هل تنجح موازنة 2026 في إعادة توزيع الأمل ؟
د. بركات النمر العبادي
30-11-2025 10:01 AM
* بين يقظة الدولة على واقعها الاقتصادي الحرج وظمأ المواطن الذي بدأ الفقر ينهش لحمه وينخر عظامه
(على الفقراء/ العاطلين عن العمل/ صغار الصنا ع و الزراع و الحرفيين والموظفين المحجوز على رواتبهم / ...........الخ ؟ ) .
في لحظةٍ حرجة من التاريخ الاقتصادي الأردني ، تقف الدولة أمام مفترق طرق لا تحكمه الأرقام وحدها ، بل تحكمه الأسئلة الكبرى التي تفرض نفسها بقوة : كيف نُعالج الفقر دون أن نُفرّغ الخزينة ؟ كيف نكسر قيد البطالة دون أن نُجهض روح السوق ؟ وكيف نوازن بين الداخل المتطلب والخارج المتسارع ؟
تُعدّ موازنة 2026 اختبارًا صريحًا لصدق النيّة وجدّية الفعل ، فالحكومة اليوم لا تمتلك رفاهية "التأجيل" ، لأن الشارع بات أكثر وعيًا ، وأكثر تعطشًا لإجابات ملموسة ، لا وعودٍ نظرية تُنسى في زحام التصريحات.
إنّ الفقر في الأردن لم يعد مجرّد مؤشر رقمي في تقارير التنمية ، بل تحوّل إلى شعور يومي بالخذلان ، يكبر في الأحياء المهمّشة ، ويتسلل إلى أحلام الشباب الطامحين في حياة كريمة ، اما البطالة ، من جهتها ، أصبحت جدارًا نفسيًا يُقيد الطاقات ، ويُخنق الإبداع، ويُفرغ الجامعات من جدواها.
لكن، وعلى الضفة الأخرى، تلوح فرص لا يجب إغفالها ، انفتاح الأردن على شراكات اقتصادية جديدة ، وتوسيع بوابة التصدير ، وموقعه الجيوسياسي كـ "مفترق مصالح إقليمي"، تشكل نافذة أمل قد تُعيد كتابة المعادلة ، بشرط أن تتحول هذه الفُرص إلى نتائج لا إلى خطب كلامية لا تسمن و تغني من جوع ، وخطب شعبوية في الحوارات البرلمانية لا لون لها ولا طعم ولا رائحة ولا تفضي بالنفع لما يلمسه المواطن في واقعه المعاش .
الرهان الحقيقي إذن ليس على حجم الموازنة ، بل على فلسفتها ، هل هي موازنة محاسبة أم موازنة رؤية ؟ هل توزّع الموارد على أساس الكفاءة والتأثير؟ أم تكرّر عقلية الترقيع؟
والأهم : هل تجرؤ الحكومة على إعادة النظر في الأولويات ؟ في هيكلة الإنفاق ؟ في دعم المشاريع الإنتاجية بدلًا من الاكتفاء بالدعم الاستهلاكي ؟ هل ستصغي لصوت القرى كما تصغي للعواصم ؟ ام هل تصغي لصوت المهمشين ام تزيد من نعيم المنعمين ؟
جلالة الملك ، من جانبه ، يفتح المسارات ويؤسّس للعلاقات ، لكن تحويل تلك الفرص إلى استثمارات يتطلب قدرة تنفيذية فعّالة ، وإرادة سياسية لا تخاف من "القرارات الصعبة" ولا تتهرب من محاسبة النفس ، الى حكومة تفعل وتنجز لا الى حكومة مرجفة تتعثر بالمعيقات دون معالجتها .
في النهاية ، موازنة 2026 قد لا تكون ورقة أرقام فقط ، بل قد تكون مرآة لصدق الإجابة على سؤال مهم : هل ما زال الأردن قادرًا على تحقيق التوازن بين الاستقرار السياسي والتحوّل الاقتصادي ، دون أن يدفع الفقير الثمن ؟
حمى الله الاردن من كل كريهة وسدده على طريق الحق و الرشاد .
* حزب المحافظين الاردني /مساعد الامين العام للثقافة الحزبية