facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأحزاب بين الواقع والطموح


د. محمد بزبز الحياري
23-12-2025 08:41 PM

ينطبق ما سيرد في هذا المقال على معظم الأحزاب الأردنية، مع وجود استثناءات محدودة. وقد استندت في صياغة هذه القراءة إلى آراء ونقاشات مع أكثر من خمسين شخصية سياسية وحزبية وغير حزبية، من مختلف الأعمار والخلفيات العلمية والمهنية، إضافة إلى الخبرة الشخصية كعضو مؤسس وعضو مكتب سياسي سابق في أحد الأحزاب.

كما يأتي هذا المقال استكمالًا لمقالات سابقة تناولت فيها مسار التحديث السياسي والحياة الحزبية، منذ إقرار التعديلات الدستورية وحتى خوض الأحزاب تجربتها الانتخابية الأولى، وأطلقنا عليها مسمى "التمرين الأول"..

كان من المأمول أن تشكل الانتخابات الأخيرة نقطة تحوّل حقيقية في مسار الحياة الحزبية، بعد سنوات من التهيئة الدستورية والسياسية، وفتح المجال أمام الأحزاب للعمل بحرية ومسؤولية ضمن قواعد واضحة للعلاقة بينها وبين الدولة والمجتمع.

إلا أن القراءة الموضوعية لما تحقق حتى الآن تشير إلى أن النتائج جاءت أقل من مستوى الطموحات المعلنة، سواء على صعيد الحضور الشعبي، أو التأثير السياسي، أو بناء الثقة مع الشارع.

فقد بدا أن عددًا كبيرًا من الأحزاب ما زال يتحرك ضمن أطر نخبوية ضيقة، ولم ينجح بعد في بناء قنوات تواصل فعالة مع المجتمع، أو في توسيع قاعدته الشعبية بشكل ملموس. كما أن العلاقة مع الهيئات العامة داخل معظم الأحزاب لا تزال بحاجة إلى تطوير حقيقي، يعزز المشاركة الداخلية، ويحوّل العضوية من إطار شكلي إلى فعل سياسي مؤثر.

ورغم ما توفر من تسهيلات ودعم وتشجيع رسمي وإعلامي من أعلى المستويات وبرؤية ملكية تقدمية، لم تتمكن الأحزاب من اختراق الفجوة التاريخية القائمة بينها وبين المواطن، أو من تقديم نفسها كخيار سياسي مقنع قادر على التعبير عن هموم الناس اليومية وتطلعاتهم.

أما على مستوى البرامج، فتتشابه في كثير من الأحيان الشعارات والخطابات العامة حول الديمقراطية، والتنمية، والإصلاح الاقتصادي، دون أن يرافق ذلك تفصيل كافٍ للآليات التنفيذية، أو توضيح للهامش الواقعي المتاح للتطبيق. وقد انعكس ذلك خلال الحملات الانتخابية، حيث لم تجد هذه البرامج صدى واسعًا لدى جمهور بات أكثر وعيًا وتساؤلًا.

كما برزت تحديات تنظيمية داخل غالبية الأحزاب، من بينها مركزية القرار، وارتباط الحزب بشخصيات بعينها، ما أضعف العمل المؤسسي ورسّخ انطباعات سلبية لدى الرأي العام، وتحتاج الأحزاب إلى معالجتها بجدية وشفافية.

وفي سياق محاولة التواصل مع المجتمع، لجأت بعض الأحزاب إلى الاعتماد على الأطر الاجتماعية والعشائرية، بوصفها أدوات أكثر قربًا من المزاج العام، وهو ما يعكس إدراكًا لواقع المجتمع، لكنه يفتح في الوقت نفسه نقاشًا حول كيفية الموائمة بين العمل الحزبي كما يجب ان يكون وما بين الخصوصية الاجتماعية.

الآن وبعد أكثر من عام على التمرين الانتخابي الأول، تبدو الحاجة ملحّة لوقفة تقييم جادة، تراجع فيها الأحزاب تجربتها، وتعيد النظر في أدواتها وخطابها وتنظيمها الداخلي، بعيدًا عن الشكلية، وبما يعزز الثقة مع الشارع.

وفي هذا الإطار، قد يكون من المفيد التفكير بعقد مؤتمر وطني حول الحياة الحزبية، بمشاركة جميع الأحزاب والجهات المعنية كوزارة التنمية السياسية والهيئة المستقلة للانتخاب، لتبادل الخبرات، وتقييم المسار وتصحيحه، والخروج بتوصيات عملية تسهم في تطوير التجربة وتعميقها.

فنجاح مشروع التحديث السياسي لا يقوم على التشريعات وحدها، بل على أحزاب قادرة على الإقناع، والتجذر في المجتمع، وتحويل البرامج إلى ممارسات واقعية يلمس المواطن أثرها في حياته اليومية.

وللحديث بقية..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :