ما تبقّى منّا بعد عامٍ ثقيل
رنا حداد
30-12-2025 12:13 AM
عام يطوي صفحته الأخيرة، لا بضجيج النهايات، بل بهدوء الذين تعبوا بما يكفي.
نصل إليه ونحن لسنا النسخة ذاتها التي بدأنا بها.
شيء ما انكسر في الطريق، وشيء آخر تعلّم كيف يتكيّف.
مررنا بأيام لم نملك فيها رفاهية الشرح،
وبليالٍ اكتفينا فيها بالصمت كأنه اللغة الوحيدة الممكنة في قلوبنا وعلى شفاهنا.
خسرنا أشخاصًا، وخسرنا فكرة «كما كان من قبل»،
وتعلّمنا أن بعض الغياب لا يُعوَّض،
بل يُتعايش معه.
وربما لكلٍّ منا خسارته الخاصة هذا العام، تلك التي لا تُقال كاملة، لكنها تسكن الجسد والذاكرة.
ومع ذلك لم تتوقّف الحياة.
كانت تستيقظ كل صباح بلا اعتذار، وتطلب منا – بلطفٍ قاسٍ أحيانًا – أن نواصل.
لسنا مطالبين بأن نكون أقوياء طوال الوقت.
ولا بأن نفهم كل ما حدث لنا.
هناك حكمة خفيّة في التراخي المؤقّت،
في أن نميل قليلًا على كتف الأيام ونسمح لها أن تسندنا.
ليس كل جرح بحاجة إلى تفسير، ولا كل مرحلة تحتاج خلاصة.
أحيانًا، يكفي أن نكون هنا، أن ننجو من يومٍ إلى آخر، أن نحافظ على نبضنا وسط كل هذا الثقل.
فتعبنا لم يكن شعورًا عابرًا، بل ثقلًا في الأكتاف، وبطئًا في الخطوة، ونفسًا نعدّه قبل أن نكمله.
قد يبدو الطريق ضبابيًا الآن، لكن ما عبرته لم يذهب سدى.
كل تجربة، حتى القاسية منها، وسّعت قلبك، وأعادت ترتيب داخلك بطريقة لن تراها فورًا.
نهاية العام ليست حكمًا، هي وقفة قصيرة فقط.
تذكير هادئ بأنك ما زلت تمشي، وأن النفس الذي في صدرك يعني أن الحكاية لم تُغلق بعد.
أنت هنا، وهذا، وحده، كافٍ الآن.
"الدستور"