facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحـب في زمـن الإعتـصام


عمر الداودية
27-08-2013 02:28 AM

أربعة عشر عاماً مضت...و عمان التي غادرتها طفلاً عام 1998، عدت لها شاباً يتدفق شوقاً و حيوية و نشاطاً لبداية جديدة. و عبر ذاك الطريق الطويل من الغياب و الذي بدا أحياناً بلا نهاية و بلا قرار...ختم جوازي مئات المرات، و عرفت كثيراً من البلدان و الثقافات، و أصدقاءً كثر...طوى النسيان أغلبهم، و كم من مرة – في محطة قطار – وقفت مودعاً إحداهن...ثم أخذتها المسافة بعيداً...بعيداً جداً ...الى حيث لا تريد و لا أريد والى حيث لن نلتقي بعد ذلك.

و في مطار الملكة علياء، و من فرط الشوق و سنوات الغياب بت أعتقد أني أستحق خروج جمهرة حاشدة لاستقبالي، أناس تصطف على جنبات الطريق مهنئة، و أجزم أن كثيراً من المغتربين خالجهم هذا الشعور و خاصة أؤلئك الذين أعياهم الحنين " لكم" ... أنتم يا من تعتقدون أن العائدين يحملون حقائباً فقط...بينما حملوا ما هو أثقل منها ...حزماً هائلة من اللهفة و التعب. و بينما كنت أبحث عن الجمهرة، تلقـفني شخص وحيد في ردهة الإستقبال، و أما "أنا و عمان" فقد كنا كـعاشقين لم يلتقيا منذ عقد من الزمان، ثم جلسا أخيراً و قد تحول الحب القديم بينهما الى ذهول و مفآجأة.. وهما يشاهدان حبيب الأمس و قد تغير...تغير كثيراً.

كنت أراقبهم عن بعد...مستنداً الى الحائط و أنا استرجع شريط الذكريات هذا ! و قد شهدت منذ عودتي و انخراطي مجددا تقلبات و مفاجآت عدة، و ها أنا اليوم أدخل سجن الجويدة لأول مرة "مع الزائرين" و أتابعهم...هي وهو... و قد حال بينهما الحاجز الزجاجي العازل للصوت.

بدت شاحبة و متعبة و كأنها لم تنم ليلتها شوقاً لهذا اللقاء أو أنها كانت تحاول انتقاء أفضل الكلمات و الجمل في الدقائق القليلة المتاحة لها عبر سماعتين موصولتين بينهما. أما هو...فقد أضفى حضورها سعادة لم أره فيها من قبل...رغم ثياب السجن الرثة و رغم الحاجز الذي منعه من التسلل الى أناملها، و رغم أن خطبتهما لم يمض عليها سوى بضعة أيام، و بدل أن يكونا في أحد "كافيات" عمان يتبادلان الزهور و يشربان "كوكتيل" الفواكه سوياً ..ها هما وجهاً لوجه...في الأيام الأولى من خطوبتهما ...في سجن الجويدة !! و بينما انتظر دوري دون ادنى محاولة لازعاجهما...تنبه هو لي ملوحاً من خلف الزجاج، و رغم ابتسامته "الصادقة" كنت أدرك أن لسان حاله يقول "مش وقتك هسا".

عبدلله محادين و آية الموسى... ؟!

مضت أيام الجويدة بغير رجعة –ان شاء الله- ، و يستعد اليوم الخطيبان لحفل زفافهما في الثلاثين من آب الجاري. قد يتفق قلة مع عبدلله و آية "المثيران للجدل" و قد يختلف معهما الكثير، و انا هنا لست لأقيم تجربتهما أو مسيرتهما في الحراك، إنما لا يستطيع أحد أن ينكر أن حب هذا الوطن...و حبه فقط هو الذي جمعهما، فبينما يلتقي الأحبة في ظروف مناسبة، تعرف عبدلله و آية على بعضهما تحت لهيب الشمس و زخات المطر في إعتصام هنا أو هناك.

بعد أحداث الدوار الرابع – قبل اكثر من عام – تصدرت انا "المفرج عنه" أخبار المواقع الإلكترونية، و كنت أقرأ بشيئ من الخجل مقالات لأعمدة الصحافة الأردنية التي ذكرت "عمر و رفاقه" و لم تذكر "عبدلله و رفاقه"...عبدلله الذي كان لا يزال سجيناً حينها. كنت يا عبدلله ..أنت و آية، أجدر بتلك المقالات، و حيث لم ينصفوك في ذلك الوقت، اتمنى ان تجد بعض الإنصاف – و لو بعد حين- في مقالي هذا اليوم.

عرس عبدلله و آية سيكون "إعتصاماً" و تجمعاً من نوع آخر...إعتصاماً للفرح و لحب هذا الوطن...الأردن الذي استوعب عبدلله و آية، كما استوعب غيرهما سابقاً و سيستوعب غيرهما –أيضاً- لاحقاً.

سيزهو الوطن اليوم عندما يكون شاهداً على حب من نوع آخر ...هو:

الحــب في زمــن الإعـتـصـام !





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :