facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




طوباس في عين العاصفة


صالح الشرّاب العبادي
28-11-2025 09:54 AM

تقف طوباس اليوم على الخط الفاصل بين الضفة التي نعرفها، والضفة التي تريدها إسرائيل. ما يجري هناك ليس حدثًا عابرًا، بل بروفة مكتملة لمرحلة جديدة من الضمّ الصامت الذي يتقدم خطوة خطوة دون إعلان رسمي، ودون تكلفة سياسية تُذكر.

التحوّل الأول يظهر في الزحف الأمني والإداري ، فإسرائيل تعيد تشكيل خرائط السيطرة حول الأغوار الشمالية، وتمنح جيشها صلاحيات واسعة في محيط طوباس، عبر حواجز موسمية، ومناطق تدريب، وطرق عسكرية تُقطع ثم تُعاد فتحها وفق التقدير الأمني ، هذا النمط يخلق واقعًا قانونيًا جديدًا: منطقة بلا سيادة فلسطينية فعلية، وبلا ضمّ معلن، لكنها خاضعة بالكامل لمنظومة الاحتلال.

التحوّل الثاني يتمثل في التوسع الاستيطاني المدروس ، فالبؤر الزراعية الصغيرة التي تنتشر قرب عين الحلوة وسمرا ليست مجرد تجمعات عشوائية؛ إنها بذور سيطرة ، تُزرع في الأرض ثم تُغطّى بقرارات لاحقة تضفي عليها شرعية الأمر الواقع ، ما يجري هو صناعة طوق استيطاني حول طوباس، يمنع نموها الطبيعي ويُقيد اتصالها الجغرافي ببقية الضفة.

أما التحوّل الثالث، الأخطر والأكثر هدوءًا، فهو التهجير الصامت ، ليس عبر ترحيل مباشر، بل عبر خنق شروط الحياة: منع البناء، تجفيف مصادر الرزق الزراعي، التحكم بالمياه، وتضييق الحركة ، إنها سياسة تدفع العائلات إلى المغادرة طوعًا ، فتتغيّر خارطة السكان من دون إعلان ولا ضجيج.

وفي الخلفية، يظل السيناريو الأمني حاضرًا: عملية عسكرية واسعة على غرار جنين 2023 قد تُستخدم في أي لحظة لتدمير البنية المدنية وفرض سيطرة كاملة تحت ذريعة استعادة الأمن ، هذا النوع من العمليات لا يحقق هدفًا أمنيًا فحسب، بل يفتح الطريق أمام مرحلة ضمّ أكثر جرأة.

مع ذلك، لا تزال هناك مساحة للصمود. إذ تعمل العائلات في الأغوار على حماية الأرض بالزراعة المكثفة، وتدعم مبادرات محلية وجودها الميداني بشكل يومي، ما يؤخر لكنه لا يمنع الخطط الإسرائيلية.

خلاصة المشهد:
طوباس ليست ملفًا محليًا ، إنها مراجعة تنفيذية حيّة للسياسة الإسرائيلية في الضفة: ضمّ بلا إعلان، وتغيير ديمغرافي بلا تهجير معلن، واستيطان يتحرك بسرعة الفراغ السياسي الفلسطيني. ما ستشهده المدينة في الأشهر القادمة سيكشف إن كانت الضفة تدخل مرحلة ما بعد الاحتلال التقليدي ، نحو احتلالٍ يعيد كتابة قواعد اللعبة بأدوات هادئة… وفعّالة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :