facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يكفينا بيع ضمائرنا بأنجس الأثمان!!


أ.د عمر الحضرمي
21-01-2013 07:57 PM

أنا. لا أدري فعلاً على من تقع الملامة.. أهي على الذي يدفع، أم علي الذي يقبض. العقل والمنطق يقولان إن الحق على الاثنين.. فهذا الذي يدفع هو، في الواقع، يستخدم وسيلة تصل إلى حد الإجرام عندما يقدم المال القذر. وذاك الذي يبيع إرادته وضميره في سوق النخّاسة هو خارج عن دائرة "الآدميّة".. فهل من المعقول أن يُسعّر المواطن "القابض" مساهمته ومشاركته في القرار بمبلغ لا يتجاوز سبعة فلوس في اليوم، إذ إن معظم الدفع لم يتعدّ العشرة دنانير للصوت الواحد. أهكذا يقيّم الأردني "القابض" وزنه وحجمه! إن كان ذلك وارداً فكيف نطلب من النائب أن يهتم بحقوق المواطنين، في الوقت الذي سيصرف كل جهده في سبيل استرداد المبالغ التي دفعها، أو على الأقل تركيز الجهد على تحقيق مصالحه الذاتية.

أحسنت الدولة عندما قررت حبس "الراشي" مدّة تصل إلى سبع سنوات. ولكن لماذا لم تتخذ قراراً آخر بسجن "المرتشي" و"الرائش" أيضاً، إذ أن عملية البيع لا تقوم في الأصل إلا بين "مشتري" و"بائع" و"وسيط". ولا ننسى هنا حديث سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أشار فيه إلى أن الراشي والمرتشي والرائش جميعهم في النار. أي أن الأطراف الثلاثة هم سواء أمام المساءلة.

"الراشي" يقول إن حقّه في التسابق على المقعد النيابي، وغياب الرقابة والتدقيق والمتابعة، جعلتاه مضطراً لأن يسلك كل طريق كي يجمع أصواتاً تؤهله لربح المعركة. وطبعاً هذه كذبة كبيرة، فالفوز يتأتى نتيجة لما يقدمه المرشح من خدمة لبلده ومواطنيه على المستوى الجمعي والعام، فيعرفه الناس ويختارونه. أما غياب الرقابة فهذه فيها الكثير من الصحّة، ومع كل ذلك فإن الفطرة النقيّة تجعل من كل إنسان مراقباً على نفسه، مع كل ما يحيط بهذا القول من مثاليات يصعب الوصول إليها أو حتى الاقتراب منها، ولكنها تظل ممكنة.

و"المرتشي" يدعي أنها فرصته في أن يستفيد من النائب ولو شيئاً يسيراً عند حد المثل الذي يقول "شعره من جلد... حلال". ولكن في هذه أيضاً تحقيراً للذات وبيعاً لها، إذ يغدو رأيه وشرفه وكرامته لا تساوي ثمن "قنينة غاز" دون حساب ثمن الجرّة نفسها. فهل هذا أمر يقبله إنسان مهما تناولته الدنيا بمصائبها!

و"الرائش"، هو الآخر دال على الشر فهو بالتالي كفاعله، فهو الذي يسهِّل الأمور ويصبح عندها "ديّوثاً"، ويكفيه أن يقضي كل نهاره على باب "الراشي" يتلقط منه الفائدة، ويُمضي كل ليلة على باب "المرتشي" ليعطيه "الجُعْل" ويشتري منه نصف إنسانيته وأكثر من كل كرامته، ومعظم ضميره وشرفه.

إن كنا نريد إصلاح الحال فيجب أولاً أن نحاسب جميع أطراف الجريمة، ويجب أن نقاضيهم، ونوقع عليهم العقاب، ثم نلتفت بعدها إلى عملية الإصلاح برمتها، وما يعني ذلك من اتخاذ إجراءات ووضع خطط ورسم مسالك تشمل إعادة تأهيل أفراد المجتمع الأردني، ولو على الحد الأدنى من الاقتدار، كي يتمكنوا من ممارسة حقّهم والتعامل معه بكل اعتزاز ومُكْنَهْ. وحتى نصل إلى مرحلة يصبح فيها سعر الصوت يماثل سعر الوجود والانتماء واحترام الذات، عندها فقط لن يعود في قدرة "الراشي"، مهما كبر رصيده في البنك أن يشتري صوتاً واحداً.

الفقر والبطالة والحاجة أمور تدفع بالناس نحو السؤال والاستجداء، ولكن ما يحدث في الحالة الانتخابيّة أنه "شحدة" ليوم واحد، وبعدها يبدأ سعر "الشخص" يتناقص حتى يصبح "صفراً"، إلى أن تحل فترة الانتخابات القادمة، عندها ستكون العشرة دنانير لا تسد قوت يوم واحد، وبعدها سيظل "البائع" يعيش على موائد الندم أنه لم يطلب مبلغاً أكبر. إضافة إلى ذلك، فقد سمعنا الكثير من "الناجحين بالرشوة" يتباهون حتى أمام "البائعين" أنني تكرمت عليكم بشراء أصواتكم. وكثير من هؤلاء "الناجحين" من يرد "البائع" عن باب بيته على أساس أنه استوفى حقّه، ولا مجال لخدمته أو مساعدته.

أكثر الملامة على "البائع"، وأكثر الخسارة عليه، فإما أن يكون شريفاً طاهراً، حتى لو تلوثت ذمم "المشترين"، وإما أنه يصبح مثلهم، بل وأقل منهم احتراماً للذات، بعد أن باع ضميره بأرخص الأثمان.

الصوت يعادل الشرف والكرامة والعقل والمنطق والضمير، وأن بيعها يعني بيع كل هذه في سوق مملوء بالعفن والازدراء والسقوط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :