الأردن في مواجهة الارهاب والتطرف ومحاربته
د. فاطمة العقاربة
20-12-2025 04:44 PM
يُعدّ الأردن في طليعة الدول التي تحارب الإرهاب والتطرف ضمن نهج شمولي مستند إلى أبعاد تشريعية وفكرية وأمنية وعسكرية.
وينطلق موقف الأردن من ظاهرةِ الإرهاب والتطرف بشكل أساسي من رسالة القيادة الهاشمية وشرعيّتِها ومن التكوين الثقافي للشعب الأردني الذي يحترم الاعتدال ويرفض التطرف واستخدام الدين والأيديولوجيات لبثّ العنف والكراهية والتحريض على الإرهاب
ان التفريق بين الإرهاب والتطرف هو مسألة جد شائكة , وذلك لشيوع التطرف والإرهاب كوجهين لعملة واحدة , ومع ذلك متفرقة ضرورية, ويمكن رسم أوجه الاختلاف بينهما من خلال النقاط التالية
التطرف يرتبط بالفكر والإرهاب يرتبط بالفعل كيف ذلك ؟
ان التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون ان ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع او الدولة , فالتطرف دائما في دائرة الفكر اما عندما يتحول الفكر المتطرف الى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات او الممتلكات او الأرواح او تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول إلى إرهاب .
التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبر جريمة بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون , فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة والقانونية ومن ثم يصعب تجريمه , فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الاخير لا يعاقب على النوايا والأفكار ,في حين ان السلوك الارهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ون ثم يتم تجريمه .
يختلف التطرف عن الإرهاب أيضا من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر , تكون وسيلة علاجه هو الفكر والحوار اما اذا تحول التطرف الى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر الى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة واسلوبها.
ومن اسبابه ايضاً التعليم والتنشئة الاجتماعية على ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر والتسفيه منه وتراجع التفكير النقدي وانتفاء ثقافة المشاركة. اضافة للخطابات الدينية المتعصبة التي تستند إلى تأويلات وتفسيرات خاطئة، تجانب الفهم الصحيح للإسلام ومجافية لروح الأديان كلها من الحفاظ على القيم الروحية النبيلة التي تعتمد على المحبة والرحمة والتسامح، وتنبذ التعصب والكراهية... يضاف الى ذلك ثلاثية الفقر والأمية والجهل التي تدفع الشخص إلى الانسياق وراء خطاب ديني مشوّه وفتاوى وتأويلات مغلوطة، وآراء ضيقة الأفق، ومناخ معادٍ لثقافة الاختلاف، وفي أحيان كثيرة تكون "المرأة" في مقدمة ضحايا التطرف نتيجة لتعثر مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات العربية.
وبعد هذه المقد مه نستطيع القول ان التطرف هنا ينقلب الى ارهاب اذا لم يتم احتواءه بطرق علميه وفكريه توضح،مبادئى هذه الحركات التي من بدا يتها والا قد ينقلب ارهاب واستبداد لا يحمد عقباه.
ويزيد الشعور بالقهر نتيجة المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية تجاه قضايا العرب والمسلمين، والتي يأتي في مقدمتها استمرار القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي العربية والاندفاع نحو الحلول المتطرفة خاصة في ظل تنامي دور قوى فاعلة، سواء كانت دولاً وجماعات في إذكاء التطرف...وامام غياب قادة ورموز الفكر القادرين على مواصلة مسيرة سابقيهم من رواد النهضة والتنوير في العالم العربي، والذين قدموا اجتهادات ملهمة نجحت في المزج بين الأصالة والمعاصرة وتحديث بنية المجتمعات العربية تراجع تيار التحديث وتصاعد خطابات متزمتة فكريًّا، متطرفة دينيًّا، سلطوية سياسيًّا، منغلقة اجتماعيًّا. ويضاف الى كل هذه المعطيات الآثار السلبية للموروثات والعادات الاجتماعية والقيم الثقافية التي أنتجت تشوهات ثقافية واجتماعية وانتشار العديد من المنابر الإعلامية المحلية، والإقليمية التي تبث رسائل تحض على التطرف والكراهية، وتسيء إلى وسطية الفكر الديني المعتدل. ويعمل الأردن مع المجتمع الدولي لصياغة نهج شمولي للتعامل مع خطر الإرهاب، الذي لم يعد مجرّدَ تحدٍّ يواجه دولةً أو منطقةً أو مكوناً بعينِه، بل هو استهدافٌ يصل درجةَ التهديد، ويطال المجتمعَ الدولي بأسره. كما أن أكثر ضحايا الإرهاب هم المسلمين أنفسهم، فهذا الوباء لا يميّز بين ملّة وأخرى أو عرْق وآخر، بل يسعى لتفتيت المجتمعات، ويجد بيئته الحاضنة في الخراب والتهجير وفي الترويع والقتل والاحتلال. ويؤكد الأردن ضرورةَ الامتثال والتطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، والتي من أهمها القرارات ذوات الأرقام: 1267، 1989، 2253، 1373 والقرارات الأخرى ذات الصلة التي تستهدف تجفيف منابع الإرهاب، وتأطير عملية إدراج المجموعات الإرهابية والأفراد ضمن قوائم الأمم المتحدة للعقوبات .