البحرين : ملك يقيم بين وسطية الأجيال .. د. مهند مبيضين
24-09-2011 02:04 PM
سواء في المنامة أو المحرق أو ضاحية السيف حيث المشاريع العمرانية الكبرى أو حتى في سوق البلد القديم، وبنظرة محايدة، يبدو للزائر لأول مرة أن البحرين أكبر من صورتها على الخارطة، وأفضل حالا مما يصورها الإعلام، الاستقرار بادٍ، والنشاط الاقتصادي حر، وحركة العمران الناهضة بالعاصمة لتكون مدينة "كزموبولتيه" يبدو أنها تسير بخطى واثقة للأمام.
في أوساط النخبة، حين يكون الحديث للمقارنات هناك شعور بعلاقات وطيدة مع الأردن والبحرين، وهناك وعي بين العامة بأن المطلوب هو الاستقرار، وهناك أصوات ترى أن لها الحق بما تطالب به.
في البحرين البلد الوحيد خليجيا الذي تسمع يه معارضة للحكم، يمكن أن تتحول الحرية وهوامشها لنقطة قوة تدفع الدولة لتكون نموذجا ديمقراطيا في المنطقة، وقد أنجز الكثير في عهد الملك حمد من متطلبات الدرس الإصلاحي. وفي أوساط الشباب هناك حب كبير لولي العهد، وفي مجالس الكبار تجد تقديرا لرئيس الحكومة، لذا تجتمع في الشوارع وصالات مطار المنامة الوجوه الثلاثة في الحكم بصورة واحدة.
وفي واقع الحياة السياسية يقف الملك حمد وسطا عقلانيا بين جيلين من الشعب وأهل الحكم الذين يتضح جليا أنهم برغم كل ما حصل ينزعون في إدارة ملفاتهم للعقل أكثر من القلب. فكيف هي الصورة عشية الانتخابات التكميلية التي تجري اليوم السبت.
استباق المقاطعة بالتعويض والدعوة للمشاركة
استبق عاهل البحرين الانتخابات التكميلية التي تجري اليوم السبت بالتوقيع على مجموعة مراسيم قوانين مهمة وصفت بأنها لتعزيز حالة الإصلاح والدفع بالحوار الوطني البحريني للأفضل، هذه القوانين تستهدف عدة غايات منها الخروج من حالة التوتر والاحتقان التي ولدتها احدث ما بعد دوار اللؤلؤة ومعالجة الفراغ البرلماني عقب استقالة نواب حركة الوفاق من البرلمان البحريني ومن بينها قانون تعديل قانون الميزانية العامة للدولة لعامي 2011/2012 وفتح اعتماد إضافي بها إذ نص هذا القانون على زيادة تقديرات إيرادات الدولة في الميزانية بمبلغ 182,5 مليون دينار.
والقانون الثاني ينص على إنشاء الصندوق الوطني لتعويض المتضررين ويستفيد من تعويضاته المتضررون من أحداث دوار اللؤلؤة سواء أكانت هذه الأضرار مادية أم معنوية أم جسدية. كما يستفيد بتعويضاته أيضا: المواطنون المدنيون ورجال الأمن والمجنى عليها وغيرهم، من خلال أحكام قضائية نهائية تدين مسبب الضرر.
وفي تفاصيل مرسوم التعويض أنه يُنشأ صندوق يسمى (الصندوق الوطني لتعويض المتضررين) والذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، ويتبع الوزير المختص بحقوق الانسان والتنمية الاجتماعية أو الوزير الذي يصدر بتحديده مرسوم، ويهدف الصندوق إلى المساعدة في توفير تعويضات فعالة للمتضررين المنتفعين بأحكامه إعمالاً للمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسمية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والصادر بها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحددت المادة الثالثة من المرسوم الأشخاص المتضررون الذين يجوز لهم اللجوء إلى الصندوق للمساعدة في الحصول على التعويض نتيجة للأحداث العنيفة التي وقعت خلال شهري فبراير ومارس عام 2011 بمملكة البحرين أو نتيجة لحوادث عنيفة مماثلة من ذات الطبيعة حدثت بعد هذا التاريخ. وتشمل فئات المتضررين المجني عليهم، وأقاربهم حتى الدرجة الرابعة أو من يعولونهم، ولا يجوز لغير تلك الفئات اللجوء إلى الصندوق بطلب التعويض.
