الجوار والوطن .. أسباب سفر الأردنيين ومقارنة العروض السياحية
المهندس مازن الفرا
09-12-2025 11:50 PM
لا يحتاج المرء إلى كثير من الملاحظة ليرى حجم حركة السفر المتجهة من المواطنين نحو دول الجوار؛ إلى سوريا، مصر، تركيا، وحتى وجهات أخرى أبعد. المشهد واضح: باصات ممتلئة، رحلات طيران متكررة، وعروض سفر تنتشر يومياً على صفحات المكاتب السياحية.
لكن في المقابل، يغيب السؤال الأساسي: لماذا يترك المواطن كل جمال الأردن ليقضي إجازته في الخارج؟
ولماذا لا نقف أمام هذا السؤال بجرأة ونواجه الحقيقة بدل الدوران حولها؟
أولاً:
ما الذي يبحث عنه المسافر؟
وما الذي يفتقده هنا ولا يجده إلا هناك؟
نحتاج الى استبيان، ونحتاج الى بيانات، ونحتاج حتى الى محاولة حقيقية لفهم الدوافع.
وبدون هذا الفهم، سنظل نتحدث عن السياحة الداخلية وكأنها تسير وحدها، بينما المواطن يختار الخارج بثقة وراحة.
الحقيقة أن الأردني يسافر لعدة أسباب؛ بعضها منطقي، وبعضها ناتج عن تكرار التجربة أو العروض المغرية، لكن من غير المقبول أن نبقى بلا إجابات حقيقية.
ثانياً: المقارنة هي التي تحدد ما يجب عمله لتغيير الواقع …
المواطن ليس ناكراً لفضل الوطن، ولا جاحداً لجماله، لكنه ببساطة يقارن.
ويقارن بعينه… بجيبه… وبما يراه على أرض الواقع.
ماذا يرى عندما يقارن؟
• يرى أسعار فنادق في الخارج أقل من أسعار الإقامة في عمّان أو العقبة.
• يرى باقات سياحية جاهزة، منظمة، واضحة، شاملة الطعام والنقل والأنشطة.
• يرى تنوعاً كبيراً في المدن التي يزورها: بحر، جبال، أسواق، آثار، حياة ليلية.
• يرى خدمات ومعاملة وتسهيلات تجعل الرحلة “أسهل”.
• ويرى أن ما يدفعه في الخارج يمنحه “قيمة أعلى” مما يحصل عليه هنا.
هل هو صحيح بالكامل؟ ليس دائماً… لكنه واقع في ذهن المواطن، وهذا يكفي ليغير اتجاه بوصلة السفر.
ثالثاً: ورغم كل شيء… السفر داخل الأردن أسهل وأريح وأقل تكلفة
ورغم المقارنة غير المتوازنة أحياناً، يبقى السفر داخل الأردن:
•أجمل
• أقرب
• أبسط
• أقل عناءً
• ولا يحتاج إلى أوراق أو حدود أو حجوزات معقدة
من جرش وعجلون وإربد ذات الخضرة والمناخ الجميل، إلى البترا ووادي رم والبحر الميت والعقبة، يمتلك الأردن ما يكفي ليكون وجهة تُنافس أي وجهة في المنطقة.
لكن المشكلة ليست في “جمال الأردن”…
بل في “ البنية التحتيه”.
وفي الطريقة التي نقدّم بها السياحة للمواطن.
في الأسعار، في التنسيق، في التنظيم، في الخدمات، وفي غياب سياسة واضحة تستهدف المواطن مثلما تستهدف السائح الأجنبي.
المسألة هي سؤال بسيط وواضح: لماذا لا يشعر المواطن أن الأردن هو خياره الأول للسياحة؟.
إذا أردنا تغيير هذا الواقع، فعلينا أن نصغي أولاً للناس، ونقارن بجرأة، ونعيد تقييم طريقة تقديم السياحة المحلية.
عندها فقط يمكن أن نرى المواطن يختار الوطن، ليس لأن الدول الأخرى ليست جميلة، بل لأن الأردن هو الاجمل والافضل .
وللحديث بقية ..