تُعد حمامات ماعين من أجمل المواقع الطبيعية في الأردن، بل ومن أكثرها تفرّدًا على مستوى المنطقة. شلالات مياه ساخنة تنهمر بين الجبال، طبيعة خلّابة، ومناخ قاري فريد يجعل المكان مقصدًا مثاليًا، لا سيما في فصل الشتاء. مشهد طبيعي يضاهي شلالات أوروبا، إن لم يكن الأجمل ، ومع ذلك ما زال هذا الكنز السياحي بعيدًا عن المكانة التي يستحقها.

يبقى السؤال المشروع: لماذا لم تأخذ شلالات ماعين حقها من الرعاية والاهتمام؟
ولماذا لا يُنظر إليها كمعلم سياحي وطني واعد يستحق جلّ الاهتمام، ويُدرج ضمن أولويات التطوير السياحي في الأردن؟

لو كانت شلالات ماعين في دولة أخرى، لكانت اليوم مزارًا سياحيًا عالميًا، تتصدر صورها الحملات الترويجية الدولية، وتُدرج ضمن برامج السياحة الشتوية والعلاجية، وتحيط بها بنية تحتية متكاملة من طرق آمنة، وخدمات متطورة، وتجارب سياحية متكاملة.

لكن الواقع مختلف؛ إذ يعاني الموقع من نقص واضح في البنية التحتية والخدمات الأساسية التي يحتاجها السائح، إضافة إلى ضعف التنظيم ومحدودية الاستثمار.

بالصدفة، جمعني مؤخراً لقاء مع أحد البلوغرز المشهورين في دولة خليجية ، والذي يتابعه عدة ملايين، سألته عن رأيه في الأردن، فجاءت إجابته صريحة وبسيطة:

الأردن جميلة جدًا، كل شيء فيها جميل، أمن وأمان ،طبيعة خلابة وطقس قاري فريد ، لكن تنقصه الاستثمارات وتطوير البنية التحتية للمواقع السياحية الكثيرة التي تتميز بها.

وضرب مثالًا مباشرًا بحمامات ماعين، مؤكدًا أنها من أجمل الأماكن التي زارها، لكنها تفتقر إلى العديد من الخدمات التي يتوقعها السائح.

هذه الشهادة الصادقة، القادمة من زائر عربي محب للأردن وصاحب تأثير واسع، تعكس حقيقة نعرفها جميعًا: المقومات الطبيعية موجودة، لكن التجربة السياحية غير مكتملة.

إن تطوير شلالات ماعين تحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة جادة. تطوير البنية التحتية، تحسين الطرق والخدمات، تنظيم الموقع بيئيًا، تشجيع الاستثمارات السياحية النوعية، وإدماج ماعين ضمن برامج السياحة الشتوية والعلاجية، كفيل بتحويل هذا المكان إلى قصة نجاح وطنية حقيقية.

شلالات ماعين هي ثروة سياحية واقتصادية واعدة قادرة على جذب السياحة العربية والأجنبية، وخلق فرص عمل، وتعزيز صورة الأردن كوجهة سياحية متميزة على مدار العام.

ماعين تحتاج الى قرارًا جريئًا يضعها في مكانها الصحيح.

وللحديث بقية ..