مدينة عمرة الجديدة: ضرورة اعتماد نموذج تنموي عادل يخدم جميع فئات المجتمع
حجازي البحري
01-12-2025 10:12 AM
تتجه الدولة اليوم نحو إنشاء مدينة جديدة في منطقة عمرة، وهو مشروع استراتيجي يحمل إمكانية إحداث تحول عمراني مهم خلال العقود القادمة. غير أنّ التجارب الإقليمية، كما في الساحل الشمالي والعلمين الجديدة ومدينتي والعاصمة الإدارية في مصر، تشير إلى أنّ المبالغة في التطوير الموجّه للطبقات المقتدرة تؤدي غالبًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي والوحدات السكنية، بما يجعل تلك المدن مقتصرة فعليًا على فئة محدودة من المجتمع.
إن استمرار هذا النهج قد يجعل سكان عمّان اليوم، بعد خمسةٍ وعشرين عامًا، غرباء عن المدينة الجديدة التي يُفترض أن تكون امتدادًا طبيعيًا لهم. فالتخطيط العمراني الذي لا يراعي احتياجات ذوي الدخل المحدود والمتوسط يخلق فجوات طبقية واضحة، ويحدّ من قدرة غالبية المواطنين على امتلاك منزل أو شقة أو قطعة أرض داخل المدينة الجديدة.
ومن هنا، فإن نجاح مشروع عمرة الجديدة يتطلّب تبنّي سياسة إسكانية عادلة تقوم على تخصيص مناطق سكنية راقية ومتكاملة تتناسب أسعارها مع قدرات المواطنين، لا أن تُوجَّه الخدمات والمزايا إلى فئة واحدة فقط هي القادرة ماليًا على الشراء. فالتخطيط الشامل يجب أن ينظر إلى احتياجات المجتمع الأردني بجميع فئاته، لا أن يقتصر على النخب، ولا أن يؤدي إلى ظهور مدينة مغلقة تستقطب رؤوس الأموال دون أن يستفيد منها المواطن العادي.
إنّ التنمية الحقيقية هي التي تراعي العدالة الاجتماعية، وتمنح كل مواطن فرصة للعيش في بيئة حضرية متطورة، وتحقّق الشعور بالانتماء والمشاركة. أما المشاريع التي تعمّق الفجوة بين الفئات وتقصي شريحة واسعة من المجتمع، فإن أثرها سيكون محدودًا مهما بدا شكلها العمراني متقدمًا.
وفي هذا السياق، فإن بناء مدينة عمرة الجديدة يجب أن يكون مشروعًا وطنيًا شاملًا يخدم المصلحة العامة، ويضمن استفادة جميع الأردنيين، لا مشروعًا عقاريًا موجّهًا لفئة محدودة. فلا جدوى من أي تطوير لا تنعكس فوائده على المجتمع بأسره، ولا يرسّخ مبدأ العدالة في توزيع الفرص.