نص رسالة محامي اللجنة النيابية المتعقله بملف خصخصة الفوسفات الى الخصاونه ..
11-03-2012 07:22 PM
عمون - تالياً نص الرسالة التي بعثها محامي اللجنة النيابية المتعلقة بملف الفوسفات زيد عمر النابلسي الى رئيس الوزراء عون الخصاونه ..
اسهم الفوسفات في متناول اليد
رسالة إلى دولة رئيس الوزراء الأفخم السيد عون الخصاونة المحترم
10 آذار 2012
دولة الرئيس الأفخم،
لقد كان لي الشرف بأن أقدم الخدمة والمشورة القانونية للجنة التحقيق النيابية حول خصخصة شركة مناجم الفوسفات الأردنية، والمساهمة في إعداد تقرير اللجنة الذي عرض على دولتكم قبل بضعة أيام، وقد اطلعت بحكم هذه المهمة على كافة الوثائق المتعلقة بهذا الموضوع، وقمت بدراسة إتفاقيتي البيع والمشاركة بشكل دقيق، وبالأخص فقد تعمقت في موضوع ملكية شركة كاميل هولدنجز ليمتد، ودرست الموضوع من كافة جوانبه. وعندما سمعت خطاب دولتكم أمام مجلس النواب الموقر بأنكم لا تتفقون مع الرأي القانوني بأن هنالك خرق لبنود تعهدات ملكية المستثمر ارتكبته الشركة المشترية، رأيت بأن أكتب لدولتكم على مسؤوليتي وليس بتكليف من اللجنة النيابية، لأناشدكم بالتروي قليلاً قبل الحكم النهائي على الموضوع، ولأوضح لدولتكم بعض الحقائق الثابتة، مع كل الإحترام والتقدير لرأي دولتكم في هذا الموضوع، وأنتم القاضي الدولي وأستاذ القانون الذي ننهل منه العلم والمعرفة.
عندما تشرفت بالتعرف على سعادة النائب المحترم الدكتور أحمد الشقران، قال لي حرفياً: ((أنا لا أريد من هذا التحقيق بأن أقطع الرؤوس أو أن أنتقم من المخطئين بقدر ما أريد أن أسترجع لهذا البلد ثروته التي سلبت منه إذا ثبت الخداع، "وأن أحرر الفوسفات")). وهذا الحس الوطني النبيل لدى عطوفة النائب هو ما دفعني إلى الخوض في غمار هذا الموضوع وبذل الجهد الكافي للتوصل إلى الحقيقة القانونية، ولهذا السبب أتوجه إلى دولتكم وأناشدكم أن تعيدوا النظر في قراركم بعدم الذهاب للقضاء المختص لإبطال إتفاقيتي البيع والمشاركة، آملاً أن يتسع صدركم لما سأعرضه على دولتكم في هذه الرسالة.
دولة الرئيس،
لقد ادليتم أمام مجلس النواب بقناعتكم بأن المالك النهائي لشركة كاميل هي وكالة بروناي للإستثمار، وقد توصلتم لذلك من خلال حوالة الـ SWIFT بثمن الأسهم التي جاء مصدرها من وكالة بروناي مباشرة، وكذلك من خلال إقرارات الملكية الإنتفاعية Beneficial Ownership الصادرة عن شركتي بريمير سيركل ليمتد وسيكوند سيركل ليمتد Nominee Declarations of Trust، الشركتين اللتين تملكا أسهم شركة كاميل، وأيضاً من خلال رسالة الوكالة نفسها التي تقر بملكيتها لشركة كاميل. وقد أبديتم دولتكم أن هذا النظام الإنتفاعي غير معمول به في الأردن، ولكنه متعارف عليه في بعض الدول ومنها الجزر البريطانية وغيرها. وأنا أوافق دولتكم الرأي بأن هذه الطريقة للإنتفاع من شركة ما هو أمر منتشر في حالات معينة، وأنا لا أشكك بذلك. إلا أنه ومع كامل الإحترام لدولتكم، فقد غاب عن خطابكم الإشارة إلى الهدف الأساسي من هذا النظام والسبب وراء ابتكاره. فمن المعروف للجميع أن هذا النظام من الملكية غير المباشرة هدفه الرئيسي هو إخفاء إسم المنتفع الحقيقي من الشركة عن السجلات الرسمية لسبب أو لآخر، وذلك من خلال إتفاقيات سرية من الباطن تعطي حق الإنتفاع لأشخاص لا يرغبون في الظهور كمالك قانوني مسجل ليتعرف عليهم من يتعامل مع هذه الشركات، فيختاروا أن يكونوا مالكين إنتفاعيين من الباطن، كما أكد ذلك رأي المحامين البريطانيين في جيرزي المرفق بتقرير اللجنة.
ولهذا السبب أرجو من دولتكم الرجوع إلى ما تنص عليه بنود إتفاقيتي البيع والمشاركة تحديداً في هذا الخصوص، وأنتم العالمون بالقانون وفخر الأردن في المحافل الدولية القانونية. فبينما قد يكون هذا النظام للملكية الإنتفاعية أمر مقبول في حالات أخرى، وهذا ما نسلم به ولانجادل حوله، إلا أن بنود تعهدات المستثمر كما جاءت في إتفاقيتي البيع والمشاركة لم توفر جهداً ونصاً في أن لا تسمح بمثل هذه الملكية الإنتفاعية للمشتري، وهذه البنود هي التي تحكم علاقة البائع مع المشتري، وهي شريعة المتعاقدين، وليس أي شيء آخر. وهنا نورد هذين النصين حرفياً، وذلك لأهميتهما في فصل هذه المسألة بشكل حاسم:
أولاً، نص المادة 4.03(ii) من اتفاقية نقل ملكية الأسهم (البيع):
ملكية المستثمر: إن عدد الأسهم ذات المسؤولية المحدودة المصرح بها في المستثمر هي غير محدودة وأن الملكية القانونية لكل الأسهم المصدرة تنحصر كلياً في الشخص أو الأشخاص المسميين في الملحق (7) لهذه الإتفاقية وبالمقدار المحدد في هذا الملحق. لا يوجد أي شخص ما عدا أولئك المسميين في الملحق (7) لهذه الإتفاقية لديهم أي حقوق ملكية في المستثمر Investor Equity Interests (كما هي معرفة أدناه) أو أي حقوق تصويت أخرى في المستثمر. فيما عدا ما تسمح به اتفاقية الشراكة، فإن المستثمر لم يصدر أو يمنح وليس مجبراً أن يصدر أو يمنح أو يبيع أو بطريقة أخرى ينقل ملكية أي من أسهم المستثمر أو أي من سندات أو حقوق أخرى قابلة للتحويل إلى أسهم في المستثمر أو أي تعهدات أو خيارات أو سندات مالية أخرى أو حقوق من أي نوع تخول حاملها أن يحصل على أي أسهم في المستثمر أو يشارك في دخل أو أرباح المستثمر (يعرف جميع ما تقدم بـ"حقوق ملكية في المستثمر"): والمستثمر ليس مجبراً أن يشتري أو يسترجع أي حقوق ملكية في المستثمر.
ثانياً، نص المادة المرادفة للمادة أعلاه في إتفاقية المشاركة، وهي المادة 8.02(b):
ملكية المستثمر: إن الأسهم المصرح بها للمستثمر وملكيتها القانونية تنحصر كلياً في الشخص أو الأشخاص المسميين في الملحق (B) لهذه الإتفاقية وبالمقدار المحدد في هذا الملحق. لا يوجد أي شخص ما عدا أولئك المسميين في الملحق (B) لهذه الإتفاقية لديهم أي حقوق ملكية في المستثمر Investor Equity Interests أو أي حقوق تصويت أخرى في المستثمر. المستثمر لم يصدر أو يمنح وليس مجبراً أن يصدر أو يمنح أو يبيع أو بطريقة أخرى ينقل ملكية حقوق ملكية في المستثمر، والمستثمر ليس مجبراً أن يشتري أو يسترجع أي حقوق ملكية في المستثمر.
دولة الرئيس،
لا يختلف إثنان على أن بنود تعهدات ملكية المستثمر أعلاه القصد منها هو أن تكون ملكية وكالة بروناي للإستثمار لشركة كاميل ملكية قانونية مباشرة، وليست ملكية إنتفاعية من الباطن كما هو واقع الحال. وهنا أستميحكم عذراً إن اضطررت من أجل شرح هذين البندين الواضحين بأن أعود للبديهيات، إذ أن ما أثير حول هذا الموضوع في وسائل الإعلام هو كلام غير علمي وغير قانوني، حتى أن أحد الصحافيين وعلى الصفحة الأولى من ملحق الرأي الإقتصادي أسمى الرأي القانوني حول ملكية شركة كاميل بـ ((أكذوبة العصر))، ولهذا فإنه جدير بنا بأن نبسط الأمور وأن نعيدها لأصلها بوضعها في نصابها الصحيح، وذلك بتوضيح الفرق الشاسع والعميق ما بين الملكية القانونية والملكية الإنتفاعية.
لقد وضعت جميع النظم التشريعية في العالم أسساً لتسجيل وتحديد المالكين القانونيين للأموال المنقولة وغير المنقولة، ومثال ذلك أن المالك لأي قطعة أرض لا يتم معرفته وتحديده إلا بالرجوع إلى دائرة الأراضي المختصة والإطلاع على سند الملكية في تلك الدائرة، وكذلك السيارات فإن ملكية أي سيارة لا يتم تحديدها إلا بالرجوع إلى دائرة تسجيل المركبات والإطلاع على إسم مالك المركبة المسؤول عنها نحو الغير، والحال نفسه أيضاً في أسهم الشركات، فإن المالك القانوني لأي سهم في أي شركة لا يحدده إلا السجل المحفوظ لدى مراقب الشركات المختص، والشخص الذي يظهر إسمه كمالك لهذه الأسهم في السجلاات الرسمية هو الذي يعتبره القانون صاحب هذا المال، أي مالكه القانوني.
أما إذا أراد صاحب هذا المال ومالكه القانوني بأن يتعاقد مع شخص آخر ويمنحه حقوقاً من الباطن في هذا المال، فإن هذا التعاقد الخاص لا يغير الملكية القانونية لهذا المال بأي حال من الأحوال، وإنما يعتبر إلتزاماً عقدياً صادراً عن المالك القانوني، بموجبه يعد هذا المالك بأن يلتزم بأمور معينة نحو المنتفع، وهذا الإلتزام من الباطن لا يؤثر على الإطلاق في الملكية القانونية أمام الغير، التي لا تثبتها وتوثقها إلا السجلات الرسمية كما ذكرنا، وهذا أمر بديهي وليس بحاجة إلى جدال.
وفي حالتنا، فإن إقرار المشتري شركة كاميل بأن أسهم هذه الشركة في جيرزي مسجلة بإسم شركتي بريمير سيركل وسيكوند سيركل هو إعتراف صريح بأن المالك القانوني لهذه الشركة كما تظهره سجلات مراقب الشركات في جيرزي هو ليس وكالة بروناي للإستثمار كما ينص العقد. أما عن إقرارات العلاقة الإنتفاعية التي أصدرتها هاتين الشركتين في عام 1996 وأكدتها في عام 2012، فإن هذه الإقرارارت ما هي إلا إتفاقات وإقرارات من الباطن تمنح بموجبها هاتين الشركتين حقوقاً معينة لصالح وكالة بروناي للإستثمار، ولكن هذه الإقرارات من الباطن لا أثر لها على الملكية القانونية ولا تمسها، فهي لا تحفظ ولا تسجل في أي سجل رسمي يمكن لأحد الإطلاع عليه للتعرف على هذه العلاقة، بل ويمكن لمصدري هذه الإقرارات أن يصدروا عدداً لا حصر له من الإقرارات المماثلة التي تلغي وتعدل وتغير من الأشخاص المنتفعين من هذه الإقرارات، في أي وقت، ودون أن يتم إبلاغ أو إخطار أي جهة عن هذه التغييرات.
ولذلك نصت إتفاقية بيع أسهم الفوسفات بكل وضوح على أن الحكومة الأردنية لا ترغب في البيع إلا لشخص واحد معين بذاته، ولهذا السبب جاءت بنود تعهدات ملكية المشتري بهذه الدقة وبهذا الإسهاب والتفصيل، حيث نصت على أنه لا يجوز أن يكون لأي شخص آخر غير وكالة بروناي للإستثمار أي حقوق ملكية من أي نوع في أسهم الشركة المشترية كاميل. وبما أن المالكين القانونيين لشركة كاميل، وباعتراف كاميل نفسها، هما شركتي بريمير وسيكوند سيركل، وحسب نص الإقرارات من الباطن الصادرة عنهم، هم الذين يملكون حق قبض الأرباح من شركة كاميل وحق التصويت وكافة حقوق المالك القانوني، فإن هذا يناقض كلياً ما صرح به المشتري في بنود تعهدات ملكية المشتري المقتبسة أعلاه، عندما غرر بالحكومة بأن لا وجود لمثل هؤلاء المالكين في شركة كاميل، وأنه لا يملك أسهمها قانونياً إلا وكالة بروناي للإستثمار.
أما القول بأن كون الحوالة بثمن الأسهم قد أتت من بروناي هو دليل على ملكية بروناي للمشتري، فإن كون ممول الصفقة هو الذي حول المبلغ لا يدل بأي حال من الأحوال على أنه هو نفسه المالك القانوني لأسهم الشركة المشترية، والرأي القانوني في تقرير اللجنة لم ينكر علاقة بروناي بالصفقة، وإنما جاء التركيز على المخالفة القانونية لنص بنود تعهدات ملكية المستثمر في إتفاقيتي البيع والمشاركة، وهذا أمر لا علاقة له بمصدر ثمن الأسهم ومن أين أتى.
وقد يثار من قبل البعض التساؤل التالي: في آخر الأمر، وبعيداً عن حرفيات النصوص القانونية و legal technicalities، ما هو الضرر الفعلي والمادي الملموس على حقوق الحكومة إذا لم تسجل ملكية 37% من أسهم شركة الفوسفات مباشرة بإسم وكالة بروناي للإستثمار، وإنما سجلت بإسم شركة اختارتها هذه الوكالة وهي شركة كاميل؟ وأين هي الكارثة أن لا تكون هذه الشركة أيضاً مملوكة ملكية قانونية لوكالة بروناي، وأن تكون هذه الملكية هي ملكية إنتفاعية عن طريق إتفاق من الباطن بين مالكي شركة كاميل (بريمير وسيكوند سيركل) وبين وكالة بروناي؟
والجواب هنا هو أن إتفاقيات الباطن هي بطبيعتها وبتعريفها إتفاقيات غير معلنة وسرية، ومن الممكن تغييرها وتعديلها مرات غير محدودة دون علم الحكومة الأردنية، لأن هذه التعديلات لا تسجل في أي سجل رسمي، بعكس الملكية القانونية، كما أكد ذلك مكتب المحاماة البريطاني، ودليل سرية هذه الإقرارات الإنتفاعية ومخالفتها للعقد هو أن الحكومة نفسها لم تعلم عنها ولم تطلع عليها إلا بعد ست سنوات من توقيع البيع، وبشق الأنفس، وبتطوع شركة كاميل، وليس عن طريق سجلات رسمية. ولأن حكومتنا لم تكن أبداً غايتها في يوم من الأيام السماح بمثل هذه العلاقات الإنتفاعية غير المعلنة، فهي لم تكن ترغب في فتح المجال لوجودها أصلاً، لأننا لم ننوي يوماً بيع ثروة الفوسفات لأشخاص ومنتفعين سريين لا نعلمهم، وبالأخص في ظل وجود دلائل على "شريك ذو قيمة مضافة" في الصفقة كما أشارت وكالة بروناي للإستثمار بصريح العبارة في رسالتها بتاريخ 30/9/2004 والمرفقة بتقرير اللجنة.
