facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطورة تعديل قانون الضمان الاجتماعي: عندما تُدار الإصلاحات على حساب العدالة والثقة


عيسى عبدالرحيم الحياري
23-12-2025 04:11 PM

يمثّل قانون الضمان الاجتماعي أحد أعمدة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وهو ليس مجرد منظومة اشتراكات ومنافع، بل "عقد ثقة طويل الأمد" بين الدولة والمواطن. لذلك فإن أي تعديل يطرأ عليه يجب أن يُقاس بمدى حفاظه على "الحقوق المكتسبة"، لا بقدرته فقط على معالجة اختلالات مالية آنية.

أولًا: أخطاء الماضي… من يدفع ثمنها اليوم؟

لا يمكن القفز فوق حقيقة أن بعض الإشكالات المالية التي يواجهها الضمان اليوم تعود إلى سياسات سابقة، من أبرزها:

ـ إقرار رواتب تقاعدية مرتفعة لا تتناسب مع حجم الاشتراكات الفعلية
ـ السماح بشراء سنوات خدمة وفق شروط القانون القديم
ـ غياب سقوف عادلة لبعض المنافع

هذه الالتزامات تشكّلت عبر سنوات، ولا يجوز تحميل كلفتها للمشتركين الحاليين الذين التزموا بالقانون القائم وساهموا وفق قواعد واضحة.

ثانيًا: التعديلات السابقة أضرّت بالمنشآت ونفّرت المواطنين

شهدت منظومة الضمان تعديلات متكررة على نسب الاشتراكات، ما أدى إلى:

ـ رفع كلفة التشغيل على المنشآت، خاصة الصغيرة والمتوسطة
ـ إضعاف القدرة التنافسية للقطاع الخاص
ـ تراجع الحافز لدى بعض المواطنين، خصوصًا الشباب، للاشتراك نتيجة ارتفاع الاقتطاعات مقابل ضبابية المنافع المستقبلية

وهنا يظهر الخلل الجوهري:
بدل أن يكون الضمان مظلة أمان وجذب، تحوّل في نظر كثيرين إلى "التزام مالي ثقيل"، الأمر الذي يهدد استدامته بدل تعزيزها.

ثالثًا: تأمين الأمومة… مثال صارخ على غياب العدالة

من أكثر النقاط إثارة للجدل فرض تأمين الأمومة على منشآت تخلو بالكامل من العاملات الإناث.
هذا الإجراء:

ـ يُحمّل منشآت ومشتركين كلفة منفعة لن يستفيدوا منها إطلاقًا
ـ يتعارض مع مبدأ العدالة التأمينية القائم على التناسب بين الاشتراك والمنفعة
ـ يخلق شعورًا بالظلم لدى أصحاب العمل والمشتركين على حد سواء

فالتكافل الاجتماعي لا يعني تعميم العبء دون تمييز ، بل يفترض توزيعًا عادلًا ومدروسًا، لا أن يتحول إلى اقتطاع إجباري بلا مقابل فعلي.

رابعًا: التقاعد المبكر حق مكتسب لا يجوز المساس به

يُقدَّم التقاعد المبكر في النقاشات العامة على أنه عبء مالي، بينما الحقيقة أنه:

ـ حق قانوني بُنيت عليه قرارات المشتركين المهنية
ـ دُفعت الاشتراكات على أساسه
ـ يشكّل أداة مهمة لإعادة التوازن الوظيفي في سوق العمل

المساس بهذا الحق للمشتركين الحاليين يُعد إخلالًا بمبدأ الأمان القانوني، ويقوّض الثقة في استقرار التشريعات، وهي ثقة لا تُعوّض بسهولة.

خامسًا: الإصلاح الحقيقي لا يكون بتحميل فئة واحدة العبء

أي إصلاح جاد لمنظومة الضمان يجب أن ينطلق من:

ـ الفصل الواضح بين أخطاء الماضي وحقوق الحاضر

ـ إعادة النظر في بعض التأمينات المفروضة دون عدالة
ـ توسيع قاعدة المشتركين بدل زيادة نسب الاقتطاع
ـ تعزيز الشفافية في إدارة الأموال والاستثمارات

فالإصلاح الذي يقوم على تقليص الحقوق أو فرض أعباء غير عادلة قد ينجح ماليًا على المدى القصير، لكنه يُلحق ضررًا طويل الأمد بالثقة العامة.


الضمان الاجتماعي ليس ملفًا ماليًا فحسب، بل هو شعور بالأمان ، وأي تعديل لا يحترم الحقوق المكتسبة، ولا يعالج اختلالات الماضي بعدالة، ولا يراعي الفروق الحقيقية بين المشتركين والمنشآت، يهدد جوهر النظام بدل إنقاذه.

الاستدامة المالية لا تتحقق بإضعاف الثقة، بل ببناء منظومة عادلة، شفافة، ومتوازنة، تحفظ التقاعد المبكر كحق، وتعيد النظر في التأمينات المفروضة بما ينسجم مع العدالة والمنطق الاقتصادي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :