* قرار سياسي من أجل أمن الطاقة والبيئة

* كيف يمكن تدفئة المدن دون حرق المستقبل؟

مقدمة
في ظل التحديات البيئية المتزايدة والحاجة الملحة للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، برزت أفكار مبتكرة لتحقيق أمن الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية. من بين هذه الأفكار، إعادة استخدام الحرارة الناتجة عن مراكز البيانات لتدفئة المنازل، وهو ما يعتبر قرارًا سياسيًا ذا أبعاد استراتيجية تجمع بين حماية البيئة وجذب الاستثمارات التقنية العالمية.

مراكز البيانات: مصدر حرارة مهدور
تستهلك مراكز البيانات كميات ضخمة من الطاقة الكهربائية لتشغيل الخوادم وتبريدها. وكنتيجة طبيعية، تنتج كمية هائلة من الحرارة، غالبًا ما تُبدد في الهواء دون استفادة منها. في معظم دول العالم، تُعتبر هذه الحرارة طاقة ضائعة، رغم إمكان تحويلها إلى مصدر تدفئة نظيف وفعال.

التجربة الفنلندية: نموذج يحتذى به
أظهرت فنلندا ريادة في هذا المجال عبر ربط حرارة مراكز البيانات بشبكات التدفئة المركزية، حيث تنتقل الحرارة المتولدة من الخوادم عبر أنابيب إلى المنازل والمباني، مما يقلل الحاجة لحرق الوقود الأحفوري ويوفر مصدر تدفئة منخفض الانبعاثات. هذا النموذج يمكن أن يكون مصدر إلهام للعديد من الدول الراغبة في تحقيق أمن الطاقة والاستدامة.

الأبعاد السياسية والاقتصادية للقرار
يعد اتخاذ قرار سياسي لنقل التجربة الفنلندية ولدعم هذه المبادرة في الاردن خطوة استراتيجية، فهو يدعم سياسات خفض الانبعاثات الكربونية ويعزز استقلالية المدن والدول في مجال الطاقة. كما أنه يشكل عنصر جذب لمراكز البيانات العالمية لتأسيس مقراتها في الدول التي توفر بيئة تشريعية وبنية تحتية تدعم إعادة تدوير الحرارة، ما ينعكس على الاقتصاد الوطني بنمو الاستثمارات وخلق وظائف جديدة في قطاع التقنية والطاقة النظيفة. و اقصد ان يغادر فريق فني للتعلم و التعرف على التجرية و نقلها الى الاردن لحل مشكلة التدفئة عوضا عن تبديد حرارة الخوادم.

الفوائد البيئية والاجتماعية
· خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وبالتالي تقليل الانبعاثات الضارة.

· توفير مصدر تدفئة مستدام وفعال للمنازل.

· تحسين جودة الهواء في المدن وتقليل التلوث.

· تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاستدامة والتقنيات الخضراء.

كيفية تدفئة المدن دون "حرق المستقبل"
من خلال تبني سياسات ذكية لإعادة استخدام حرارة مراكز البيانات وربطها بشبكات التدفئة، يمكن للمدن توفير الدفء لسكانها دون اللجوء إلى مصادر الطاقة التقليدية الملوثة. ذلك يتطلب:

1. تطوير البنية التحتية لشبكات التدفئة المركزية.

2. سن تشريعات تحفز الشركات على الاستثمار في إعادة استخدام الحرارة.

3. تقديم حوافز ضريبية لمراكز البيانات التي تساهم في تدفئة المنازل.

4. تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع تنفيذ المشاريع.

الخلاصة
إن تحويل الإنترنت إلى مصدر للدفء من خلال استغلال حرارة مراكز البيانات يفتح آفاقًا جديدة لتحقيق أمن الطاقة وحماية البيئة، ويشكل نموذجًا للتكامل بين التقنية والاستدامة.

واقصد على صناع القرار في الاردن تبني هذه الرؤية وتحويلها إلى واقع، وتشكيل لجنة بالتعاون مع نقابة المهندسين لزيارة فنلندا والتعلم من تجربتها ، ويشرفني تراس تلك اللجنة بما يحقق للأردن فرصة كبيرة لخفض التكاليف لاستخدام وقود وليبقى مستقبل المدن الأردنية دافئًا دون حرق موارد الكوكب.

Aftoukan@hotmail.com