إكمال الصورة الديمقراطية
في شارع الملك عبد الله الثاني بن الحسين وشارع الملك محمد السادس ومختلف الشوارع الأخرى، تنتشر لوحات إعلانية مكتب عليها :"بأيدك انكمل الصورة" ووهي دعوة للموطنيين لذهاب لصناديق الإقتراع، وفي بقيت اللوحات الإعلانية تنتشر شعارات المرشحين للمقاعد الشاغرة، ويلاحظ المار أن هاجس الهوية والوحدة ونبذ الفرقة وتعميق الإحساس بالوطن وترسيخ المواطنة والتي غلفت الشعارات الانتخابية بشكل واضح ومن هذه الشعارات" "الوطن أولا" للمرشح عبد الرحيم الكوهجي عن الدائرة الخامسة في محافظة العاصمة، وشعار "شعب البحرين شعب واحد لا شعبين" للمرشح محمد الحواج، وشعار "وطن ومواطن" وشعار "لا للكراهية لا للطائفية".
وتجري الانتخابات التكميلية التي تجري اليوم السبت في 14 دائرة انتخابية في البحرين من أصل 18 دائرة انسحب مرشحوها من المجلس النيابي على اثر الأحداث التي جرت في البحرين في شهر فبراير الماضي.
وسبق الانتخابات فوز أربعة مرشحين بالتزكية عقب انسحاب منافسيهم من المعركة الانتخابية وسيتنافس 64 مرشحا على باقي الدوائر الانتخابية الـ 14.
مصادر رسمية بينت "للدستور" أن الكتلة الانتخابية في هذه الدوائر تقدر بحوالي 187 ألف ناخب يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات وتتوزع الدوائر الـ 14 على ثلاث محافظات من أصل خمس محافظات في البحرين. كانت انتخبت مجلس النواب الحالي في شهر أكتوبر من العام الماضي وهو يضم 40 نائبا يمثلون 40 دائرة انتخابية.
تعكير للأجواء
في موازاة الجهد الحكومي المتعقل لاجراء الانتخابات، استبقت قوى المعارضة بالدعوة لرفض الانتخابات والمسيرات يومي الجمعة والسبت، ومع ذلك فثمة ما يعتمل في نفوس أهل البحرين الذي يرون أن مستقبل البلد هو الغاية، وحين سألناهم عن محاولة البعض تعطيل حركة السير في الشوارع مساء الأربعاء الماضي، قال الشاب محمد علي "للدستور": إن هؤلاء مجموعة تغرد خارج السرب" وقد أعلنت قوى الأمن عن التحفظ على نحو 18 سائق حاولوا تعطيل حركة السير.
وحين سالت سائق التكسي محمد البدراني الذي أخذني لمنطقة "البنديرة" حيث المطاعم والمقاهي قال:" هناك أناس يريدوا التخريب، وحين قلت له أنت بحريني: قال: أنا بحراني وبحريني، لكن نحن لا نريد أن نخرب البلد،نحن طالبنا بإصلاحات وهذا أمر مشروع والحكومة قامت بجزء كبير منها، بدنا إصلاحات ولا نريد مشاكل".
في مقهى "الزاوية" الذي أسسه خليل النجدي قب نحو 25 سنة" سسه في منقطة "البنديرة" سالت محمد الموسوي عن لإصلاح البحريني وكان منشغلا بمتابعة مباراة لريال مدريد مع احد الفرق المنافسة، قال: الشعب هنا حي والقوى السياسية الموجودة تعمل منذ العام 2001 حين صدر الميثاق الوطني عليها أن تستمر بعمل معلن، ولكن لخوف اليوم هو العمل السري والدعم الخارجي".
دعوة رجال الأعمال والمرجعيات للمشاركة.
لا يرغب رجل الأعمال الشهير محمد خليل كانو بالصورة الخارجية التي ترسم للبحرين، فهو يشدد على قدرة البحرين في بناء اقتصاد خدمات، وهو يقارن هنا بين الاردن والبحرين قائلا :"لدى لأردن بنية تحتية وتعليم وطب أفضل من دول نفطية" وهو يرى أن العامل الخارجي مؤثر بالبحرين: نحن نتأثر بالكل" لكنه يرى أن القوى المعارضة وضعت البلد في مأزق سياسي وأنها تستقوي بالخارج" وهو حين تسأله عن وحدة الصف والهوية في البحرين :يؤكد أن البحرين عربية الهوى قومية إسلامية، ويرفض أن يقسم المجتمع في البحرين على شيعي أو سني. وان الجميع يشارك في التنمية بوعي ووطنية.
يتوافق كلام محمد كانوا "القومي الميول" بشأن وحدة المجتمع وضرورة مشاركة الجميع في الانتخابات مع رجال دين شيعة ومرجعيات من خارج البحرين وداخلها يرون ان المشاركة بالانتخابات واجبة وان وحدة الصف ركن أساسي، هذه الدعوات تبدو وكأنها لموجهة طرف خفي يريد للبحرين المزيد من القلق، ومن المواقف الداعمة للمشاركة السياسية والوحدة ما صدر عن رجل الدين اللبناني العلامة السيد محمد حسن الأمين بأن النظام السياسي في مملكة البحرين يختلف عن الأنظمة العربية الأخرى من جهة أنه يستجيب لمطالب شعبه ويسعى للتعددية والديمقراطية، ودعا ألامين الأطياف البحرينية إلى الانخراط في العملية السياسية والانتخابية في البحرين.
وحذر العلامة السيد محمد حسن الأمين في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء البحرين ونشرت في الصحف البحرينية يوم الخميس من أن مقاطعة الانتخابات التكميلية في البحرين تنطوي على الكثير من السلبيات والمثالب بما يفوت على شيعة البحرين المشاركة في البنية السياسية والمستقبل السياسي لمملكة البحرين. وفي مواجهة سلبية بعض الاطراف قال الأمين أن على شيعة البحرين أن لا يتصرفوا من منطق أنهم أقلية في منطقة الخليج العربي، وعليهم تحقيق مطالبهم من منطلق وطني لا فئوي ولا طائفي.
وأشار الى أن مطالب المعارضة في البحرين قد تبدو أنها مطالب الطائفة الشيعية في البحرين وهي طائفة من طوائف متعددة في المجتمع، والبحرين تشكل جزءً من منطقة عربية واسعة وهي منطقة الخليج، وبين أن المطالب المحقة تحتاج إلى نفس طويل في معالجتها وإلى الأسلوب المعتدل في الحوار وهو الأفضل من الأسلوب المتطرف.
وأكد الأمين ضرورة المشاركة في الانتخابات، لإرساء قاعدة مهمة وهي أن السلطة مصدرها الشعب وصناديق الانتخاب وهو ما نعرفه في الدول المتقدمة في الغرب، وهو ما لا يتنافى مع مبادئنا الشرعية والإسلامية في إنتاج السلطة، منبها إلى الخطر من جراء مقاطعة هذه العملية الانتخابية والديمقراطية.
ذات الموقف دعا إليه آية الله العظمى الشيخ محمد الفياض وهو أحد المراجع العلمية الأربع في النجف، وشدد الفياض على الحوار والابتعاد على الفوضى، وترحم على ضحايا أحداث اللؤلؤة التي اعتبرها "مؤلمة وقد عصرت قلبوكم كما عصرت قلبونا.."ودعا الحكومة البحرينية للتروي وحملت تصريحاته في حوار اجري معه ونشر يوم أول من أمس الخميس في الصحافة البحرينة، دعوة مباشرة لشيعة البحرين بضرورة تجاوز الأحداث الأخيرة والسعي للحوار الجاد وشدد على "أن تكون المطالب قابلة للتنفيذ في الظرف الراهن... وعدم التفرد بالرأي في القضايا المصيرية.. واجتناب ما يثير الفتنة."
الوفاق والإصلاح
بالرغم من جهود الحكومة البحرينية في التأسيس لحالة إصلاحية جيدة إلا أن حركة الوفاق البحريني تتمرس في مواقفها وترفض ما أنجز، لكنها تواجه اليوم بنقد كبير في أوساط النخبة والعامة، فيحن سالت محمد شفيع عبد الله عن الانتخابات قال: "نعم سأنتخب، ما دام الإخوان في الوفاق جماعة أميركا استقالوا" وفي موقف ومدني أخر ضد الوفاق صدرت جمعية ميثاق العمل الوطني ومكتبها السياسي تقريرا نشرته الصحافة البحرينية جاء فيه:" إن جمعية ميثاق العمل الوطني ومكتبها السياسي الوضع الراهن الذي تمر به البلاد منذ رفع حالة السلامة الوطنية وتوقفت من خلال قراءتها للساحة السياسة عند ممارسات جمعية الوفاق منذ اللحظة الأولى لرفع حالة السلام الأهلي ويتضح من هذا السلوك ان الجمعية –يقصدون جماعة الوفاق الوطني- لم تفهم الرسالة الأولى ولم تعتبر بما جرى بعد المحنة التي مرت وهي ماضية أكثر من الأول في مشروعها لتخريب الوطن بكل السبل المتاحة لها موظفة أعمال العنف والتخريب من خلال استغلال الأطفال وزجهم في المواجهات بالإضافة إلى التصعيد الإعلامي والتهجم على الدولة ورموزها والإطاحة بكل مقومات المبادئ والقوانين والقيم التي تقوم عليها الوحدة الوطنية..".
احد الوفاقين الذي رفض أن يصرح باسمة التقيته في فندق "ريتز كارالتون":قال نحن لسنا كلنا سواء في الحركة" وقد أشار إلى تفاوت الرؤى ومحاولة بعض الوفاقيين الكسب السياسي بطريقة غير مقنعة، وحين سألناه عن الإصلاح قال: إن ما جرى يمكن أن يؤسس لحالة أفضل لكننا نريد المزيد.."
مصير الدوار وسوق باب البحرين وخلجي 11
في محاولة لتفويت الفرصة على حركة الوفاق والقوى الأخرى في الأوساط الشيعية المرتبطة بحسب مصادر أكدت "للدستور" بأنها مرتبطة بقوى خارجية في لإيران وغير إيران على إيجاد مبررات للدعوة للمقاطعة أو النزول للشارع وتكرار ما جرى في دوار اللؤلؤة، هناك عمليات إنشائية تجري حول الدور فثمة جسر كبير سيمر من أرضه لكن حول المنطقة قريبا على منطقة المعارض ومجمع البحرين التجاري تتمركز قوات لمكافحة الشغب تحسبا لأي طارئ.
في أقدم مطاعم البحرين التي أسست قبل ستين عاما والذي يسمى "المعطم" يقول المؤسس غلام حسين خليل والذي بدأ العمل في مخابز الأحمدي، إن السوق جيد والحركة مستمرة "الكل يأتي إلى هنا والبلد عامر.." في مقاهي قريبة في السوق القديم بباب البحرين ومنها مقهى السيران تغيب السياسة عن الشباب الموجود من الجنسين هناك، فقسم منشغل بلعبة "الدمينو"، وقسم آخر يرون أن الحدث القادم هو دورة العاب "حليجي 11" التي ستجري قريبا وفي الشوارع تملأ اللوحات الإعلانية بشعار الدورة" خليجي واحد هدف واحد". (الدستور)