دريد لحام : فيروز دعيت للغناء للشعب وليس للنظام السوري
21-02-2008 02:00 AM
لا اؤيد المشاركة في معرض تورينو لانه يحتفي بدولة مغتصبة والمشاركة به تعطيه زخما وأهمية .. دور المثقف يجب ان يكون بالكلمة الصادقة النابعة من داخله .. الزعماء العرب متفقون مسبقا على ان يختلفوا قبل المجيء الى دمشق..اعمالي مع الماغوط الاكثر نجاحا ولم تكن بيننا قطيعة رغم الخلافعمون - اجرى الحوار : اسلام سمحان
"بكتب اسمك يا بلادي ع الشمس اللي ما بتغيب, لا مالي ولا ولادي على حبك ما في حبيب"كنت ادندن كلمات تلك الاغنية في طريقي للقاء دريد لحام وعلى تلك الكلمات تربى جيل كامل.
قلما نرى شخصية تعدت حدود ابداعها حتى تحط رحال تلك الشخصية في كل قضية من شأنها نصرة المظلوم واسترجاع حقه بكل الوسائل السلمية, كذلك هو الفنان دريد لحام الذي لم يكتف بابداعه الفني بل سخّر فنه لمحاربة الظلم ومعالجة المرضى خاصة العجزة والاطفال فنراه يؤسس لبرامج تلفزيونية من شأنها تخفيف معاناة هؤلاء الاقل حظا بالحياة كما ان دريد لحام يعتبر من القلائل الذين سخروا اعمالهم بصورة سياسية فنسمعه ينتقد هذا النظام او تلك السياسة حتى اصبح مدرسة في دروس النقد السياسي والاجتماعي اللاذع.
"العرب اليوم" التقت الفنان دريد لحام اثناء زيارته عمان وكان هذا الحديث:
* كونك مهتما بالشأن الثقافي الذي يغلب عليه شكل المعارضة, ما هو دور هذا المثقف امام تلك الخسائر والاوضاع المتردية في الوطن العربي?
ــ المثقف العربي لم يتخل عن دوره بل ارى ان دوره يجب ان يكون بالكلمة الصادقة النابعة من دواخله وليس من مصادر او جهات خارجية, واعتقد ان المثقف مهما مارس دوره لا يستطيع الا ان يمارسه من خلال الكلمة ان كان كاتبا او من خلال تمثيله ان كان فنانا كما ان المشكلة دائما ان رأي المثقف دائما يأتي عكس رؤية اصحاب القرار.
* جمعتك مع الراحل محمد الماغوط اعمال متميزة سجلها التاريخ الانساني والفني على صفحاته البيضاء لكن ما لبثت تلك العلاقة التشاركية المميزة بينك وبين الماغوط ان انتهت بالخلاف فيما بينكما, حدثنا عن سبب الخلاف وماذا تقول للماغوط اليوم بعد رحيله?
ــ كما قلت ويبدو ان لديك اطلاعا واسعا حول هذا الموضوع فالخلاف بين الاحبة هو الاقسى ويصبح مثل كرة الثلج تكبر شيئا فشيئا ويصبح من الصعب حله, فالخلاف كان بسبب تصريح صحافي للماغوط ازعجني جدا فعاتبته وقال لي بأنه لم يقل شيئا مما ذكر وعلى اثر هذا الخلاف توقف العمل بيننا ولم تتوقف الصداقة, وبعدها قمت بعملين منفردا وهو كذلك قام بعملين منفردا الا ان تلك الاعمال المنفردة لم تلق نجاحا كتلك الاعمال المشتركة بيننا مثل "ضيعة تشرين"و "كاسك يا وطن" و"شقائق النعمان", وحول علاقتنا كأصدقاء لم تكن هناك قطيعة نهائيا وكنت التقي به دائما, وبالرغم من الخلاف الذي كان بيننا سئلت اكثر من مرة عن الماغوط وكنت اجيب بأنه من اهم الشعراء العرب ومن اهم من كتب مقالا سياسيا, ولولا اهمية هذا الشخص لما ترجمت اعماله للعديد من اللغات الحية فهو علامة مميزة في الادب العربي.
* بما اننا في اجواء الكتب والكتاب ما رأيك في مقاطعة الكتاب العرب لمعرض تورينو للكتاب والذي يستضيف دولة الكيان الصهيوني ضيفة شرف لهذا العام ويحتفي بمرور ستين عاما على قيام دولة الكيان على ثرى فلسطين?
ــ معرض يحتفي بدولة مغتصبة لا اؤيد المشاركة به لان المشاركة فيه يعطيه زخما وأهمية وفي نفس الوقت ان تقاطع 22 دولة عربية معارض ومؤتمرات دولية لمجرد مشاركة هذا الكيان الغاصب ليست الطريقة المثلى, وهنا ارى في نفس الوقت حتمية الحضور حتى لا نترك المجال امامهم ليستفردوا بالجو لذلك نحن ندفع الان ثمن مقاطعتنا لمثل تلك المعارض والمؤتمرات ولكن الشيء الاهم هو عدم تلبية الدعوات من داخل الاراضي المحتلة ولا حتى زيارة لأنه مجرد المشاركة فيه هو اعتراف بقانونية هذا الاغتصاب.
* هل سوف تصدر لك اعمال ادبية او سيرة ذاتية? لمن تقرأ هذه الايام?
ــ الكتابة ليست مهنتي الا انني اكتب للضرورة عندما لا اجد الشخص الذي يستطيع ان يعبر عما في داخلي ويلبي الذي اريد ولدي اعمال كتبتها وحدي مثل "كفرون" و"الآباء الصغار" او بمشاركة احد الكتاب.. اما لمن اقرأ فأنا معجب جدا بالاعمال المترجمة للكاتب التركي الشهير عزيز نيسن ودائما افضل القراءات القصيرة ولا اميل للرواية واحب القراءات التي فيها تنوع معرفي وثقافي لأنها تثري الثقافة العامة لدي.
* اثير مؤخرا الكثير من اللغط والحديث حول الدراما السورية والمصرية وانت فنان شاركت في الكثير من الاعمال المشتركة بين دول عربية مختلفة. ما رأيك بتلك الحالة السائدة بين الاوساط الدرامية العربية?
ــ هذا اللغط هو لغط مصطنع وكما اشرت في سؤالك اننا اشتركنا في افلام مصرية ولبنانية وسورية وهذه ليست موضة او حالة طارئة فهي منذ زمن ويبدو ان بعض الناس قد شعروا بالغيرة فعملوا هذا الضجيج وهذه الاشكالات التي لا يجوز ان تحدث مطلقا من حيث المبدأ.
* دمشق ستستقبل القمة العربية المقبلة كما انها تحتفل باختيارها عاصمة للثقافة العربية وقد رفض البعض زيارة فيروز الى دمشق للمشاركة في هذه الاحتفالية, فيروز اكبر من السياسة ومن هؤلاء السياسيين, هل التقيت بفيروز اثناء حضورها الى دمشق وهل تحدثت معها حول تلك القضية وما رأيك بمؤتمر القمة الذي سينعقد في دمشق?
ــ حقيقة لم التق بفيروز في دمشق لاني كنت مسافرا, اما بالنسبة لتلك الاحداث التي حدثت وتلك الاصوات التي دعت فيروز لعدم الغناء في دمشق اعتقد ان اصحاب تلك الاصوات ليسوا سياسيين بل ادعياء سياسة ولهم من تلك السياسة ما يخدم مصالحهم الشخصية واريد القول هنا ان فيروز خاصة والرحابنة عامة لم يغنوا لسلطة ما او لزعيم ما فمساحتهم مساحة الوطن العربي فغنوا لعمان وغنوا للقدس وشوارعها القديمة واجمل الاغنيات لدمشق تلك التي غنتها فيروز, كما ان فيروز دعيت للغناء للشعب السوري وليس للنظام السوري وعندما يطلب البعض من فيروز عدم الغناء فهو يسيء لها ويقيم الاستعداء بين الشعوب, هؤلاء السياسيون يلعبون لعبة خطيرة وهي استعداء الشعوب فيما بينها ويريدون صنع الكراهيه بين الشعبين السوري واللبناني هذا ما يدعون اليه وما يريده محترفو السياسة في لبنان.
وحول هذا الموضوع اريد ان اضرب مثلا: لو قلنا "لا قدر الله"ان النظام السوري اختلف مع النظام الاردني هل سوف امنع من الدخول الى عمان لن يمنعني احد اطلاقا, وهنا اذكر تلك الفترة التي ساءت بها العلاقات المصرية السورية وطلب مني الراحل سعد الدين وهبه المشاركة في فيلم الحدود بمهرجان القاهرة السينمائي وبالرغم من القطيعة السياسية بين البلدين الا ان الشعب المصري استقبلني بحفاوة, لهذا اقول لك ان العلاقات بين الشعوب العربية لا تتأثر بالخلافات بين الانظمة.
اما حول مؤتمر القمة العربي الذي سينعقد في دمشق فأفضل عدم انعقاده لأنه سنويا تتكرر فيه نفس القرارات ويصدر نفس البيان فلماذا تلك"الغلبة", هم متفقون مسبقا على ان يختلفوا فيما بينهم قبل المجيء الى دمشق واعتقد ان كل كلمة في البيان الذي سيصدر عن هذا المؤتمر قد تكلف ملايين الدولارات وبرأيي ان تنفق تلك الاموال على قضايا البيئة وحماية الاطفال افضل بكثير من ان تنفق على تلك المؤتمرات.
* لا يستطيع احد ان ينكر البعد القومي والحضاري والاستراتيجي لدمشق بالرغم من تلك الهجمات التي تتعرض لها هذه العاصمة العربية, ماذا تقول عن دمشق?
ــ دمشق هي وطني الثاني وعندما اقول وطني الثاني اعني ان وطني الاول رحم امي ويكون العيش في هذا الوطن "الرحم" تسعة اشهر من دون كهرباء او همبرغر ولكن يكون العيش بداخله جميلا جدا وسعيد لذا عندما يولد الاطفال يبكون لانه لا يريد ان يترك هذا الوطن, اما دمشق واعني سورية فلها بداخلي ما لا يستطيع ان يعبر احد عن مشاعر الحب لهذا الوطن, واريد ان اقول شيئا اخيرا انه مهما بلغت الخلافات بين الانظمة العربية ستبقى الشعوب والجماهير تقفز فوق تلك الخلافات والامل في المستقبل ان تبقى هذه اللحمة بين الشعوب العربية.
الصورة : دريد لحام يتحدث للزميل اسلام سمحان
عن العرب اليوم .