ولهذا السبب أصرت الحكومة في صياغة العقد على أن تكون كاميل مملوكة قانونياً، وليس إنتفاعياً، مباشرة من وكالة بروناي، وأن لا يكون هناك أي شخص آخر وسيط تسجل الأسهم بإسمه (حافظ أمين كما يسميه البعض)، وذلك لكي يتسنى للبائع، حكومة المملكة الأردنية، بأن تكون على يقين تام بهوية الجهة التي عقدت لها البيع. وهذا هو سبب الدقة والإطالة في بنود تعهدات ملكية المشتري، وليس لمجرد إطالة النصوص بدون هدف. وإلا، فلماذا وضع المشرع عيب التغرير كأحد عيوب الإرادة التي تشوب العقد؟ أليس السبب هو أن البائع قد يكون له أسبابه ومتطلباته الخاصة في تحديد شخصية المشتري، الأسباب التي إذا انتفت ما كان البائع ليعقد الصفقة من غيرها، كما هو الحال في كون المشتري باعتقاد الحكومة مملوك قانونياً لوكالة بروناي؟
وقد يقال أن حكومة بروناي قد أكدت بخطاب رسمي أنها وحدها هي المنتفعة النهائية من شركة كاميل ومن الشركات التي تملك كاميل، فما هي المشكلة إذن؟ وهنا نتسائل: من هي الجهة الرسمية التي تحدد الملكية القانونية للأسهم: دائرة مراقبة الشركات في جيرزي، أم حكومة سلطنة بروناي؟ ومن أين أتى موضوع الملكية الإنتفاعية هذا متأخراً بعد ست سنوات، فعقد البيع واضح وصريح في هذا الخصوص ولا يشير إلى ملكية إنتفاعية، بل أن بنود تعهدات ملكية المشتري لا يوجد خلاف على تفسيرها، حتى من قبل المستشار القانوني للمشتري الذي أدلى في شهادته للجنة التحقيق وأكد أنه في حال ثبت أن شركة كاميل ليست مملوكة قانونياً لوكالة بروناي، فإن ذلك يعتبر خرقاً لهذه البنود.
وقد أشرتم دولتكم في خطابكم أمام مجلس النواب بأنه أمر معتاد ومقبول بأن يسجل المشتري في عمليات الخصخصة أسهمه في شركة حديثة التسجيل يملك هو أسهمها، وأنا لا أختلف مع دولتكم في هذا الطرح، بل إنني مطلع وبحكم عملي على مثل هذه الترتيبات التي يجريها المشتري عن طريق إنشاء شركات Special Purpose Vehicle. ولكن هذا الأمر لم يحصل في حالة شركة كاميل، فشركة كاميل ليست مسجلة بإسم وكالة بروناي كما هو الحال مع شركات الـ SPV التي ذكرتها دولتكم والتي يسجلها المشتري بإسمه مباشرةً، والتي تم تأسيس أغلبها في الأردن أمام أعين الحكومة ورقابتها. والسؤال هنا هو لماذا لم تسجل وكالة بروناي أسهم شركة كاميل بإسمها مباشرةً بدلاً من أن تلجأ إلى إتفاقات الباطن مع عدد من الشركات؟ وإذا كانت وكالة بروناي هي المالك النهائي الوحيد لشركة كاميل كما تزعم الوكالة، فلماذا إذن نجد كل هذه الشركات المحيطة بشركة كاميل في جزيرة جيرزي حيث لا تظهر بأي شكل وكالة بروناي، وما هو الدافع الذي يدعو مؤسسة مثل وكالة بروناي بأن تبذل كل هذه الجهود لبناء وإحكام هذه الطبقات الملتوية والغريبة في ملكية المشتري بدون ذكر إسمها على الإطلاق كما وضح تقرير اللجنة؟ وما هو السبب في اللجوء لإتفاقيات الإنتفاع Trust لتغليف هذه الملكية المزعومة بإقرارات سرية من الباطن؟ الجواب لا نعلمه ولا نتهم أحد، وقد يكون مجرد وجود هذه الطبقات بهذا الشكل وبهذا التوسع هو بحد ذاته أمر مثير للشبهات. ولكن الأهم من هذا كله أنه يخالف بنود العقد الصريحة، وهذا لب الموضوع وجوهر المخالفة القانونية التي تتيح للحكومة إبطال العقد حسب نصوص القانون المدني الأردني واجب التطبيق.
وقد يثار تساؤل آخر عن الفائدة المرجوة والمصلحة الوطنية في فسخ الإتفاقية وإثارة النزاعات القانونية مع دولة شقيقة، وماذا ستجني الحكومة لو نجحت في ذلك؟
دولة الرئيس الأكرم،
هنا تأتي الغاية من هذه الرسالة التوضيحية لدولتكم، فإن التمسك بالحقوق العقدية الواضحة التي تم خرقها لا يحتاج إلى سبب أو تبرير إضافي لفسخ العقد، إذ أن الفائدة من هذا الإجراء هو السبب نفسه الذي من أجله تقيم الحكومة الدعاوى على مهندس أو مقاول بنى لها جسراً أو سداً فانهدم بسبب عيوب التصميم والغش في التنفيذ، وهي غاية حماية المال العام التي نذرت دولتكم نفسك لها، فما بالك عندما يتعلق الأمر بأهم ثروة وطنية في المملكة بيعت بأبخس الأثمان عن طريق تلزيم مباشر مخالف لقانون التخاصية، والآن لدينا الفرصة القانونية النادرة لإصلاح هذا الخطأ؟
ألا تعتبر الحكومة الموقرة بأن استرجاع ما قيمته اليوم قد تفوق المليار دينار من أصول وأموال وثروات سلبت منها بواسطة التغرير هو غاية نبيلة وهدف سامي يتوق إليه صاحب هذا المال، وبالأخص في الظروف السياسية والإقتصادية، وغليان الشارع بسبب هذه الظروف؟ وفي حال تأكدنا من وقوع التغرير لأن العقد لا يسمح بالملكية الإنتفاعية كما أسلفت، ألسنا أولى بهذه الثروة الوطنية بدلاً من شركة مارست الإحتيال المتستر عندما تعهدت لنا بشيء ثبت عكسه بشكل قطعي؟ ولماذا نسامحها على هذه المخالفة إذا كان القانون يعطينا كل الحق باسترجاع هذه الثروة.
أما عن التجاوزات التي يزعم أنها قد تكون حصلت بعد البيع، فإن هذه التجاوزات، إن ثبتت، ما كانت لتحصل لو أن المشتري أصلاً كان شركة ومؤسسة عريقة لها تاريخها وقوامها المالي والمهني في مجال عمله، ولها من يحاسبها في موطنها من المساهمين ومن القانونيين والمحاسبين وأجهزة الرقابة في بلدها الأصلي. فشركة أورانج المشترية لأسهم شركة الإتصالات خاضعة أصلاً للقوانين الفرنسية الصارمة التي تمنع التجاوزات قبل أن تقع، وهي مراقبة من قبل سلطات بلادها المتقدمة قبل أن تخضع لإتفاقية البيع أو الشراكة مع حكومتنا. وكذلك شركة لافارج في شركة الإسمنت، وغيرها، وهذه أحد أسباب أهمية أن يكون الشريك استراتيجياً كما أوصى المستشارون في عملية خصخصة الفوسفات، وتم ضرب توصياتهم بعرض الحائط كما أوضح التقرير. أما بالله عليكم دولة الرئيس الأكرم، أسألكم مع كل الإحترام، من الذي يحاسب شركة كاميل لو تجاوز ممثلها على مجلس إدارة الفوسفات؟ ومن هي شركة كاميل أصلاً ورأسمالها المدفوع جنيهين استرلينيين فقط لكي تحاسب نفسها، ونحن أصلاً لا نعلم من يملكها وكيف يملكها؟
وأخيراً إسمحوا لي دولة الرئيس أن أذكر أننا اليوم أمام فرصة تاريخية لاسترداد ملكية بترول الأردن وثروة الأجيال، وأنا لا أطالب بتأميم الشركة وبالتعسف في استعمال سلطة الحكومة لا سمح الله، وإنما أكتب لدولتكم لإعتقادي بأن هذه المسألة يجب أن تعرض على القضاء المختص ليفصل فيها، فقلما يجد المحامي في مهنتنا قضية يمكنه أن يجزم بصحتها كما هو الحال في خرق شركة كاميل الواضح لبنود تعهدات ملكية المستثمر كما بينت. وختاماً، وفي ظل ما نعيشه من أجواء لم نعهدها في هذا البلد الذي نحرص جميعاً على استقراره، ولكي ينعم أبناؤنا بما عهدناه من نعمة الأمن والأمان، فإني كلي أمل بأن يكون لاسترجاع ملكية أسهم الفوسفات لصاحبها الأصيل عند إبطال البيع بإذن الله الأثر الكبير في تهدئة إحتقان في الشارع الأردني، وسيسجل التاريخ لدولتكم الفضل في ذلك إن شاء الله.
واقبلوا دولتكم فائق الإحترام والتقدير،،،