facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لغة المصلحة .. لماذا تحول المواطن إلى باحث عن الفائدة؟


د. رندة نايف ابوحمور
06-12-2025 11:23 AM

في بلد عرف عنه أن الكلمة فيه موقف، وأن الرجولة فيه فعل قبل أن تكون شعارا، وفي وطن بنى نفسه بالصبر والكرامة والوعي، نستيقظ اليوم على لغة غريبة لم تكن يوما جزءا من قاموس الأردني:

شو بستفيد؟
شو مصلحتي؟
شو العائد إلي؟
شو رح يطلعلي؟

أسئلة تطرح على كل مشروع، كل مبادرة، كل دعوة وطنية، وحتى على أبسط فعل جماعي.

لغة جديدة، لم نعرفها سابقا.

لغة لا تشبه الأردني الذي كان يعتبر الانتماء قيمة، والمشاركة واجبا، والواجب الوطني فوق الحساب الشخصي.

فما الذي حدث؟!
ولماذا تغير الخطاب؟!
ولماذا أصبح كثيرون يقيسون كل شيء بالمنفعة والربح والخسارة؟!

أولا: لأن الأردني أنهك، ولم يعد يملك مساحة للعطاء المجاني.

حين ترتفع الأسعار، وتثقل الضرائب، وتتجمد الرواتب، وتتراجع الخدمات، يبدأ الإنسان، أي إنسان، بالبحث عن الشيء الذي يمنع سقوطه.

لم يعد الأردني يبحث عن الرفاه، بل يبحث عن النجاة.

وفي لحظات النجاة لا يسأل الإنسان: ماذا يمكنني أن أعطي؟

بل يسأل: ماذا تبقى لأحصل عليه كي أبقى واقفا؟.

ثانيا: لأنه عاش سنوات يشعر فيها أن التضحية بلا مقابل، الأردني ضحى، وصبر، وتحمل، ووقف مع الدولة في كل موقع وكل مصيبة.

لكن مقابل هذا، ماذا رأى؟

فساد لم يحاسب كما يجب، بطالة تخنق الشباب، وعود لا تستكمل، ترهل إداري يقتل المبادرات، شهادات جامعية دون فرص، قوانين تتغير بسرعة بينما حياة المواطن لا تتغير إطلاقا، حين يعطي المواطن ولا يرى أثرا، يبدأ تلقائيا بسؤال:

ليش أعطي؟! وشو بستفيد؟!.

ثالثا: لأن الثقة تآكلت، وحين تضعف الثقة تكبر لغة المصلحة، الدولة التي تخسر ثقة مواطنيها، حتى دون قصد، ستجدهم ينتقلون من لغة الواجب إلى لغة المصلحة.

المصلحة ليست فسادا دائما، لكنها علامة خوف.

خوف من المستقبل، خوف من المجهول، خوف من القرارات،

خوف من الوضع الاقتصادي، وخوف من أن يبقى المواطن آخر من يعرف وآخر من يستفيد.

رابعا: لأن المجتمع نفسه تغير

جيل جديد يعيش ضغطا اقتصاديا ونفسيا غير مسبوق.

جيل يرى العالم مفتوحا، والفرص قليلة، والدخل ثابتا، والمنافسة شرسة، جيل يشعر أنه وحيد وسط مكابدة يومية:

قروض، التزامات، غلاء، أزمات، عدم استقرار، في هذه البيئة تصبح لغة المصلحة وسيلة دفاع لا اعتداء.

خامسا: لأن الأردني يعلم، لكنه متعب

لا أحد يستطيع أن يشكك في وعي الشعب الأردني؛

هو شعب متعلم، مثقف، قارئ، واع سياسيا بطريقة تدهش العالم.

لكن هذا الشعب اليوم يغلي من الداخل، صار يقرأ الواقع كما هو: لا مكياج، لا تجميل، لا شعارات.

ويقول بكل وضوح: أنا مش ضد الوطن، بس أنا تعبت، وبدي أعرف شو دوري وشو حصتي بالعدل مش بالمحسوبية.

النتيجة: لغة المصلحة ليست انحراف الأردني، هي صرخة الأردني، هي جملة يقولها لأن:

دخله لم يعد يكفي

فرصه تقل

ثقته تهتز

واقعه يضغط

وحياته اليومية أصبحت ميدان صراع لا ميدان طموح

ما المطلوب؟

الناس لا تريد أموالا، ولا تبحث عن امتيازات، ولا تطلب المستحيل.

الأردني يريد شيئا واحدا: عدالة تمنحه القدرة على العيش بكرامة، بلا سؤال: شو بستفيد؟

يريد دولة تثبت أن الانتماء مجدي، وأن المشاركة مفيدة،

وأن التضحية ليست طريقا للكسر بل طريقا للبناء.

يريد أن يشعر أن الوطن يعامله كشريك، لا كمتغب إضافي في آخر الصف.

الخاتمة: لغة المصلحة ليست نقيصة في الأردني

بل هي مرآة تعب طويلة.، مرآة لو نظرنا إليها بصدق، لعرفنا أن الحل ليس في لوم الشعب، بل في استعادة ثقة الشعب.

وحين تتحقق هذه الثقة، سيرجع الأردني كما عرفناه:

يعطي قبل أن يأخذ، ويصون قبل أن يطالب، ويقول من قلبه لا من جيبه: هذا وطني، وهذا واجبي، وما بدي من وراهم غير الكرامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :