الدراما والسردية الأردنية
د. محمد بزبز الحياري
08-12-2025 10:28 PM
كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن السردية ، والسردية الاردنية تحديدا وكيفية ابراز هذه السردية وتأطيرها وطنيا وتقديمها لتكون رسالة حقيقية تَعبُر من الماضي والحاضر لتصل للمستقبل والاجيال القادمة برؤية أصيلة ومتقدمة ، حتى اننا نريدها ان تكون رسالة خارج حدود الوطن لتصور الاردن كما هو دون تزييف أو انتقاص...وفي خِضَم هذا الحديث المتزايد، نطرح السؤال التالي برسم الضغط والتمني:
ماذا عن الدراما الاردنية في هذا السياق؟!...
الدراما ، هذا السلاح المعطل ودوره الاصيل في هذه السردية؟، فمع اهمية الندوات والكتب واللقاءآت والاشعار والتغني بالسردية، الا ان مشهد درامي واحد متقن وحسب الاصول المرعية، كفيل بأن يوصل تلك الرسالة لمن نريد وسيفوق تأثيره جميع ما سبق ذكره وأكثر.
الدراما أداة قوية لبناء المجتمع ككل، فهي تتجاوز مجرد الترفيه والتسيلة لتصبح اداة فعالة لتشكيل الوعي، وغرس القيم الأخلاقية، وتعزيز الهوية الثقافية، وتنمية التعاطف، وتحفيز التفكير، وهذا بالمناسبة هو تفاصيل السردية ومكوناتها التي نريد، كما أنها تلعب دوراً محورياً في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والوطنية وتقديم حلول لها، وتساهم في بناء جيل واعٍ ومثقف من خلال عكس الواقع وتقديم نماذج إيجابية وقصص ملهمة.
تؤثر الدراما بشكل كبير على وعي الأفراد، خاصة الشباب، فهم هدف ووسيلة تقدم المجتمعات، وتساهم في ترسيخ قيم مثل الحوار والتسامح والهوية الوطنية، مما يعزز التعاطف والفهم بين الثقافات بشكل عام ويدعم التعايش السلمي.
ايضا تساهم الدراما في الحفاظ على الهوية والتراث وتعكس تاريخ وثقافة الشعوب، وتساهم في نقل التراث والقيم من جيل لآخر، ويمكن للدراما التاريخية (مثلا) أن تعزز الذاكرة الجمعية وذاكرة المكان والزمان، وتُلهم الشباب للكفاح من أجل بناء مجتمع المعرفة، وتُعد الدراما أداة قوية من ادوات "القوة الناعمة" للتأثير على العقول والقلوب، وقيادة التغيير الاجتماعي الإيجابي، اذا كانت ذات رؤية بناءة ومسؤولة.
لقد كان للدراما الاردنية دور بارز بوقت مضى باظهار السردية الاردنية وبترسيخ الهوية الوطنية ولوقت طويل، لكن هذا الدور خبا اثره وتوهجه في الفترة الاخيرة واصبحنا وبحكم قوانين الطبيعة التي تأبى الفراغ، فريسة لمشاريع غزو ثقافي من خارج الحدود كانت ادواتها الرئيسية الدراما الوافدة، وقد اصابت هذه الدراما المجتمع والاسرة بمقتل عندما داهمتنا عبرها قيم ومعايير وأعراف دخيلة وغريبة لا تمت لديننا واعرافنا وهويتنا الوطنية بأي صلة.
ان الاهتمام بالدراما الاردنية على كافة المستويات ودعمها لتعود وتقوم بدورها الريادي المعروف عنها ليس ترفا، بل هو اولوية قصوى لابراز السردية والهوية الوطنية الذي ننادي به صبحا ومساء.