مسؤولية الجيل وتقصير المؤسسات في صناعة المستقبل
" جيل قادر على التغيير .. لكن من يفتح له الطريق؟"
اقول مؤيدا وهنا انا لا املك الرد عن الحكومة ولكن انصح لها :
في زمنٍ تزدحم فيه الشعارات وتتراجع فيه الحلول ، يفرض السؤال نفسه بإلحاح وجودي: من يفتح الطريق أمام الجيل الجديد نحو المستقبل؟
وليس هذا الطريق مجرد ممرٍ مادي، بل هو منظومة متكاملة من الفرص، والعدالة ، والتحفيز، والاستثمار في الإنسان ، وإنّ الحديث عن "فتح الطريق" لا يُختزل في خطاب تحفيزي ولا في مبادرات ظرفية ، بل هو عمل مركّب يتطلب مساءلة جدّية ومسؤولية متقاسمة بين أطراف خمسة هي:
1- الحكومة 2- القطاع الخاص 3- مؤسسات التعليم العالي 4--الإعلام، وخاصة الإعلام الحكومي 5- الأسرة والمجتمع.
الجيل الجديد لا يبحث عن فرصة… بل يستحق طريقًا، الشباب الأردني لا يحتاج إلى من "يصنع له" المستقبل ، بل إلى من يفتح له بواباته ويثق بقدراته ، و هذا الجيل المتعلم، المتصل بالعالم ، لا يمكن النظر إليه كعبء ، بل كفرصة تنموية عظيمة ، وفِي اللحظة التي نعيد فيها النظر في دور المؤسسات ، ونمنح الثقة الحقيقية للشباب ، تبدأ ملامح المستقبل في التشكل.
والسؤال الأخلاقي والسياسي والفلسفي الذي يبقى معلقًا في ضمير المجتمع هو:
"من المسؤول عن فتح هذا الطريق… ومتى نبدأ؟ "من يفتح الطريق؟ مسؤولية الجيل وتقصير المؤسسات في صناعة المستقبل"
فتح الطريق ليس شعارًا، بل مسؤولية تتوزع على أطراف المجتمع كافة، وتبدأ من الاعتراف بأن شبابنا لا يبحث عن وظيفة… بل عن فرصة حقيقية ليصنع الفرق "وفي زمنٍ يعلو فيه ضجيج الوعود، ويقل فيه الفعل، يعود السؤال الجوهري ليطرق ضمير الدولة والمجتمع معًا: من يفتح الطريق أمام الجيل الجديد نحو المستقبل؟
هذا الطريق الذي لا يعني رصف الشوارع وتجميل الأرصفة ، بل فتح الآفاق ، وتوفير الأدوات ، وتبني الإنسان كمشروع تنموي طويل الأمد.
الدولة : هل تبسط الطريق أم تعرقل المبادرة؟
ما زالت كثير من التشريعات والإجراءات الرسمية تخنق الريادة ، وتُثقل كاهل الشاب الباحث عن بداية ، لا تزال بيئة الاستثمار غامضة ، والتمويل معقد ، والتصاريح مؤجلة ، والشباب لا يريد تسهيلات شكلية ، بل يريد منظومة تؤمن به ، لا تستدعيه فقط لحضور ورش العمل، في ظل حكومه تنتظر من يفتح لها الباب .
القطاع الخاص : هل هو شريك حقيقي أم متفرّج صامت؟
كم عدد الشركات التي فتحت أبوابها لطلاب الجامعات للتدريب؟ كم منها استثمر في حاضنات أعمال؟ كم شركة وضعت نسبة من أرباحها لدعم مبادرات شبابية؟ الربح لا يكفي ليكون دورًا وطنيًا، بل لا بد من التزام اجتماعي طويل النفس ( الامد) .
الجامعات: حين تصبح مصانع شهادات
لا تزال مؤسسات التعليم العالي تصرّ على إنتاج أعداد ضخمة من الخريجين في تخصصات مشبعة دون مراجعة ، فأين دراسات السوق؟ أين التقييم السنوي للتخصصات؟ أين الربط الفعلي بين الكلية وسوق العمل؟ والأخطر، أين التدريب العملي الإلزامي الذي يضع الطالب على أبواب الخبرة لا على رفوف البطالة؟
الإعلام الرسمي: حين يغيب الأمل
خطاب الإعلام الحكومي في كثير من الأحيان بات مكررًا ، مملًا ، يسلط الضوء على الأزمات أكثر من الحلول ، وعلى الإحباط أكثر من الفرص.الشباب يحتاج إلى إعلام يُشعره بأنه موجود ، مسموع ، وأن صوته قادر على التغيير.
الأسرة والمجتمع: حين يُخاف من الطريق غير التقليدي
في مجتمعاتنا ، ما زال كثير من الآباء يربط "النجاح" بوظيفة حكومية ثابتة.
وما زال كثير من الشباب يعاني من مقاومة الأهل لأي مسار ريادي أو تقني أو فني.
هنا اصبحت الثقة غائبة ، والدعم المعنوي هش ، والنتيجة: جيل يخاف من الفشل أكثر مما يحلم بالنجاح ، اذا ، ما العمل ؟ ، وهنا خطوات لا تحتمل التأجيل:
شراكة إلزامية بين الجامعات والقطاع الخاص في تصميم البرامج الدراسية
تحويل التدريب العملي إلى شرط أساسي للتخرج في جميع التخصصات
.توسيع حاضنات الأعمال في المحافظات وليس فقط في العاصمة.
توفير أدوات تمويل مرنة بعيدة عن الضمانات التقليدية التي تعيق الانطلاقة
تمكين الشباب فعليًا في مواقع صناعة القرار لا مجرد ديكور تشاركي.
في الختام: الشباب الأردني ليس عبئًا ، بل هو ثروة وطنية مهدورة تنتظر من يصدق معها.
الجيل الجديد لا يحتاج إلى وظيفة فقط… بل يحتاج إلى ثقة ، وإلى من يفتح له الطريق لا أن يضع له الحواجز.
وإذا كنا نتفق على ذلك…فمن منّا يملك الشجاعة ليبدأ؟