facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




علي أبو الراغب على كرسي إعتراف "اللويبدة"


15-12-2007 02:00 AM

عمون - بالاتفاق مع "اللويبدة" التي برأسها الزميل باسم سكجها ننشر المقابلة الفريدة والمثيرة والشائقة التي اجراها الزميل ناصر قمش للمجلة مع رئيس الوزراء الاسبق المهندس علي ابو الراغب الذي كان عهده في الحكومة وقراراته مثار نقاشات وآراء مختلفة الانطباعات والتساؤلات ، واشتملت المقابلة التي حفل بها العدد الاخير الموجود في الاسواق على عدة نقاط ابرزت مفاصل مهمة في حياة الرجل ومسيرته الوزارية .. وفيما يلي نص المقابلة : لم أجد صعوبة في تفهم إصراره على توقيف التسجيل خلال مقابلتنا الصحفية مرات عديدة، تجاوزت العشرين، فالسخونة، والحساسية، التي ينطوي عليها ذلك الكلام، تفرض مثل هذا التحوّط، خصوصاً وأنها تصدر عن رئيس حكومة عاشت لأكثر من 40 شهراً متواصلة، خلال ظروف محلية وإقليمية صعبة وحساسة، صاخبة، حبلى بالأحداث والمفاجأت التي عصفت بالمنطقة، ولكن الأردن عبرها، وطبع الرجل بصماته، التي ما زالت ماثلة في جوانب الحياة السياسية .
وبقدر ما تكشّف من حقائق، حول تلك المرحلة، فإن الكثير من الأسرار والمداخلات، ما زال عصياً على التداول.
عرفنا الكثير منها، في لقائنا معه بهدف التوطئة لغيرها من الحقائق، وليس النشر باعتبار أنه لم يأت أوانها .
فاللقاء مع المهندس علي ابو الراغب، مع كلّ ما ضمّه من معلومات جديدة، لا يتعدى عن كونه إطلالة (متحفظة) من شخصية شغلت أوسع مساحات الجدل لمجالس عمان ودواوينها.
ولكنه، في كل ما كشفه، لم تنقصه الثقة في أن ما فعله هو تحقيق لمصالح وطنية عليا، وليس لاغراض شخصية.
لقاؤنا إستغرق خمس ساعات، وتعدى عشر صفحات، ولكنّه يظلّ ناقصاً، فتجربة الرجل الحياتية تستأهل أن تُسجّل في كتاب كامل.
س- دولة أبو حسن، أنت من أبناء عمّان، نحبّ أن تتحدث لنا عن ذكريات الطفولة؟
ج- درست في كلية التراسنطة، التي تقع في جبل اللويبدة، وأكثر أصدقائي من أبناء اللويبدة، من هؤلاء: فارس النابلسي وأمية طوقان، و هناك صديق لنا إسمه فريد حسن خلف طبيشات وهم جميعاً، بالإضافة إلى أصدقاء كثيرين، من سكان اللويبدة، فكلّ أوقاتي قضيتها هناك، حتى بعد الدوام المدرسي، والغداء، و”الكزدرة”، والنوادي الرياضية كلها في اللويبدة، لا أنسى النادي الأولمبي الذي ضمّنا جميعاً. فأنا أعرف جبل اللويبدة أكثر من جبل عمان حيث بيتنا، وكنت أعرف سكان اللويبدة بيتاً بيتاً، و صداقاتنا كلها في ذلك الموقع. (عشان هيك مجلة اللويبدة لها طعم خاص) بالإضافة إلى ذلك، لا يفوتني أن اذكر أن زوجتي يسرى عبد الرحمن أبو حسان كانت من سكان جبل اللويبدة، حيث تزوجت منها عام 1970 بعد تخرجي من الجامعة.
طفولتي كانت عادية، كما قلت درست في التراسنطة من الصف الأول إلى أن تخرجت، ومثل أبناء جيلي، تابعت الأمور السياسية. في أواخر الخمسينيات، وأوائل الستينيات حيث كانت الأحداث كثيرة وساخنة، مثل وحدة مصر مع سوريا، والإنفصال، وقبل ذلك حلف بغداد، 56 وكل الأحداث التي أتت وراءه.
س- أنت من مواليد عمان؟
ج-نعم من مواليد عمان10/12/ 1946
س- ماذا كان يعمل والدك؟
ج- كان أبي يعمل بشكل رئيسي في قطاع النقل، فكان رئيس إتحاد الكراجات، ورئيس نقابة أصحاب السيارات الشاحنة، لأنه بالإضافة لكونه ملاَََكاً كبيراً، كان يعمل بالتجارة، فيما يعمل إخوتي في شركات مختلفة: أدوات منزلية، وسيارات، وقطع سيارات، ومصانع حديد، وشركات تامين، وعضويات ومساهمات في البنوك، ولكن والدي صبّ تركيزه على قطاع النقل، الذي يعتبر من القطاعات الصاعدة والهامة في ذلك الوقت.
س- من أين حصلتم على كل هذه الثروة كعائلة؟
ج- أبي من مواليد السلط عام 1905 وبدأ حياته في قوة الفرسان. ورقمه 40 فيها، ، وبعد أن ترك الخدمة، عاد إلى السلط، وقام بشراء كارة، (عربة تجرها الخيول) ، وبعد ذلك قام بشراء أول سيارة شاحنة جاءت إلى الأردن، لم يكن يقودها هو، كان هنالك شخص آخر يفعل ذلك، وهو يجلس بجانبه، وكان معظم النقل بين فلسطين والاردن، ، ثم إشترى الثانية الثالثة الرابعة والحمد لله، وهكذا دخل عالم النقل، وتميز فيه إلى أن وصل عدد السيارات في وقت من الأوقات إلى أكثر من مائة شاحنة وباص وتنكر.
س- ومن اين جاءت الباصات؟
ج- بعد ذلك قام بشراء الباصات، وأسس شركة كبيرة إسمها الشركة الوطنية، تنقل بشكل رئيسي بين عمان- إربد والشمال عموماً، والضفة الغربية، القدس ونابلس والخليل، وعندما وقعت حرب فلسطين سنة 1967 إنقطعت الصلة بالضفة الغربية، وجزء كبير من الباصات احترق في أحداث أيلول 1970ولكننا اسسنا العديد من الخطوط بين عمان ومختلف المناطق وخصوصا العقبة وبغداد وغيرها، مما عوض هذه الخسارة جزئياً.
س- هل كنت تعمل معه؟
ج- الصحيح أنني أنهيت المدرسة عام 1963 وذهبت للجامعة في أميركا، ودرست الهندسة، وتخرجت عام 1967 وعدت إلى الوطن، وعملت في وزراة البلديات خمس سنوات، وبعد ذلك إنتقلت لقطاع المقاولات بشكل رئيسي، ورغم ان أبي كان له حضور إقتصادي واسع، من خلال مساهمته في بنك القاهرة، وشركة الفوسفات والإسمنت، ومساهمته التأمين الوطنية القديمة، وكذلك كان مساهماً في شركات كبيرة، مثل: الحديد الأردنية، ومع ذلك فقد عملت في المقاولات، دون أن أفقد حضوري في هذه الشركات، أو في جزء منها، ذلك أنه لم يكن الإقتصاد الأردني إقتصاداً إختصاصياً، فمن كان لديه إمكانيات مالية يساهم في شركات كثيرة، وإذا كانت مساهمته كبيرة، يكون له حضور في مجلس الإدارة وأثناء عملي في المقاولات عملت خارج عمان، وبتركيز في مناطق الجنوب، وعشت في معان بين عامين 1974- 1977 وفي العقبة منتصف الثمانينيات، إلى أن تم انتخابي نقيباً للمقاولين بين عامين 1986- 1989 ولدورتين متتاليتين.
س - هل كنتم طوال عمركم ميسوري الحال، ألم تكن هناك أية إنتكاسات؟
ج - الحمدلله، حتى عام 1967 عندما تأثرت خطوط النقل بأحوال حرب فلسطين تأثرنا، ولكن بشكل متحمّل، وكذلك في عام 1970 عندما إحترق كراج أبي في طريق المحطة، وكل السيارات التي كانت توجد فيه إحترقت، لكن والحمدلله تحملناها، ولم تقسم ظهرنا
س- ماذا عن ذهابك إلى أميركا، هل كانت نقلة فجائية أم كنتم تعرفون العالم؟!
ج-كنا نسافر سنوياً تقريباً إلى سوريا ولبنان في الإجازات الصيفية، وسافرنا إلى مصر سنة 1958. وبالنسبة لنا دمشق محطة مهمّة. فأختي متزوجة من شاب سوري، و أخي متزوج من سورية، أما في لبنان فكان لأبي عمل كثير مع أشخاص لبنانيين، بسبب وجود اعمال للنقل من ميناء بيروت إلى الأردن، ، وأمي سورية، شامية بالتالي فأن السفر والتنقل لم يكن جديداً عليّ، خصوصاً وأن إخوتي أيضا درسوا في لبنان وأميركا.
س- هل كان زواج أمك و أبيك تقليدياً؟
ج-أمي كانت صغيرة عندما جاءت مع أبوها، وهو تاجر سوري قدم الى الأردن مع عائلته، ولكنه توفي وهو صغير السنّ، أبي تزوج أمي وهي ابنة ذلك التاجر، وجدي لوالدي تزوج أم والدتي الأرملة، “لذلك فان البنت التي أنجبها جدي من والدة امي هي عمتي وخالتي بنفس الوقت” وهي متزوجة الآن شخص من عائلة خلف من العيزرية، وهي تعيش الان في عمان!
س- هل تتذكر أشخاصاً أردنيين درسوا معك في أميركا؟
ج- نعم، عمر بدير, وعثمان بدير، حسان الحاج حسن، فؤاد خلف، وكثير من أبناء عائلة خلف، أحمد لطوف وإخوانه,كانت الجالية الأردنية عددها كبيراً، ولها حضور في جامعة تنسي.
س- الميسورو الحال هم الذين كانوا يستطيعون الذهاب للدراسة في أمريكا؟
ج- نعم، ممكن أن تقول ذلك،
س- كنت في ذلك الوقت أعزب، هل كنت تطبخ؟
ج- لم أكن بارعاً في الطبخ، ولكن أتذكر أنّه كان هناك شاب اسمه أحمد نجم، أصله من غزة، ويعيش في لبنان، كان عزيزاً علينا، هو الذي كان بارعاً في الطبخ “الله يسهل عليه” وهو يعيش في أميركا الآن، وأتذكر أنه عندما يطبخ المقلوبة يقول: يا شباب حضّروا أنفسكم للحفلة، وبالفعل لم يكن هناك أطيب منها، خصوصاً أنه يطبخها بلحم من نوع خاص من لحم الخروف غير “الستيكات”.
و هناك عائلات عربية مثلاً: بيت حرب، وهي عائلة كبيرة من البيرة، دأبت على طبخ الأكل العربي، و يوجد مطعم أحد أصحابه عرب، و “الشيف” الرئيسي عربي كذلكً، وكنا نذهب ونأكل فيه معظم الوقت،
س- إنصرفت للعمل النقابي والسياسي، هل كان ذلك من وحي التأثير بالأجواء التي كنت تعيش فيها ؟
ج- الصحيح أن كلّ الشباب العربي كانوا ينظرون للوحدة كطموح، وهدف كبير جداً، ليس فقط بالأمنيات، فالمشاعر القومية تجاه الوحدة الوطنية كانت قوية جداً، والأشخاص الذين لم يكن لديهم مشاعر الوحدة كانت لديهم مشكلة، لأن الإتحاد العربي هو قوة رئيسية، وعندما كانت الوحدة بين سوريا ومصر ”يا سلام كم كان لها من أثر”، وعندما صار الإنفصال كانت نكسة كبيرة، طبعا عندما يعود الواحد منا ويراجع الماضي، سيلاقي أن الخصوصيات والإقتصاديات والأحزاب والخلفيات الإجتماعية والعقائدية ليست بالشيء السهل، وهناك النفوذ الشخصي وإستغلال المواقع والمراكز، لكن، نعم كانت المشاعر القومية كبيرة، أما الآن فتتفهم أكثر، وتتأثر واقعياً، وترى الخصوصيات الأساسية أمامك، وترى الوحدة العربية ليست سهلة، ولكن الإتحاد الإقتصادي العربي مهم، وتوحيد العملة وفتح الحدود، والإستثمار مشترك، وحركة العمال والأموال مهمة لنصبح مثل الإتحاد الأوروبي.
س- توجهك للعمل السياسي إذن لم يكن حصيلة إمتداد كونكم عائلة متنفذة إقتصادياً، وتريد تعبيراً سياسياً؟
ج-طبعا لا، فأخي موسى أصبح في سنة 1961 عضواً بمجلس النواب عن العاصمة عمان، وصار وزيراً سنة 1968، الموضوع السياسي لا يورّث، ليس موضوعاً وراثياً بقدر ما هو نمط حياة، مثلا هناك من إخواني من ليس لهم علاقة بالسياسة، ومنهم من هو سياسي أصلي، أنا من النوع الذي يحب العمل النقابي والعمل السياسي، مثلاً عندما تخرجت من أميركا، كان رقمي 345 في نقابة المهندسين يعني أنا مهندس منذ أربعين سنة، وكنت فرحاً جداً لأنني شاركت في إنتخابات مجلس النقابة، وأتذكر أنني إنتخبت جعفر الشامي، رحمة الله.
سنة السبعين بدأ جو سياسي عارم، كانت هويات الناس سياسية، لم تكن إقتصادية، بعد ذلك بدأت في سنة 1989 الاولويات تتغير، وصارت إقتصادية. عندما بدأت مشاكل الدينار، وبرامج التصحيح الإقتصادي.
س- تنقلت بين البرلماني والنقابي والسياسي والإقتصادي، أي موقع منها عبرت عن علي أبو الراغب بأفضل وجه؟
ج- في النيابة.
س-لماذا؟
ج- خضت الإنتخابات ثلاث مرات في حياتي 89 و93 و97 في 89 لم أنجح، وكنت منافساً جيداً، وفي سنة 91 كنت وزيراً مع طاهر المصري، وتعايشت مع حياة النيابة، وأنا مغرم في الحياة النيابية منذ سنة 61 و62، ليس لغاية سياسية ولا لغاية إقتصادية أو إجتماعية أو وجاهة، وانما للعمل للعام وخدمة المواطنين. إذا كان الشخص نائباً، وبعدها أصبح وزيراً يستطيع التعامل مع الأمور بروح مختلفة، وإذا أصبح رئيس وزراء يكون الأمر أيضاً مختلفاً، وليس أجمل من أن تتاح للنائب تولي مسؤولية رئاسة الحكومة، بالاضافة إلى النيابة، وهناك أربعة عاشوا الوضع وهم: طاهر المصري، عبد الكريم الكباريتي، عبد الرؤوف الروابدة، وأنا. فرئيس الوزراء عندها يناقش مجلس النواب وهو نائب. لها طعم مختلف. هناك أناس يقولون إنه يجب أن يكون هناك فصل حتى لا يكون هناك تضارب، لكنني أعتقد أنّ الحكومات البرلمانية جيدة لإختيار الكفاءات، وطبعاً الإبتعاد عن الإنتهازية، والإبتعاد استغلال المنصب الوزاري من أجل حملاته الإنتخابية.
إن شاء الله نسعى من أجل عمل سياسي وحزبي، لكنني أنا عشتها، وأشعر بأهمّيتها، وجمالها ليس جمال المنظر، ولكن جمالها بأنها غنية بالخبرة والمعارف والسؤولية الوطنية.
س - تحدث لنا عن مشاركتك في حكومة المصري وما وكيف تقيم تجربتك معه؟
ج- هناك أشخاص تعمل معهم وتحبهم وتحترمهم، يعني أنا محظوظ بأنني تعاملت مع أناس أحببتهم، وفي حكومة طاهر كنت وزيراً. طاهر شخصية هادئة، دبلوماسية، ديمقراطية.وهو رجل نزيه، وسُررت بأن أصبح وزيراً مع طاهر، وهذه الفترة القصيرة التي عشتها معه كانت درساً كبيراً لي، فقد بدأ يعمل على عدة قوانين وأقرت في حكومة المرحوم زيد بن شاكر رحمه الله، وأهمها قانون الأحزاب، وقانون الغاء الأحكام العرفية، وقانون والمطبوعات والنشر. طاهر المصري عندما جاء رئيساً للوزراء عبّر عن توجه وطني وقومي باختياره مجموعة من التجمع الديمقراطي: أنا وممدوح العبادي وعبد الكريم الدغمي وصالح إرشيدات ومحمد فارس الطراونة، بالاضافة الى وجود قوميون مثل سليم الزعبي، وقد انعكس ذلك على توجه تلك الحكومة، التي مثلت علامة فارقة في الحياة السياسية، ذلك انها اقرت مجموعة كبيرة من التشريعات التي فتحت نوافذ الديموقراطية على مصراعيها . (حرية الصحافة وقانون الأحزاب )
كان جلالة الملك في وقتها له توجهاته، فعندما أمر المغفور له الملك حسين بإنتخابات سنة 89 وعودة الحياة النيابية والديمقراطية، بكل معانيها، وبعدها جاءت المواضيع الإقتصادية. كانت هناك مشاكل، مع صندوق النقد الدولي وبرنامج الإصلاح الإقتصادي، والمطلوب رفع أسعار الخبز، والمشتقات النفطية، وترفع أسعار المياه، و الكهرباء، بالمقابل هنالك عجز في الموازنة، ومديونية، وإعادة جدولة جديدة. يا إلهي كم كان الوضع صعباً.
بمعنى ان التحديات كانت كبيرة جداً أمام الحكومة، ولكن النواب لم يرحموها من خلال الترويج لفكرة أنها حكومة مفاوضات، إلا أن كل ذلك تبين أنه تصفيات مبطنة لعدم إشراك بعض النواب في الحكومة.
وبعد ذلك تمّ توقيع العريضة من واحد وأربعين نائباً بعد ان تحالف الاسلاميون المعارضون لمؤتمر مدريد مع النواب الاخرين منهم القومون ومنهم المستوزرون او المعارضون وإستقال طاهر. هذه المحطات هي التي تجعلك تعيد التفكير في النشاط النيابي والحكومات، هناك إيجابيات تحدثت عنها قبل قليل، وهذه إحدى السلبيات حيث لن تستطيع إرضاء أحد.
واتذكر انه عندما عندما شرّفني سيدنا جلالة الملك عبد الله، وكلفني تشكيل الحكومة في 19/6/2000. قال لي جلالة سيدنا: ما رأيك يا أبو حسن؟ قلت: أقترح حكومة نيابية. قال لي: ومن سترضي؟ قلت: ان وجود حكومة برلمانية سيسرع في انجاز توجيهات جلالة الملك،. وكان لدى سيدنا أجندة إقتصادية وتشريعية حافلة”، بعد أن إلتقيت بأقرب الناس لي في البرلمان، وقال لي: والله يا أبو حسن “مين ما بتجيب، الباقي رح يزعل”. وسيدنا الله يعطيه الصحة كان عارفاً لذلك، فقال لي بعدها: إنك لن ترضي أحداً. وهذه السنة الرابعة للنواب، والجميع يريدون أن يعملوا للإنتخابات، سوف نُرهق، ولا يوجد وقت، وأجندتنا لا تتحمّل أن يدخلوا في مناكفات. فأنت يجب أن تشكلها حكومة قوية،
وهذه المحطة تذكرني بما حصل لحكومة طاهر، لان تشكيل حكومة من النواب يعني أن هنالك من سيرضي، ومن سوف يغضب؟ وبالمناسبة حتى أصدقائك المقربين لك، الذين يحبونك طبعاً، إذا عيّنت أحداً غيرهم سوف تكون لهم حساباتهم، ويغضبون، أقول لك بأمانة: طاهر ديمقراطي، وقبل النتيجة، وإستقال، ولكن في المرحلة التي عمل فيها طاهر، أعتقد أنها تسجل له أنه تعامل مع المواضيع بديمقراطية، وتعامل مع مجلس النواب بما له وما عليه، بطريقة راقية جداً، وكذلك تعامل مع التشريعات حيث بدأ بوضعها بمجلس النواب، وقدمها المرحوم زيد بن شاكر وعُمل بها، وكان لها حضور مفصلي في تطوير الحياة السياسية وتنميتها،
س- بعد إستقالة حكومة طاهر المصري، أين أمضيت مشوارك السياسي؟
ج- دخلت حكومة المرحوم زيد بن شاكر وزير الطاقة والثروة المعدنية، وهي الفترة التي كنا فيها نستورد النفط من العراق الشقيق باسعار تفضيلة، بعد ان توقف ضخه في خط التابلاين من السعودية بسبب الموقف من حرب الخليج الاولى.
