تُدرّب وتُصدّر خبراء التحول الرقمي للعالم أن تظل متأخرة عن الركب في داخلها؟ الإجابة ليست تقنية، بل إدارية وثقافية وتشريعية. وحين تتوفر هذه العناصر، سيصبح الأردن قادرًا على أن يعيش الثورة الرقمية التي يصنعها أبناؤه… لا أن يبقى متفرجًا عليها.فمن يعلق الجرس؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :