تحوّل البوصلة وانحدار الناقد لخدمة الذات
نضال انور المجالي
01-12-2025 08:17 PM
لطالما كان الناقد أو الصحفي هو ضمير المجتمع اليقظ، صوت الإصلاح الذي لا يخشى قول الحقيقة. لكن للأسف، تشهد الساحة العامة تحولاً مؤلماً: انزلاق بعض الشخصيات من موقع المبدأ إلى مربع المصلحة الشخصية.
1. بيع الرؤية: غواية النفوذ
يبدأ الانحدار عندما يتبدل الإطار الفكري للناقد. تتحوّل الأهداف الوطنية الكبرى إلى مجرد سلم للوصول إلى المكتسبات الخاصة. الناقد الذي كان يرفع سيفه ضد الفساد، يبدأ في استخدام قلمه لضمان امتيازاته، أو الحصول على منصب، أو التقرّب من دوائر النفوذ التي كان يهاجمها.
في هذه المرحلة، يتحوّل النقد إلى تجميل، والصمت إلى ثمن مدفوع، وتصبح خدمة الذات أولى من خدمة الصالح العام. إنه تبديل مؤلم لقيم النزاهة مقابل إغراءات مؤقتة.
2. قناع الغرور: رفض المساءلة
يرافق هذا التدهور القيمي، تحوّل في السلوك: من التواضع الذي يميّز الباحث عن الحقيقة، إلى الغرور المُتضخّم الذي يرفض أي نقد.
عندما يشعر الناقد المتحوّل بأنه لم يعد على حق، يرفع جدار الغرور كآلية دفاعية لحماية نفسه ومصالحه الجديدة. يرى في كل من يحاول مساءلته حاسداً أو جاهلاً، ولا يرى فيه مرآة لواقعه الجديد. هذا الغرور يغلق الباب أمام المراجعة الذاتية، ويكرّس الانفصال عن نبض الشارع الذي كان يمثله سابقاً.
3. ثقافة الخوف: تمكين المنحرف
ما يزيد الطين بلة هو المناخ الذي يغذّي هذا الانحراف؛ ثقافة الخوف من انتقاد هذه الشخصيات. عندما يصبح لسان الناقد السابق (صاحب النفوذ الجديد) يُخشى منه لأنه قد يضر بالآخرين، بدلاً من كشف الحقيقة، فإن المجتمع يفضل الصمت. هذا الصمت هو بمثابة حصانة غير مُعلنة تضمن استمرار الشخصية في مسارها الانتهازي والغرور المتزايد.
كلمة أخيرة: إن مهمة المجتمع ألا يمنح صوته أو ثقته لمن يتاجر بضميره وقيمه. استرداد مصداقية المنبر العام يبدأ بالتمييز بين من يخدم الرسالة، وبين من يستخدمها للوصول إلى المصالح الذاتية
حفظ الله الاردن والهاشمين..