كيف ستصبح "قراءة أفكار" الناس حقيقة
08-03-2008 02:00 AM
عمون – عن الإندبندنت – ترجمة هشام غانم
القدرة على "قراءة أفكار" الناس، أو حتّى مشاهدة أحلامهم، باتت خطوة وشيكة. فبحسب دراسة حديثة، يمكن التنبّؤ بدقّة، ماذا يرى أحد الأشخاص، وذلك عبر تحليل نشاطه الدماغي مِنْ طريق ماسحة ضوئيّة طبيّة، (scanner).فقد بنى العلماء جهاز كومبيوتر (ديكودر) "يترجم" الإشارات الصادرة عن النشاط الدماغيّ بواسطة ماسحة ضوئيّة، وربطوا تلك الإشارات بصور فوتوغراقيّة، والصور هذه تُظهِر ما يشاهده الشخص. ويُعتقَد أنّ التكنولوجيا المستقبليّة سوف تكون قادرة على "إعادة بناء" المَشاهد في رأس الإنسان بعد خضوعها لجهاز المسح الضوئي، سواء كانت تلك المَشاهد حقيقيّة أو متخيّلة.
اختبارات جهاز الترجمة الجديد أظهرت أنّه يستطيع التنبّؤ بالصورة التي ينظر إليها الشخص، وبدقّة تصل إلى 90%. وذلك على رغم أنّ الجهاز أخفق في التنبّؤ بدقّة حين زِيدَ عدد الصور الكلّي التي خضعت للتقييم.
ويعتقد العلماء أنّ بالإمكان، في المستقبل القريب، تبنّي الطريقة المذكورة لصناعة آلة يسعها "قراءة" أفكار الآخرين؛ وهذا على رغم معرفتهم (الآخرين) المسبقة بذلك أو حتّى لو كان الأمر ضدّ رغبتهم.
"مِنَ الممكن أن يكون لجهاز "قراءة الأفكار" مآخذ خطيرة على الصعيد الأخلاقيّ وانتهاك الخصوصيّة، وهذا الأمر يثير قلقي". يقول البروفيسور جاك جالنت من جامعة بيركلي/كاليفورنيا، الذي تولّى الدراسة إيّاها، ونشرها في مجلة "نيتشر".
ويعمل جهاز "قراءة الأفكار" عبر تحليل أنماط النشاط الدماغيّ، ضمن مركز التخيّل في الدماغ، ويلتقط تلك الأنماط أو الإشارات بواسطة آلة تصوير تعمل بالرنين المغناطيسي، بينما الشخص (الواقع تحت اختبار الجهاز) ينظر في وقت واحد إلى مجموعة مِنَ الصور المرتبة عشوائيّاً. ويحاول الجهاز بعد ذلك التنبؤَ بالصورة التي اختارها الشخص – مِنْ خلال أنماط النشاط الدماغيّ وحدها – عندما ينظر (الشخص نفسه) إلى مجموعة مِنَ الصور المختلفة كليّاً عن المجموعة الأولى.
"مسألة كشف الصورة، شبيهة إلى حدٍّ كبير لخدعة السحرة الكلاسيكيّة في لعبة الورق (الشدّة): "التقط ورقة، أي ورقة...". في هذه الخدعة يطلب إليك الساحر أن تختار ورقة وتنظر إليها من ضمن مجموعة كبيرة مِنَ الورق، وبعد ذلك يضعها خلف رزمة الأوراق. وظيفة الساحر في هذه الحالة هي أنْ يعرف أي ورقة اخترت"، بحسب البروفيسور جالنت.
ويتابع: "تَخيّل أنّنا بدأنا بعدد كبير مِنَ الصور المختارة عشوائيّاً، وأنت تختار بسريّة صورة واحدة منها، وبينما أنت تنظر إليها لبرهة، نقوم نحن بقياس نشاطك الدماغي. وهكذا تنظر إلى مجموعة مِنَ الصور ونحن نقيس نشاطك الدماغي. في الأثناء، يقوم جهاز "قراءة الأفكار" بمحاولة كشف الصور التي رأيتَها".
وكان الأشخاص الذين تطوّعوا لإجراء الاختبار عليهم قد أُعطِيوا 120 صورة لينظروا إليها. وقد استطاع جهاز "قراءة الأفكار" أن يتنبأ بتلك الصور بنسبة 90%. وحين زِيد عدد الصور إلى 1000، هبطت نسبة التنبؤ إلى 80%.
ويقدّر العلماء أنّ عدد الصور حتى لو وصل إلى مليار (وهو تقريباً عدد الصور التي يمكن الحصول عليها بواسطة محرّك البحث غوغل) فإنّ جهاز "قراءة الأفكار" سيكون قادراً على إجراء التنبّؤ الصحيح بما رآه الشخص بنسبة 20%.
"بكلمات أخرى، إذا مرّ شخص ما تحت جهازنا، وأُجرِي له مسح للدماغ، واختار صورة عشوائيّة مِنَ الإنترنت؛ فإنّ معلوماتنا تشير إلى أنّنا سنكون قادرين على استخدام قياسات نشاطه الدماغي، ونتمكّن مِنْ تحديد الصورة التي اختارها بدقّة، وذلك مرّة مِنْ بين كلّ خمس مرّات". يقول جالنت.
ويؤكّد العلماء أنّ الجهاز، في الوقت الحاضر، يستطيع أنْ يتنبأ فقط بالصور التي يراها الإنسانُ رأيَ العين أكثر مِنَ الصور الموجودة في رأسه (أي المتخيَّلة). وعند هذه النقطة، يستطيعون فقط تحديد أي صورة شوهدت حين أُخِذت مِنْ مجموعة معروفة مِنَ الصور؛ أي أنّ الصور الموجودة في الرأس ما تزال في الوقت الحاضر مشكلة بالنسبة للجهاز، على ما يحتسب البروفيسور جالنت.
"بيد أنّ معلوماتنا تقول إنّه مِنَ المحتمل أنْ يكون هناك بيانات في إشارات النشاط الدماغيّ يمكن قياسها بواسطة جهاز "قراءة الأفكار" في المستقبل. والحقّ أنّ الكثير مِنَ البيانات متوافر في تلك الإشارات؛ الأمر الذي يعني أنّنا، ذات يوم، قد نستطيع أنْ نرى أحلام أو خيالات الناس". ودائماً بحسب البروفيسور جالنت.