س- بعد ان استقالت هذه الحكومة وترشحت للبرلمان عام 93 شاركت مرة اخرى في حكومة المرحوم ابو شاكر وزيراً للصناعة والتجارة.ما هو رأيك في ابو شاكر؟؟
ج- من كل قلبي أعترف بأنني أكن إحتراماً وحباً كبيراً لهذه الشخصية، التي لم تأخذ حقها بعد، لما انجزته وحققته لهذا الوطن فقد كان ابو شاكر رحمة الله مدرسة في القومية والخلق والكرم ومحبته للوطن وولائه للمليك والعرش.
فالقوانين التي أعدتها حكومة طاهر المصري لم يتخلف ابو شاكر عن دعمها واقرارها مع البرلمان، إضافة لذلك كان ابو شاكر على علاقة طبية مع جميع مكونات الدولة بما في ذلك جبهة العمل الاسلامي، والاطر القومية واليسارية، وكانت كلمته مسموعة عند الجميع، وبالنسبة لي فقد كانت علاقتي معه مميزة جداً، ولم يتردد في تقديمي ودعمي في جميع المجالات، وهو ما فسّر عودتي للعمل معه وزيراً للصناعة والتجارة. في عام 95.
س - ماذا عن عبد الكريم الكباريتي؟
ج - شاركت في حكومته بين عام “96” الى 97 وزيراً للصناعة والتجارة، وكانت علاقتنا متوازنة وجيدة، ترشحت للانتخابات عام 97 ونجحت، وانتخبت رئيساً للجنة المالية والإقتصادية مرة أخرى لثلاث دورات متتالية، وهذه التجربة كانت ثرية ومهمة في حياتي المهنية، لأنها أتاحت لي فرصة معرفة أساليب الإدارة العامة والخطط الحكومية وغيرها من القضايا التي تساعدنني في عملي مستقبلا.
س - ما دمت تعتبر المحطة المهمة، والتي أحببتها في حياتك هي المحطة النيابية، لماذا لم تخض الإنتخابات بعد ذلك؟
ج- اللذان ترشّحا للإنتخابات بعد أن صارا رئيسين للوزراء هما: طاهر المصري، وعبد الرؤوف الروابدة مرتين، وأنا خضت الإنتخابات قبلها ونجحت، الصحيح يوجد عدة إعتبارات: يجوز أولا أن السن له أحكامه، لست أقصد أن الإنسان يكبر على العمل العام، أنا أعتز بعملي بالموقع العام، أقول لك بكل صراحة: لو وجدت جبهة سياسية متفاهمة، لديها برنامج سياسي إقتصادي إجتماعي واسع على مستوى المملكة، كنت سأرشح نفسي للإنتخابات، وهنا لست أصغّر من مجلس النواب الحالي، أو أصغّر من شخوصه. كلهم لهم وضع إحترام وتقدير، ولهم كلّ المحبة، ولكن الفردية في العمل النيابي كثيرة، والكتل ليست ملتزمة. حتى في زماننا كان يوجد كتل متماسكة، يعني عندما نلتقي ونأخذ قراراً، أغلبية الكتلة تلتزم، أما الآن وآخر مجلس نيابي هو الرابع عشر لم يلتزم بكتلة، ولا فكرة، ولا موقف، هذا صوت شمال وهذا صوت يمين، هذا يريد أن “يقتصّ” من هذا، والثاني “مش سائل عن هذا”. هذا ليس بالعمل النيابي، الأجندة الوطنية أهم، والإنجاز أهم. لقد حان الوقت بأن نفكر بمفهوم الطرح السياسي، لا أعني السياسي العادي، بل أعني السياسي المؤسس على أجندات وبرامج إنتخابية، مثلا نحن عندما ترشحنا للإنتخابات سنة 93 و89 و97 كنا نقدّم حتى كأفراد برامج إنتخابية، كنا كلنا، أنا، وطاهر المصري، وغيره، نقدم تصورات للقضايا السياسية والقضايا الإقتصادية و الإجتماعية،و كيفية معالجتها، وليس فقط كشعارات. ومع إحترامي للأخوان كلهم، يجب أن يكونوا سياسيين، والإنتخابات المقبلة يجب أن تكون سياسية. ليس شرطاً أن أشارك فيها، لكن يمكن أن يكون لي دور فيها، بدعم أناس، أو تيار سياسي لأنه لو نجح 20 شخصاً من توجه سياسي واحد، تأكد أنه سيكون لهم حضور، ويلتف حولهم آخرون، ويكون هناك جو ملائم لتنفيذ البرامج، ومتابعة تنفيذها. إذا كان هناك حكومة تقول: هذه أجندتي، هيّا لنعمل سوياً، ونتناقش، ويدعم هؤلاء النواب الحكومة بقوة، وجزء من الحكومة يمكن أن يكون من البرلمان، هكذا تتطور الحياة السياسية، إذا لم يتم هذا التطور سنظل كما نحن. يعني قانون صوت الواحد ليس المشكلة، إذا دعمت مرشحاً يمكن أن توصله حتى بالصوت الواحد، بصراحة أقول لك ليس الموضوع الصوت الواحد، ولكن الموضوع نمو الحياة السياسية التي لا تكون عن طريق وزارة التنمية السياسية، ومع إحترامي لهم
س - أنت تعتبر صاحب أطول تجربة كرئيس وزراء في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، ماذا يعني لك هذا الموضوع ؟
ج-كان وما زال لدى جلالة الملك رؤى وتطلعات كبيرة لدعم الإقتصاد الوطني، وتحسين مستوى معيشة المواطن، ومواجهة التحديات الكبيرة: المديونية، برنامج التصحيح الإقتصادي والأعباء على المواطنين، وفتح المناخ الإستثماري، والإصلاحات الكبيرة، وكذلك تطوير القضاء، وتحسين وضع البلديات، وتحويل العقبة لمنطقة إقتصادية خاصة، وكان يريد أن يحسم هذا الموضوع بنعم أو لا؟ وكان يريد أن تكون هناك علاقات أردنية عربية مميزة، وعلاقات أردنية دولية متوازنة وجيدة، أن يكون صفة الأردن المعتدل الآمن المستقر، هذه كلها طروحات جلالة الملك، وكانت طروحات كبيرة، وكان لديه جدية لوضعها في برامج واستراتجيات، نستطيع أن نقول إن الحكومة في ذلك الوقت نفذتها في كل هذه المجالات، وكذلك كانت الحكومة في ظل ظروف سياسية صعبة، الإنتفاضة سنة 2000 التي كان لها حضور في العالم العربي وبشكل خاص في الاردن ، كان جلالة الملك له دور كبير في التعامل مع هذه التطورات، وانقاذ السفينة من المخاطر، ورغم صعوبة الظروف إلا أننا تمكنا من إحداث إصلاحات إقتصادية وتشريعية هامة ما زالت اثارها ماثلة.
س - هناك أناس يقولون إن علي أبو الراغب تندرا علي ابو الضرائب ما تعليقك؟
ج- أنا أتحدى أي إنسان يقول أني رفعت الضرائب، ضريبة المبيعات تم رفعها من 10إلى 13% في عهد فايز الطراونة، ومن 13إلى 16% في عهد فيصل الفايز. أنا لم أرفع ضريبة. بل على العكس فقد قدمت للمجلس الثالث عشر قانون ضريبة الدخل التي تم بموجبها خفض ضريبة الدخل، وهو القانون الذي خفف الاعباء على المواطنين وساهم بشكل فاعل في بناء الطبقة الوسطى ودعمها .
س- هل ترى نفسك قريباً من أي تيار سياسي، خصوصاً أنه يوجد كلام عن الجبهة الوطنية، أن لك إتصالات معهم؟
ج- نعم الجبهة الوطنية قريبة مني، ويوجد غيرهم كذلك. وبصراحة أقول لك وبكل بساطة: أنا مع الطريق الثالث، لا الرأسمالية الإنتهازية، ولا مع الإشتراكيين الشيوعيين. أنا مع الخط الذي يدعم القطاع الخاص، وينظّم عمله، بحيث يكون عمله لمصلحة الوطن، و هذا الخط الذي يُعمل به في معظم الدول الإسكندنافية، والدول الأوروبية، لا يوجد شيء إسمه إشتراكي أو رأسمالي يوجد شيء إسمه مصلحة الوطن،
لا أجد نفسي بعيداً عن التفكير مستقبلاً بالتفاعل مع هذه الجهود التي تهدف إلى تنمية الحياة السياسية .
س - بالنسبة لزيارتك للعراق، كانت هناك أجواء لها علاقة بتفاقم الأوضاع المنطقة، ما هي التفاصيل التي لم تعلن عنها بمقابلتك مع صدام؟
ج- العلاقات العراقية مع الأردن لم تكن جيدة في ذلك الوقت، كانت هناك مشاحنات أردنية عراقية، بسبب بعض الرواسب ، وعندما تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني عهده وجد علاقته مع أميركا جيدة، وعلاقته مع الخليجيين جيدة، أمّا العراق فليس كما يجب؟ هنالك بعد تاريخي وإقتصادي وإستراتيجي، وموضوع البترول مصلحتنا فيه كبيرة، أنا علاقتي مع العراقيين كانت جيدة منذ كنت وزيراً،. ، فالعراق كشعب والبلد كنت أحبهم، وأحب تاريخهم القومي، وأحب كل الدول العربية، “هيك الله خلقنا” فعندما ذهبت للزيارة كانت لبناء محطة جديدة من العلاقات مع العراق، وليس سراً أن العراق حوّل معظم تجارته عن طريق عدد من الدول، وهو الأمر الذي أضر بالاقتصاد الأردني نظراً لعدم استفادة الاردن من الانفتاح في أواخر التسعينيات.
صدام حسين، رحمه الله، كان يقدّر المغفور له جلالة الملك حسين. وعندما إلتقيته في تلك الزيارة التاريخية إنصب الحديث عن تذليل كل المعوقات والأسباب المؤدية إلى التعطيل،
طه ياسين رمضان كان أحد الأشخاص الذين يبنون على الخلافات العراقية الأردنية، كان يختلق قصصاً ويختلق مشاكل، ونحن خلال حديثنا مع صدام حسين قمنا بحل هذه المشاكل كلها تقريباً. وقال لي: لو أنني لست داخل الحصار لقمت بإعطاء الأردن البترول مجاناً، وقال لي إنه قال للملك الحسين منذ زمن، والآن أقولها لك، “حابب يكون الأردن قوياً إقتصادياً وما يضغطوا عليه، حتى لا يكون وطناً بديلاً واسترسل بالقول: لو ان الحصار ليس مفروضا على العراق لارسلت النفط مجاناً إلى الأردن، وبالفعل حصلنا على النفط بأسعار تفضيلية، وجزء منها كمنحة مجانية، نصفها تقريباً، بالإضافة إلى عودة التجارة الى ما كانت عليه في السابق، وكلّ ذلك تحصّل لنا من خلال توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني بان تكون العلاقات الاردنية متوازنة مع جميع الدول العربية، بالرغم من الظروف الدولية.
س - نحن الآن في ظل أجواء سياسية جديدة تتمثل في تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب مجلس نواب جديد، ما هي أبرز التحديات الآن التي تواجه الأردن في المرحلة المقبلة؟
ج - هناك تحديات في كلّ المجالات. الأردن دولة حديثة، تطوّر أنظمتها وقوانينها وتشريعاتها، وتبني مستقبلها التعليمي والصحي. هناك أشياء تؤلمنا وتقلقنا، والتي هي بصراحة مستوى المعيشة والفقر والبطالة. وبنفس هذا الوقت، وليس بعيداً عن هذا الأحداث التي تجري حولنا في المنطقة، المؤلمة والمؤسفة في فلسطين، وعجز العراق، والآن لبنان. نحن نعيش في منطقة مترابطة، ليست متباعدة عن بعضها البعض، هذه التحديات المهمة التي تواجهنا الآن، إذن، المهم أن تكون الجبهة الداخلية قوية متماسكة، وتجد حلولاً لهذه المشاكل بقوة الجبهة الداخلية للدولة. برأيي الأولويات لمواجهة التحديات الداخلية ضمن معادلات ديمقراطية وشفافية.
