محمود النشمي .. عندما يتحوّل التراث إلى رسالة إبداع
م. عمرو ابو عنقور
05-12-2025 01:06 AM
في زمن يتسابق فيه كثيرون خلف البهرجة والمظاهر يبرز اسم محمود النشمي كنموذج مختلف نموذج يقدّم الإبداع من بوابة الهوية ويُدخل التراث في فضاء الإعلام الحديث بروح راقية وفكرة مدروسة.
ظهوره الأخير بلباس شخصية جحا لم يكن مجرد لفتة عابرة أو "استعراض" كما يحاول البعض تصويره، بل كان اختيارًا واعيًا يحمل رمزية ثقافية عميقة، ويعكس رؤية شبابية أردنية تحترم الماضي وتعيد تقديمه بطريقة عصرية ومشرفة.
جحا… تميمة عربية لا تفهمها العقول السطحية
شخصية جحا ليست للضحك فقط، وليست مادة للسخرية كما يتخيّل من يفتقر لحدٍّ أدنى من المعرفة.
جحا رمز شعبي عربي قديم، يجمع بين الطرافة والذكاء، ويمثل جزءًا مهمًا من التراث الذي تربّت عليه أجيال.
واختارت قطر هذه الشخصية تحديدًا لتكون تميمة كأس العرب في واحد من أكبر الأحداث الرياضية العربية، تقديرًا لقيمتها وجماهيريتها.
لكن المشكلة ليست في الشخصية…
المشكلة في من يحكم قبل أن يفهم ويهاجم قبل أن يقرأ محمود النشمي… وجه إعلامي يقدّم نموذجًا جديدًا للشباب الأردني
النشمي لم يظهر بلباس جحا عبثًا، بل قدّم عملاً من إنتاج فريق شباب أردنيين مبدعين، كانوا خلف الكواليس، بينما كان محمود هو الواجهة الإعلامية التي تحمل الفكرة وتوصلها للناس وهذا النوع من الإبداع لا يعتمد على بدلة فاخرة أو مظهر مبالغ فيه بل يعتمد على رسالة ومعنى وقدرة على تحويل فكرة بسيطة إلى حضور ملفت ومحترم.
وإذا كان البعض قد سارع إلى إطلاق اتهامات من نوع "أجندات خارجية" أو غيرها من العبارات الجاهزة، فإن الحقيقة أن من يملك الوعي يدرك أن:
الإبداع ليس شكلًا… الإبداع رؤية وليس كل من لا يفهم الرسالة يملك حق الحكم عليها وعي ثقافي غائب… وإبداع حاضر رغم الضجيج ما قدّمه محمود النشمي يفتح بابًا مهمًا للنقاش:هل أصبح المظهر أهم من المحتوى؟ ولماذا يتم استهداف كل مبادرة شبابية مختلفة بدل دعمها؟
من السهل السخرية، ومن الأسهل الاتهام، لكن الأصعب—والأشرف—هو الاعتراف بجهد شباب يعملون بصمت، وبروح وطنية، ليقدّموا صورة جميلة عن الأردن وإعلامه وثقافته.
رسالة أخيرة
محمود لم يدّع أنه نجم، ولم يركض خلف الأضواء، لكنه قدّم عملًا يحمل قيمة ويستحق الاحترام وما فعله يؤكد أن الشباب الأردني قادر على الإبداع حين تتاح له الفرصة ولبسة جحا التي أثارت الجدل هي في الحقيقة لبسة فكر، وتراث، ووعي…وليست مجرد “زيّ”.
كل الاحترام لمحمود النشمي… أبدعت.
واستمر بإظهار الوجه الحقيقي للإبداع الأردني.