مفهوم الأيديولوجيا وهل يمكن أدلجة الفكر المحافظ في الأردن ؟
د. بركات النمر العبادي
02-12-2025 03:47 PM
تُعدّ الأيديولوجيا واحدة من أكثر المفاهيم حضورًا في الفكر السياسي والاجتماعي، إذ تشكّل إطارًا معرفيًا يوجّه تصوّرات الأفراد والجماعات تجاه الدولة والمجتمع والسلطة ، وهي ليست مجرد "أفكار" ، بل نسق متماسك من المعتقدات والقيم والرؤى التي تمنح الإنسان منطقًا يفسّر به الواقع ، وبوصلةً يتحرك على أساسها في المجال السياسي.
وفي السياق الأردني ، يبرز سؤال متقدّم: كيف يمكن تحويل الفكر المحافظ إلى أيديولوجيا وطنية واضحة المعالم؟ أي كيف يمكن “أدلجته” بحيث يتحول من مجموعة قيم ومبادئ عامة إلى مشروع فكري–سياسي قادر على التأثير في الدولة والمجتمع وصياغة السياسات ؟
هذا المقال يحاول تقديم مقاربة فلسفية وعملية لهذا السؤال.
أولاً: مفهوم الأيديولوجيا
1- تعريفها العام
الأيديولوجيا هي مجموعة من الأفكار والقيم والتصورات المترابطة التي تفسّر العالم، وتُحدّد ما يجب أن يكون عليه المجتمع، وتضع معايير للعمل السياسي.
إنها منظومة تفسيرية وبرنامج عمل في آنٍ واحد.
2- وظائف الأيديولوجيا
الأيديولوجيا الناجحة تؤدي أربع وظائف مركزية:
• التفسير : تقديم فهم منسجم للواقع الاجتماعي والسياسي.
• التبرير: إضفاء الشرعية على النظام القائم أو السعي لتغييره
• الحشد: تجميع الأفراد حول أهداف مشتركة.
• التوجيه: رسم مسارات العمل السياسي والاجتماعي.
3- حياد الأيديولوجيا
الأيديولوجيا ليست سلبية بطبيعتها.
قد تُستخدم للتحريض والتقسيم ، وقد تُستخدم لبناء الدولة وتعزيز الاستقرار.
المعيار في ذلك هو:
مدى انسجامها مع الواقع ، وقدرتها على خدمة المجتمع ، وابتعادها عن الانغلاق والتعصّب.
ثانيً : الفكر المحافظ – من قيم عامة إلى منهج سياسي : الفكر المحافظ في جوهره ليس أيديولوجيا صِرفة ، بل منظومة قيمية تُعلي من شأن:
• الهوية الوطنية
• استقرار الدولة
• سيادة القانون
• احترام التجربة التاريخية
• التغيير التدريجي
• حماية المجتمع من التفكك
• التوازن بين الحرية والمسؤولية
لكن هذه المبادئ – على أهميتها – تبقى أفكارًا عامة ما لم تُحوّل إلى:
1. مفاهيم سياسية محددة
2. برامج قابلة للتطبيق
3. خطاب جامع يستوعب فئات المجتمع ، وبذلك فقط يمكن تحويل الفكر المحافظ إلى أيديولوجيا وطنية إيجابية وفعّالة.
وفي الختام :
إنّ أدلجة الفكر المحافظ في الأردن ليست محاولة لاستنساخ نماذج غربية أو فرض وصاية فكرية، بل هي جهد لبناء نظرية سياسية وطنية تستند إلى:
• خصوصية الأردن
• قيم المجتمع
• التجربة الهاشمية
• ضرورات العصر
• التوازن بين الحرية والمسؤولية
• وبين الهوية والانفتاح
فالأيديولوجيا المحافظة الأردنية – إن نُصّبت بشكل صحيح – يمكن أن تصبح مشروعًا وطنيًا حديثًا يسهم في حماية الدولة ، ويقوّي المجتمع ، ويوجه الإصلاح، ويمنح الشباب إطارًا فكريًا واضحًا ، وينقل الأردن من مرحلة “رد الفعل” إلى مرحلة “بناء المستقبل وفق رؤية قيمية–استراتيجية
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطاه
* حزب المحافظين الاردني