حين يصبح القلم واجبًا وطنيًا
محمد مطلب المجالي
27-12-2025 11:15 AM
في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات المشبوهة، وتتعالى فيه محاولات التشويش وبثّ الشكوك، لم يعد الصمت فضيلة، ولم يعد الحياد مقبولًا حين يكون الوطن مستهدفًا. فثمة من يحرّك أدواته من خارج الحدود، ويضع العصي في الدواليب، ويشعل الناس بقضايا لا تجلب إلا الخراب، ولا تسوق إلا الفتن والعبث، في محاولة يائسة للنيل من استقرار الوطن وتشويه صورته.
من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى تشكيل مجموعة واعية من الكتّاب والصحفيين وأصحاب الكلمة الصادقة، ومن في قلوبهم غيرة حقيقية على هذا الوطن، ليتصدّوا لهؤلاء المبطلين بالحجّة والبيّنة، لا بالصراخ ولا بالانفعال، بل بالعقل، وبالوعي، وبالانحياز المطلق للحقيقة.
إن الردّ على الأكاذيب لا يكون بتكرارها، بل بتفكيكها، وكشف خلفياتها، وفضح غاياتها، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. فالوطن أسمى من أن يُتّهم، وأقدس من أن يُهان، وهو أكبر من حملات التشويه مهما اشتدّ ضجيجها أو تنوّعت أدواتها.
لقد أثبتت التجارب أن هذا الوطن، بحكمة قيادته، ووعي أبنائه، وصلابة مؤسساته، عصيّ على الانكسار، ومحصّن ضد العبث، وأن كل محاولات النيل منه ستتكسر على صخرة وعي الأردنيين الذين يدركون جيدًا أن الاختلاف حق، لكن الفتنة خيانة، وأن النقد البناء مطلوب، أما التحريض والتشكيك فطريقهما الخراب.
إننا بحاجة إلى جبهة وعي لا تعرف التردد، وإلى أقلام لا تساوم، وإلى خطاب مسؤول يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويُدرك أن الدفاع عن الأردن ليس ترفًا فكريًا، بل واجب أخلاقي ووطني.
فليكن القلم درعًا، والكلمة سلاحًا شريفًا، والحقيقة راية لا تنكس، ولنبقَ كما كنّا دائمًا: أبناء وطن يعرف طريقه، ويثق بقيادته، ويحصّن نفسه بوعي أبنائه قبل أي شيء آخر.