س- هل تحب أن تتحدث عن شخصية الرئيس المهندس نادر الذهبي؟
ج- أتكلم بإيجابية عن هذا الرجل. بصراحة، وخبرتي ومعلوماتي عنه أنه يمتلك كفاءة والخبرة والنزاهة والجدية ليكون هذا المنصب الهام في هذا الظرف، وهو رجل منتج وصادق، والمهم أنه لا توجد عنده أجندات شخصية، فهو قادر على صنع القرار، وقادر على إتخاذه وتنفيذه، أنا متفائل به شخصيا، “ما رح أقول أن التشكيل الحكومي عاجبني بالكامل”، ولكن يمكن أن أقول إن الحكومة معظمها جيدة، هنالك تحديات كبيرة والأجندة الوطنية فيها ليست سهلة، يجب أن يعملوا ويجب أن يأخذوا حقهم وفرصتهم بالعمل وبدعم من مؤسسات الدولة كلها، أقول بدعم مؤسسات الدولة كلها، يعني كلها، ما حد يعير الثاني ويحاضر على الآخر، فان الظرف لا يحتمل المناكفة، ليس لدينا البذخ، لمثل هذه المناكفات، أن التغيير الحكومي تغيير نوعي إيجابي وهو يصحح ما فعلته الحكومة الماضية, التي لديّ الكثير من الملاحظات عليها ولانتقادات على أدائها.
س - التناغم بين الأمني والسياسي اثر وبشكل كبير على فرص إمتداد عمر حكومتكم بشكل إيجابي ماهو تعليقكم ؟
ج - الدستور الاردني من الدساتير المتطورة، والأساس فيه أن تكون الولاية العامة للحكومة ، وهو دستور يشهد له بتوازنه، ونصوصه الحاكمة الإيجابية وتساعد في دعم النظام م الإستقرار في الوطن وبموجبه فإن الحكومة تتولى مسؤولياتها الدستورية، وتتعاون مع مؤسسات الدولة بحيث لايجوز أن نقول والله السياسي يتغول مع الأمني، لكن نقول إن هناك حكومة، والحكومة هي المظلة، ومجلس الوزراء هو مجلس جلالة الملك، ليس فقط مجلس الأعيان مجلس الملك.
الجهات الأمنية هي دعم للدولة، وهي جزء من الحكومة، ولكن الحكومة هي صاحبة الولاية العامة، وكلما كان هناك تعاون بين مؤسسات الدولة المختلفة، فانها تكون ناجحة وإيجابية، وتدعم العمل العام والوطني، وكلما تعددت مراكز القوى فأن ذلك يكون على حساب الصالح العام.
بالنسبة لحكومتي كان هنالك تنسيق جيد، وتعاون بين كل مؤسسات الدولة. نعم، ويجوز أن هذه أحد أسباب إنجازاتي والناس تقيمها والحمدلله إيجابياً. كان محسوباً على الحكومة السابقة، وبعض الحكومات السابقة، أن هناك تدخلات أو عدم وجود تفاعل ووجهات نظر مختلفة وفراغات مختلفة.ولكن إن شاء الله ان يكون الامر مختلفاً مع هذه الحكومة التي أتوقع نجاحها وتميزها.
س- أنت عايشت معظم المبادرات والطروحات الملكية، ولكن يكون هناك بالعادة تخلف في تنفيذها هذه المبادرات؟
ج- شخصية جلالة الملك شخصية عسكرية، هو من الذين يؤمنون بالبناء من خلال وجود استراتيجية، ووضع الإمكانيات الصحيحة وتحقيق الأهداف، وجلالته يريد دائما القوة أن تنتظم بأسلوب في برامج الوطن بشكل متكامل بأن ترضي كل الإتجاهات مع بعضها البعض، وهذا الموضوع له متطلبات مثل ما قلنا، الآن في الأردن المشكلة المالية، وليس كل شيء يتوفر له المال يحقق الأهداف، لكن جلالة الملك يعي ذلك بالنهاية من خلال طرح أفضل طرق لإستعمال المال لتنفيذ هذه البرامج في الأردن ومبادرات التصحيح،
رؤساء الوزراء يجتهد كل واحد منهم مع فريقه الذي يعمل معه، وأريد أن أقول بصراحة إنه كلما كان رئيس الوزراء عنده حرية حركة في إنتقاء وزرائه كلما كان أكثر قدرة على الإنجاز والإنتاج.
س - نريد أن نتكلم عن موضوع الإستحقاق المتمثل برفع أسعار المشتقات النفطية، وأنت كشخصية إقتصادية كبيرة هل ترى أن هناك خيارات أخرى غير الرفع؟
ج - أنا أعتقد أنه لا يوجد خيارات، خصوصا أن هناك ضرورة لتنظيم قطاع الطاقة المتعلق بالمشتقات النفطية، أنت عندك بترول للعام القادم فقط، بعدها من أين سيتم إستيراده، وبأية أسعار تلبي حاجة المواطن، وما هي الإمكانية المتاحة، وما هي قصة التوزيع والإستيراد وكذلك الإنتاج، لا أدري أنا فقط أطرح أسئلة، كان يجب أن يتم البحث فيه وإيجاد حلول له، وماذا سيحصل، وما هي تأثيراتها على المواطنين وما إنتاجها؟ لا توجد حلول إلا حزمة إقتصادية إجتماعية متكاملة، تأخذ بعين الإعتبار تحقيق هدف تحرير اسعار المشتقات النفطية، وإيجاد أسلوب تنظيم لكل المشتقات النفطية، من حيث إنتاجها وإستيرادها وتوزيعها وأسعارها ووضعها ضمن معادلة، تحت أسعار منافسة.
أنا لا اعرف تأثيرات ذلك على المواطنين بشكل عام وهذا يحتاج إلى بحث كبير، تريد حلاً، ولا يوجد إلا هذا الحل الصحيح، ولكن هل بوجبة واحدة أم في جدول زمني لا استطيع الاجابة.
س - كنت دائما أنت ضد القائمة النسبية ؟
ج- عندما درسناها وجدنا أن القانون قبل عدة سنوات كان سؤدي الى تغول حهات معينة.
فوجدنا من الأنسب أن تتجاوزها ولكن تقديم النظام القائمة النسبية في المستقبل هو امر ضروري ولكنه مرتبط ايضا بوجود احزاب وحياة سياسية.
س - نأتي لقصة البنك لماذا تم رفض ترخيصه؟
ج - لم نتقدم أصلاً، لأنهم لم يعطونا الطلب من اساسه، عندما فكرت بالموضوع، كان هنالك مساهمون تجار وصناعيون لهم حضور، وعلى مبدأ المنافسة بالنهاية، نحن في ظل إقتصاد حر، والمنافسة حق للجميع، ولا يجوز لأي سوق أن يغلق، أو أي قطاع أمام المستثمرين، ومن يتقدم ويلبي هذه المرجعية تعطيه، لماذا شركات التأمين، لماذا الصناعة مفتوحة ما عدا البنوك؟ لماذا عندما طلبنا من البنك المركزي أن يعطينا نموذجاً لم يعطنا هذا النموذج، وذلك بحجة ان الأولوية للبنوك الحالية لرفع رأس مالها لحد أدنى 100مليون دينار.
س - هل فكرت في تأسيس حزب؟
ج - والله حاليا لا، ليس في بالي تأسيس حزب، ولكن في المستقبل لدي جاهزية للتعامل في هذا المجال لكن ضمن أي معادلة وكيف، وقتها ستحدد.
س - بين الحين والاخر تخرج بعض الأصوات التي تحمل نبرة الإتهام لشخصكم بأستثمار المواقع واستغلال الوظيفة، خصوصا فيما يتعلق بقضية النفط ؟
ج - هذا الموضوع يثار بين الحين والاخر، ويقف وراءه اشخاص يتميزون بقدراتهم الافترائية، وصوتهم العالي بدافع الحسد .
وبالنسبة لموضوع البترول فكان هناك توقعات بأن تقوم حرب خليجية جديدة في اواخر عام 2002 مما اوجب علينا فكرة التفكير بتخزين كميات كبيرة من النفط، تحوطاً من رفع أسعاره من جهة وتوقف ضخه من جهة أخرى، ولمواجهة الإحتمالات قمنا بشراء باخرة تخزين في العقبة تستوعب حوالي 400 ألف طن بالاضافة الى خزان المصفاة واستعملنا وسائل مختلفة للنخزين في مناطق مختلفة من المملكة .
ولكن كيف تم ذلك فأن كل ما استطيع قوله انه تم بأسلوب جيد ولمصلحة الوطن والله يشهد على ما فعلته حكومتي بهذا الخصوص والتاريخ يكشف كيف قمنا بواجبنا خصوصا وان الملفات موجودة ولا يوجد ما نخشى منه
س - ماذا عن قصة ارض السودان واستثماراتكم هناك ؟
ج - أنا كأي مواطن لي الحق بأي إستثمار داخل الاردن وخارجه . والسودان بلد عربي شقيق نعتز به , الحقيقة ان مساهم هناك في مصنع حديد وحصتي 7 بالمائة فقط من أصل رأسماله البالغ 11 مليون دولار لا أكثر ولا أقل، وأي عوائد إستثمارية منه فأنها بالضرورة تعود للاردن.
س - قالوا انك سجلت قطع أراض كثيرة في العقبة قبل تحوّلها لمنطقة خاصة ؟
ج - هذه سجلات الاراضي موجودة، وإذا كنت أملك دونماً واحداً متكاملاً في العقبة، عودوا إلي وحاسبوني، وكل ما لدي قطعة ارض لا تزيد عن 1200 متراً أملكها أنا وأشقائي، بالإضافة إلى ثلاث شقق أملكها منذ منذ السبعينيات في العقبة، وما دون ذلك سأشكر من يثبت العكس، وأنا أيضاً أتحدى وهذه سجلات دائرة الاراضي امامكم ومن يمتلك اي معلومة خلاف ذلك فليتقدم بها.
س - بخصوص ملف له علاقة بشركة البوناس وتحديدا المغنيسيا ؟
ج - اوضحت هذه المسألة عشرات المرات لقد طرح عطاء المغنيسيا عام 1998 وتقدمت شركتان احدهما كندية والاخرى تركية يمثلهما ابني انذاك وكان عرض الشركة بأقل الاسعار وعندها لم اكن رئيسا للوزراء، ولم أكن حتى في الحكومة، وبدأت المشاكل بين الائتلاف عندما كنت رئيساً للوزراء، وكان لها اثر على سير العمل، وقامت شركة المغنسيا حينها وبتوجيهات مني بحجز الكفالة ومصادرة الاقتطاعات المالية واستكمال المشروع على حساب الائتلاف المذكور.
اثير هذا الموضوع من قبل بعض النواب في حكومة دولة الاخ فيصل الفايز، وطلب من الحكومة التحقق منه علماً بأنني شخصياً طالبت رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت معالي الاخ عبد الهادي المجالي تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في هذا الموضوع، الا ان النواب الذين اثاروه اصدروا على ان يقوم الحكومة بالتحقيق، كما قامت دائرة مكافحة الفساد في المخابرات العامة وهي تملك صلاحيات الضابطة العدلية بالتحقيق، وتوصلوا إلى أنه لا يوجد أي مسؤولية قانونية تدين أي جهة في اسلوب حالة العطاء وتنفيذه علماً بان الشركة مغنسيا كسبت التحكيم الذي تم مع الائتلاف هذا، وقامت الحكومة السابقة بتحويل الملف مرة اخرى للنيابة العامة قبل حوالي سنة ونصف ولا اعلم ماذا جرى بعد ذلك.
س - ماذا عن قصة رفع اسعار الحديد ؟
ج - بداية فأن الحكومة ليس لها أي علاقة بتحديد أسعار الحديد، لا من قريب ولا من بعيد، فهنالك في الأردن حوالي 14 مصنع حديد تتنافس بينها، وهنالك عدة ازمات للحديد حصلت في عهد حكومات سابقة، فلما تذكر فقط الازمة التي حصلت في حكومتي انا .
هنالك اعتبارات كثيرة تتحكم برفع اسعار الحديد وخصوصا اسعار المواد الخام في السوق العالمية في السوق العالمية، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن حكومتنا اصدرت قانوناً مؤقتاً لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة وأولى نتائج هذا القانون أن حطم إحتكار الشركة التي كانت تقوم بتوزيع الحديد باتفاق معظم المصانع، وهو الامر الذي اغضبهم , علما بأنني امتلك فقط 6 % من الأسهم في احد مصانع الحديد منذ عام 73فلماذا هذه الضجة.
س - قيل أيضا بأن تعديل رسوم التأمين الالزامي جاء لتحقيق مصالحكم وانت رئيس للوزراء ؟
ج - حصتي لا تزيد عن 10 % في واحدة من شركات التأمين من اصل 27 شركة في المملكة، معظمها يخسر في التأمين الالزامي في البلاد، وهذه الحصة أقدم كثيراً من وجودي في رئاسة الوزراء وبالنسبة لموضوع التأمين قد تكون شهادتي مجروحة .
اسألوا واصف عازر الذي كان وزيراً للصناعة والتجارة، بل إسألوا صلاح البشير الذي تقدم بكتاب رسمي لمجلس الوزراء لرفع رسوم التامين الالزامي إستنادا لدراسات وأرقام، فقد كان هو شخصياً من جاءني وتحدث عن التأمين الالزامي. يا اخوان أرجو أن نكون عمليين، انا علي ابو الراغب، ما الذي سأحصل عليه من خلال أسهمي في التأمين، انتم تتحدثون عن مبالغ زهيدة فهل أنزل إلى هذا المستوى؟ لا بد أنكم تعرفون بأنني كنت وزيراً للصناعة والتجارة لثلاث سنوات ونصف، وأعمل بالشأن العام منذ عقود، وأصبحت رئيساً للوزراء لأكثر من ثلاث سنوات، ولست محتاجا لمثل هذه المكاسب والمنافع التافهة.
وارجو ان تسألوا السيد باسل الهنداوي رئيس هيئة رقابة شركات التأمين عن تفاصيل هذه القصة لتروا أي ظلم يلحقه هؤلاء الاشخاص بي .
س - هنالك من يقول بأنكم ابطأتم في تقديم قانون إشهار الذمة المالية ؟
ج - حكومتي كانت السباقة في التقدم بهذا القانون إلى مجلس النواب , وقد جاء ذلك في سياق جهودنا الكبيرة لمحاربة الفساد .
وأريد أن اسجل هنا للأخ محمد الذهبي مدير المخابرات العامة بأنه أشهر ذمته بشكل قانوني، وسبق جميع المسؤولين إلى التقدم بأشهار ذمته، وهذا يدل على أن القانون بدأ التطبيق فيه من قبل أحد أهم الشخصيات السياسية والمالية .
س- حدثنا عن المحطات في حياتك المهنية والسياسية ؟
ج - أهم الإنجازات، ما حظيت به من معرفة وعلم وشرف عندما كرمني سيد البلاد بتكليفي رئيسا للوزراء لمدة ثلاث سنوات ونصف ساهمت خلالها ببعض الانجازات.
والحمد لله على ما انجز، والحمد لله من قبل ومن بعد أن أنعم علينا في هذا الوطن بقيادة هاشمية حكيمة، لها موروث تاريخي وقومي، ساهمت بإستقرار وامن الاردن، وهذا أعتبره أهم بصمة في حياتي المهنية والسياسية، وخصوصاً ما تعلّمته على أيدي جلالة الملك الذي كان على الدوام يهتم بحياة المواطنين وظروفهم المعيشية، وتوفير أفضل وسائل للعيش، سواء كان ذلك في التربية والتعليم والصحة او التدريب المهني وإيجاد فرص عمل .
لقد كان جلالته، ومن وحي معرفتي الشخصية له، خلال تلك الفترة، فأنه كان يربط الليل بالنهار، وهو يعمل ولم نكن نحن في الفريق الوزاري قادرين على اللحاق به، فهو يسبقنا بكل شيء , فهو يطلب انجاز كل شيء ليس غدا وانما اليوم، فحرص جلالته على ابناء الوطن ومصالحهم هو الذي دائما منارتنا التي نهتدي بها، فأي شرف يعدل عملنا معه وتلبية جزء من طموحاته, فلجلالته الفضل الاكبر على شخصيتي، والحمد لله أنعم على البلد بهذه القيادة الحكيمة الجريئة.
ويستوقفني هنا ما لمسته من جلالته من حرص على دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية ذلك انه لا يترك اي فرصة الا ويستغلها للدفاع عن الحقوق الفلسطينية وخصوصا مدينة القدس التي تحتل موضع القلب عند جلالته.
س- إننا نتكلم عن دولة أبو حسن المشتبك بالحياة السياسية والإجتماعية ماذا تعني لك العائلة وأولادك وكيف تقضي الوقت معهم؟
ج - أنا عندما عملت في قطاع المقاولات عملت 3 إلى 4 سنوات في معان، كنت أحضر كل أسبوعين مرة، ثم حوالي أربع سنوات في العقبة، أنا ما “لحقت” أعيش الحياة العائلية، أبنائي رأيتهم “يحكوا يمشوا يكبروا يدخلون المدارس دون أن أعي بهذه المراحل”، لم أستمتع مع أبنائي جيدا مثل الناس، طبيعة عملي هكذا، هي طبيعة الحياة السياسية، وكذلك العمل السياسي والوزاري وكثرة السفر والتعب والشغل والحمد لله فاننا الان نعيش حياة عائلية من أحلى ما يمكن، عندي ولدان وثلاث بنات بنتين متزوجتان وواحدة مخطوبة وعندي إبن متزوج ولديه أولاد والثاني عزابي.
س- الذي إفتقدته في أولادك، هل تعوضه في أحفادك؟
ج - الآن نجلس مع بعض ونسافر، وأستمتع أكثر بحياتي العائلية مع أولادي وأحفادي وأنسابي، أما في السابق كانت محدودة، وفي مناسبة كذلك خطبة أو زواج أو كتب كتاب، أما الآن يوجد فيه وقت لنتحدث ونتسلى ونتجادل ونحكي أكثر ونعيش أكثر، بالمناسبة نحن نعيش حياة مستقرة وسعيدة ومريحة. والذي لا يوجد لديه حياة عائلية ليس لديه شيء، الذي لا يوجد لديه عالم في بيته فلا يوجد له عالم ، الحياة العائلة تؤثرعلى الشخصية، وأي إنسان أيضاً ينعكس كيف عايش في بيته وتنعكس علاقته مع الناس ومع المواطنين.
س - يعني هم مستفيدون من بعدك عن العمل السياسي؟
ج - نعم، وسعداء، وقد هددتني زوجتي اذا نزلت للانتخابات فانها ستترك المنزل وذلك في مداعبة تؤشر الى سعادتهم بتفرغي للاجواء الاسرية.
س- أولادك لم يشتركوا بالسياسة ؟
ج- لا، لم أشركهم بالسياسة ، ولكن كلهم مثقفون، ومعهم شهادات الماجستير.
س- هل زوجتك قريبتك؟
ج- زوجتي من عائلة ابو حسان، ولا توجد اي قرابة بيننا.
س - ماهي أكثر الأشياء حزناً بحياتك؟
س - فقدان الأعزاء و الوالدين، والأشقاء والأصدقاء هذه الحياة فيها راحة وفيها أحزان، فقدان فلسطين، البعد عن القدس، وغير ذلك من فقدان أشخاص هنالك أيام نعيش تحقيق إنتصارات، وأيام تحقيق إنجازات ونجاحات والحمدلله بالنهاية الواحد يكون قانعاً بالحياة ويعيش حياته بطريقته.
س- نحن نعلم أنك تركت التدخين، منذ متى وأنت تدخن؟
ج - انا دخنت أكثر من أربعين سنة، عندما كان عمري 14 سنة ، وتركته قبل عدة سنوات بعد عملية في القلب، وبعد تركي لرئاسة الوزراء.
س - ما هو أكثر شيء تعتبره إنجازا في حياتك تفتخر فيه وتعتز فيه؟
ج - الحمدلله في مجالات مختلفة، وأخطأت في بعض المجالات واصبت في البعض الاخر ، “إللي يشتغل وينجز سواء صح او خطأ يتحاسب”، ولكن ان يدخل المرء موقعا عاما دون ان ينجز شيء فان الناس لن تذكره، وقم بالقياس على ذلك ولا أريد أن أسمي أسماء دخلوا العمل العام وطلعوا زي ما هم دون ان يذكرهم أحد.
..............................................................
الصورة للزميل قمش في حواره مع ابوالراغب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :