لقد أرسل الله تعالى نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام, التي جعلها خاتمة الرسالات, وجعل فيها النور والهداية للبشرية كافة, قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين), جاءت هذه الرسالة الخالدة لتقوّم أحول العباد وتهديهم إلى الصراط المستقيم, فتنقذهم من انحرافات الإفراط أو التفريط, التنطع والتزمت أو الانحلال, فتسدد خطاهم.

وما كانت رسالة الإسلام لتكون كذلك إلا من وسطيتها واعتدالها والحنيفية السمحة التي جاءت بها, فتكون هي الرحمة التي تنقذ البشرية من الضلال.

وهذه الوسطية والاعتدال تتمثل في كل مجالات الحياة, فتهدي بالتالي العباد إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم في توازن واستقامة. ورسالة الإسلام في ذلك تجعل من أمتها الأمة الوسط, شامة بين الأمم, قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً).

وبما أن الإسلام جاء لهداية الناس في كل أمور حياتهم, فإن وجه الوسطية والاعتدال الذي جاء به لن يتبين حقه في أي من المجالات بالجهل في حقيقة هذا الدين العظيم, خاصة وأن الإسلام يشوبه اليوم تشويه لحقيقة صورته الناصعة, وإن كنوز هدايته ورحمته بتفاصيلها الحقة ستبقى حبيسة عن استخراجها من مناجمها التي تزخر بها دون فائدة ما لم يكن هناك طريقة علمية واعية منهجية, بل ربما تنعكس سلباً خلافاً لهذه الحقيقة الناصعة.
وقد ورد الكثير من الآيات الكريمة التي تبين أن الدين والإيمان مرتكز على العلم لا الجهل, ومن ذلك قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات), وقوله: (فاعلم أنه لا إله إلا الله), وقوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء), وقوله: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب).

مما سبق, تتبين أهمية العلم, وأهمية أن تتبوأ مؤسسات علمية تعليمية دور استخراج هذا النور ومن ثم نثر ضياه للأمة العربية والإسلامية بطريقة منهجية لتتحقق الاستفادة ومن ثم الارتقاء والحضارة, وهو ما حملت على عاتقها أن تقوم به جامعة العلوم الإسلامية العالمية, المؤسسة التعليمية الأكاديمية التي تسعى لجعل نهج الوسطية والاعتدال الذي جاء به الإسلام لهداية العالمين رسالتها التي انطلقت وتنطلق بها, ومن ثم جعلها الأساس الذي يقوم عليه كل شيء في ربوعها, وفي ثنايا روحها, وفي مجالات علومها وبحوثها المختلفة.

وجامعة العلوم الإسلامية العالمية جامعة أردنية عصرية ذات مكانة مرموقة ورائدة, تسعى إلى خدمة رسالة الإسلام السمحة الحنيفية, وإلى الإسهام في المشروع الحضاري الإسلامي, وإلى إبراز الصورة المشرقة للإسلام والمسلمين, وذلك من خلال سعيها لأن تكون منارة لبحوث الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي, ومن خلال منهجيتها الشاملة والرائدة وخططها الدراسية التي تسعى إلى تخريج الكفاءات العلمية المتخصصة في مختلف العلوم الشرعية والإنسانية والطبيعية, إذ إنها تجمع بين المعرفة والفضيلة المرتكزة على الإيمان والحكمة, لترفد إلى الوطن والأمتين العربية والإسلامية أفراداً علماء متخصصين متسلحين بأخلاقيات مهنية عالية وفقاً للتعاليم الإسلامية السمحة.

والجامعة في محافظتها على ذلك تضطلع بدور مهم وتتبوأ مكانة مرموقة على المستوى الوطني والإقليمي والإسلامي بل العالمي في حملها وخدمتها لرسالة الإسلام, بل ويكون لها قدم السبق في تقديم هذا الدور الفعال.