facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من شُحّ الموارد إلى سيادة القرار .. قراءة فلسفية في التجربة الأردنية


د. بركات النمر العبادي
15-12-2025 02:00 PM

في عالمٍ تُقاس فيه القوة بوفرة الثروات ، يبرز الأردن كاستثناءٍ يحرّض على التفكير، ويكسر معادلات "الامتلاك - الاستقلال". فهل يمكن لدولة تكاد تخلو من الموارد الطبيعية أن تصنع استقلالها السياسي والاقتصادي ؟ يبدو أن الأردن قد أجاب عن هذا السؤال لا بالشعارات ، بل بتجربة حيّة تستحق التأمل.

إن ندرة الموارد ليست مجرّد عائق تقني ، بل هي سؤال وجودي يطرحه الواقع على الدولة : ماذا تفعل حين لا تملك ؟ من تكون حين تُحرم مما لدى الآخرين ؟ وهنا تتجلى عبقرية الخيار الأردني ، إذ تحوّلت الندرة إلى بوصلة ، والمحدودية إلى محفزٍ للابتكار ، فانطلقت الدولة لا لتبكي على فقرها الطبيعي ، بل لتؤسس لفكرة أن السيادة لا تُشترى من الأسواق ، بل تُبنى من الداخل.
الماء : الفلسفة من تحت الصخر

ليس الماء في الأردن مجرّد مورد نادر، بل هو معركة ، فحين يتضاءل نصيب الفرد عن 100 متر مكعب سنويًا ، يتحوّل السؤال من "كيف نحصل على الماء؟" إلى "كيف نبني مجتمعًا يدير النقص بعقلٍ منتج؟". فكان الرد الأردني مشروع "الناقل الوطني" لتحلية مياه البحر الأحمر ، والذي لا يمثّل فقط حلاً هندسيًا ، بل تجسيدًا لفكرة أن الاستقلال يبدأ حين تتجاوز الدولة رد الفعل ، وتدخل في دائرة الفعل الاستراتيجي.

الطاقة : من التبعية إلى المبادرة

أن تستورد أكثر من 90٪ من حاجتك من الطاقة ، فذلك يعني أن قرارك الاقتصادي مقيّد بيد الخارج ، غير أن الأردن لم يستسلم لهذا التحدي البنيوي ، بل اتجه إلى الشمس والريح ، فحوّل صحراءه القاسية إلى محطاتٍ لإنتاج الطاقة النظيفة ، وأنتج أكثر من 20% من كهربائه من مصادر متجددة ، وهذه الخطوة لا تعني فقط تقليل الفاتورة ، بل تحرير القرار ، لأن الطاقة لم تعد سلعة خارجية بل خيارًا سياديًا داخليًا.

الإنسان : المورد الذي لا ينضب

وسط ندرة الجغرافيا ، قرر الأردن أن يستثمر في "الجغرافيا الداخلية" للإنسان : العقل ، والخيال ، والقدرة على الابتكار، فالتعليم وريادة الأعمال لم يكونا مجرد أدوات تنموية ، بل فلسفة وجود ترى في الإنسان موردًا لا تتحكم به تقلبات السوق أو الطبيعة ، وفي ظل تحديات اللجوء والضغط الديموغرافي ، تحوّل العنصر البشري إلى رهان استراتيجي على بناء اقتصاد معرفي حرّ من التبعية.

الاستقلال كحقّ فلسفي للأردنيين

لا ينبغي أن يُختزل استقلال الدول في خرائط أو أعلام ، بل يجب أن يُفهم كحقّ وجودي في أن تختار الشعوب مصيرها ، وتصوغ حاضرها بعيدًا عن الهيمنة ، والأردن ، رغم هشاشة الموارد ، قدّم نموذجًا يعيد تعريف السيادة ليس كاحتكار للثروة ، بل كقدرة على صناعة القرار الحرّ من داخل الهشاشة ذاتها.

بهذا المعنى ، فإن من حق الأردنيين — لا بل من واجبهم التاريخي — أن يطالبوا باقتصاد سيادي مستقل ، لا لأنهم يملكون الأرض والذهب ، بل لأنهم أثبتوا أن أعظم الثروات ليست في باطن الأرض، بل في عمق الإرادة ، ارادة الاردنيين انفسهم .

وخاتما : حين تصبح التحديات مدرسة للاستقلال

إن التجربة الأردنية، بفلسفتها المستترة خلف الأرقام ، تفتح أفقًا جديدًا للتفكير : أن السيادة لا تحتاج إلى النفط ، بل إلى وعي ، وأن الندرة ليست نهاية، بل بداية لحوار عميق بين الدولة ومصيرها ، وفي عالم يعيد تعريف القوة ، ربما يكون الأردن من أكثر الدول التي فهمت أن التحديات ليست نهاية الطريق ، بل بدايته. هذا قدرنا ولسوف نجتاز المرحلة بنجاح ، ما دام ان لدينا قيادة هاشمية نزيهه ، وشعب اردني قادر على التحدي ، وفكرنا محافظ تقدمي .

حمى الله الاردن من كل كريهتا وسدد على طريق الخير خطاه

* حزب المحافظين الاردني





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :