عمون - رنا حداد- «الزرقاء بيت العائلة العسكرية الأردنية»، بهذه الكلمات بدأ ابو منذر حديث رحلة الذكريات عن «مدينة العسكر والجند والعمال».
وقال « كان أطفال الزرقاء في الماضي يقصدون «بقالة المعسكر» لشراء الحلوى، ومن هنا نشأت العلاقة بين المدينة والعسكر والناس».
وزاد « منذ البدايات تميزت الزرقاء بأنها مصنع الرجال والتراث المجيد، وكان اهلها يفخرون بما تحويه من معسكرات تضم أبناء الوطن النشامى الذين بنوها ليقيموا فيها دائما او يتركونها حين اللزوم».
ومن شريط الذكريات يقول «احضر العسكر الذين خدموا في مدينة الزرقاء عائلاتهم للعيش فيها من مختلف المناطق الاردنية».
وزاد"كل من جاء الى الزرقاء خدمها فالشيشان بنوا المساجد، ومن بعدهم توالى توافد المجموعات البشرية إلى الزرقاء، فمن الشام جاءت عائلات أسست حيّاً صغيراً عرف بـ»حارة الشوام»، وعملت بالتجارة، ومن ثم جاء الدروز إلى الزرقاء من مناطق جبل العرب، واتخذ قسم منهم من واحة الأزرق مكانا لهم، وكذلك كان لقدوم الفلسطينيين إلى الزرقاء الأثر البالغ في التطور السكاني».
ويضيف « وخلال الستينات والسبعينات، كان للتواجد العسكري في مدينة الزرقاء اثر بالغ فيما شهدته المدينة من تطور وتوفر للخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، سواء مدنيين أو عسكريين، فمثلا اتفقت بلدية الزرقاء عام 1943 مع رئيس أطباء قوة الحدود في ذلك الوقت لتقديم العلاج لأهالي الزرقاء برسوم رمزية».
مهنة الخياط العسكري
من مدينة العسكر، ننقل صورة شارع، وحكاية مهنة تختصر اخلاصا وحبا، لوطن اختار ابناءه ان «يرتدوا الزي العسكري ويمشوا المشية الضباطية».
جولتنا في شارع الملك فيصل المعروف بوجود مخايط عسكرية يعمل فيها امهر الخياطين ومعاونيهم.
مهنة الخياط العسكري، مهنة يقوم صاحبها بخياطة وتفصيل الملابس العسكرية، فبعد ان تبرز شهادة التعيين امام الخياطين في محال الشارع ، يبدأ الخياط بأخذ مقاسات الضباط او صف الضباط ليخيط لهم ثوب البهاء والعز اللبس العسكري.
يقول محمد احد الخياطين ، «هناك مقاسات نموذجية يتم قصها على الورق ولاحقا يقوم الخياط باصلاح ما زاد او نقص عن المقاسات الاصلية للفرد».
و»يضيف المهنة دقيقة وتحتاج الى خبرة ودراية مع مراعاة اسس وتعليمات وكذلك ايضا شروط السلامة والصحة المهنية».
ويقص علينا محمد من ذاكرة الزمان «ان مهنة الخياط العسكري، تراجعت بفعل عدة عوامل ومنها نقل المعسكرات والغاء التجنيد الاجباري وتراجع اعداد العسكريين في المدينة». وبين «ان الوضع يبدو اليوم مختلفا تماما في شارع الملك فيصل في مدينة الزرقاء عن سابقه، اذ ان اعداد مخايط الزي العسكري قد تقلصت وبات العاملون فيها يبحثون عن باب رزق اخر». ويضيف»رحيل المعسكرات ، لم يؤثر فقط على قطاعنا، بل تأثرت بذلك العديد من المهن والمحال التجارية، مما يؤكد ان الجند والعسكر يصنعون الحياة ويقدمون البركة لكافة القطاعات». وزاد»يتواجد حاليا ما مجموعه خمسون مخيطة، الا ان العدد كان اضعاف ذلك في الماضي».
حياة وحركة
المار من امام «مخايط الجيش» في شارع الملك فيصل في مدينة الزرقاء، والمتجول داخلها ، يلمس حياة وحماسة للداخلين الى عالم العسكرية، فتيات وشباب، ومن سبقهم في السلك العسكري ممن حملوا ثياب العز وجاؤوا لاصلاحها و»تقييفها» ..
كل يختار الدخول الى مخيطة وهي في مجملها وجميعها تضم اشخاصا ورثوا المهنة عن ذويهم الذين عملوا فيها منذ الستينات والسبعينات، وتخصصوا منذ عقود في خياطة ملابس ورتب ولوازم العسكريين ودرجت تسميتهم بخياطي» الجيش».
الذكريات بحسب محمد جميلة وراقية موضحا في ذات الوقت الزي العسكري لايباع في الأسواق، مؤكدا ان الرقابة موجودة على عمليات التفصيل وبيع باقي اللوازم».
ويؤكد وهو أحد ممارسي هذه المهنة منذ سنوات، أنه يقوم بخياطة الملابس العسكرية ويقوم ايضا بعملية التصليح من تضييقها أو توسيعها، مؤكدا أن الملابس العسكرية تخضع للكي والترتيب والدقة اكثر من اي نوع من الملابس».
مدارس الثقافة العسكرية تنعش المهنة
ويزيد الخياط محمد: «الموسم الحالي يشهد اقبالا من قبل الناس لتفصيل ملابس طلبة مدارس الثقافة العسكرية من ابناء العسكريين». ويضيف: «فرحة عامرة تشهدها وانت تأخذ «مقاسات» هؤلاء الطلبة، من الذكور والاناث، ويتحدث هؤلاء الطلبة بفخر وهم يرتدون زيا مميزا ويضعون العلم والبوريه «القبعة العسكرية».
والاطفال يفرحون بالزي العسكري
يقول محمد»نقوم احيانا بتفصيل ملابس عسكرية للاطفال من بقايا القماش وذلك بناء على طلب من ذويهم». ويزيد « فرحة كبرى يعيشها الاطفال حين يرتدون هذه الملابس والتي تؤكد وتزرع فيهم حب الوطن، والتشبه بالنشامى من ابنائه». حديث الخياط محمد أكده والد الطفلة «دانيا» اذ قال ستذهب طفلتي الى المدرسة ببدلة عسكرية». وزاد»برأي ان كل مواطن مخلص وشريف يطمح أن يكون ابناؤه من حملة لواء العز والمجد والكرامة، وانا شخصيا اطمح ان يكون اطفالي في المستقبل من جنود الوطن». ويزيد « لطالما لفت انتباهي لباس الشرف والكرامة، الزي العسكري، احبه واحترم كل من يرتديه وهو ما اربي اطفالي عليه». وختم «الشرف لي ان يرتدي اطفالي الزي العسكري الان وكل اوان».
الدستور