الهيئات الثقافية .. سيادة الشخصنة والمصالح الضيقة وغياب عدالة الدعم وفقر التطوير
د.بكر خازر المجالي
21-12-2025 11:13 AM
ملف الهيئات الثقافية هو على مكتب رئيس الوزراء ، حسب آخر الاخبار ، وأن هناك اجتماعا عقدته الهيئات الثقافية في نهاية عام 2024 ومن مخرجاته المفترضة ان يتم رفع تقرير واضح عن الواقع والمتطلبات ، ولكن هذا لم يحصل ، والسؤال من وراء الصمت لسنة ومن يتابع هذا الملف .
الهيئات الثقافية الاردنية تعمل وفق برامج خاصة في كل هيئة ، ولا يوجد أدنى تنسيق ، وأيضا تغيب الرقابة ولا يوجد تدقيق في عضوية منتسبيها ، ولا في توجهاتها ، وكل انشطة الهيئات الثقافية هي في اغلبها دواوين الشعر والاحتفال الذي لا اعرف ما معناه باشهار هذا الديوان وذاك ، ويبدأ المعقبون والمحللون بتناول ديوان الشعر هذا بكلمات نعجز أن نصف فيها ديوان الفرزدق أو المتنبي ، والاشادة بجزالة اللفظ والانسيابية ، وكذا القصة والرواية .
هناك نسبة ضئيلة ترقى الى مستوى الموهبة الواعدة ، لكن المهم من الشخص ؟ وغير ذلك .
ولا يمكن ان نتجاهل كوكبة من الادباء والشعراء والناقدين هم في الساحة الثقافية وهذه المجموعة مشتتة بين الهيئات الثقافية دون معايير معينة ، وكثير منهم يختار الانتقال من هيئة ثقافية ذات مستوى ضعيف الى ما هو افضل وأقوى ، ولكن دون متابعة من الوزارة المعنية ودون التدخل في التخطيط الثقافي ومحاولة رفع المستوى للمثقفين .
ونعود الى ملف الهيئات الثقافية ، وأنطلق من مشاهداتي وتجربتي ، واجتماعات مع مسؤولي الثقافة او حتى في اتحاد الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية التي تتولى ملف الهيئات في المملكة، ولكن أجد اننا أمام هذه الحقائق:
الحقيقة الاولى : هي ان الوزارة المعنية او هذه الهيئة لا يمكن أن يقدموا أو يؤخروا شيئا في سبيل ما يمكن من تصحيح او تطوير .
والحقيقة الثانية : عند توصيل رسائل حول الوضع لهيئة ثقافية معينة ، لا تجاوب او متابعة مطلقا بل ترك الحبل على غاربه ليتصرف المستفيدون كيفما شاؤوا .
الحقيقة الثالثة : لا يوجد قانون او تعليمات موحدة للهيئات الثقافية مطلقا ، ونرى الفوضى في التنفيذ والتطبيق ضاربا أطنابه في بعض الهيئات .
الحقيقة الرابعة : لا قيمة للمستوى الثقافي ، بل نرى ان هناك من يكون في مستوى عال من الثقافة ويقبل ان يكون في كنف مستويات ثقافية متدنية من اجل مصلحة خاصة .
والحقيقة الخامسة : اعضاء الهيئات الثقافية في معظمهم يكتفي بأن يحقق أدنى الموافقة على القبول ثم الى هنا يتوقف العطاء ، بمعنى تخلو التعليمات من شرط أن يكون هناك انتاج ثقافي لمرتين سنويا والمساهمة في الفعل الثقافي مثلا ، ويكتفي المقبول في هذه الحالة أن يكون فقط صوتا عند الانتخابات ولا يعرف الا من قبلوه واحتووه .
والحقيقة السادسة: نرى ان هناك تشابه كبير بين عدد من الهيئات الثقافية ونلاحظ نفس الانشطة ، ولكن هل هناك عدالة في الدعم السنوي مثلا بينها ؟ كيف نفسر ان ذات الهيئات المتشابهة نجد فرقا في الدعم بينها قد يصل الى عشرين ضعفا ؟.
والحقيقة السابعة : لم نسمع ان لدى اي هيئة ثقافية خطة للتطوير العام او لتطوير المستوى الثقافي للافراد .
والحقيقة الثامنة : ان المزاجية والفردية وغياب العقلانية نراه في النظام الداخلي لهيئتين ثقافيتين اردنيتين ، ويوجد نص في كليهما ان من شروط العضوية ان لا يكون المتقدم عضوا في الهيئة الاخرى مطلقا ، هذا على الساحة الاردنية وهنا ما التناقض هذا وكأننا في دولتين مختلفتين عقائديا ؟؟؟ .
والحقيقة التاسعة : هو عجز الدولة عن معالجة الاختلال الثقافي الناجم عن وجود رابطة الكتاب واتحاد الكتاب ، والسؤال ما الفرق بينهما ، ولماذا وجدا بهذه الطريقة ؟ مستذكرين فرض الاحكام العرفية التي قامت بتجميد الرابطة " وهي الاصل " حتى عام 1989 حين الغيت الاحكام العرفية وعادت الرابطة الى الوجود ، وفي غياب الرابطة نشأ اتحاد الكتاب لسد الفراغ ، ولكن بعودة الرابطة زالت اسباب استمرار الاتحاد ،،، والان تستأثر الرابطة والاتحاد بأكثر من 80% من الدعم المخصص للهيئات الثقافية سنويا وهذا تشتت في الدعم وضعف في التركيز على التطوير الثقافي .
والحقيقة العاشرة : لا توجد مواقف ناصحة او مرشدة تدعو لتنظيم الساحة الثقافية مطلقا بل هناك بعد عن التدخل بل ايضا هناك الكجاملات والمشاركة في انشطة ثقافية سطحية في لغلبها .
والحقيقة 11 : سيخرج نفر يناقض هذا الكلام ويدعي ان الانشطة كبيرة ومتنوعة ؟؟؟؟؟
وماذا نتوقع من وزارة الثقافة اذا كانت هناك نوايا لتصحيح المسار الثقافي :
مثلا نتوقع ضبط الايقاع الثقافي من خلال التعامل مع الهيئات الثقافية على قدم المساواة في الدعم والتواصل .
تصحيح الخلل بوجود الرابطة والاتحاد وتركيز الدعم من جديد بل بحل الهيئتين ومن ثم من خلال لجنة ثقافية بمستوى جيد ان تعيد تسجيل الاعضاء الجدد .
تشكيل لجنة محايدة للاستماع الى واقع الرابطة والاتحاد والخروج باستنتاجات واضحة وتنفيذ توصيات واقعية .
التواصل مع الهيئات الثقافية الاخرى بموضوعية والوقوف على انشطتها وادوارها .
وهل يمكن فعلا التقليل من عدد الهيئات الثقافية وفقا لنشاطها وضرورة وجودها واعداد استراتيجية ثقافية للهيئات لتلتقي مع الاهداف الوطنية .
هل يمكن ادراك ان الساحة الثقافية مخترقة ومن الواجب تنقيتها .
من الطبيعي ادراك ان كل متخندق في مكانه لا يقبل التغيير مطلقا ، ومن يعتقد ان هناك من يتفق من اجل المصلحة الوطنية العامة فهو واهم ، والقرار يجب أن يكون مركزيا وتنظيم الساحة وايجاد القانون او التعليمات الصحيحة .