facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين"


أ.د عمر الحضرمي
11-04-2015 09:56 PM

قبل أيام، وفي إجراء اعتيادي روتيني، إعداداً لإنشاء مركز للتدريب مع بعض الأخوة، كان علي أن أراجع دائرتين أمنيتين؛ التحقيقات الجنائية (طلعة نفين)، ودائرة الأمن الوقائي (المقابلين). وللأمانة، في البداية، تحسست وتحسبت، مع أني كنت واثقاً بأن مَرَاجعنا الأمنيّة قد وصلت في مدارج التطور والتحديث والمعاصرة إلى مستويات يُفتخر بها، وأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة والواثقة من نفسها، التي تُعتبر فيها مؤسسات الدولة أطرافاً مكلّفة بإدارة شؤون الأفراد، وحمايتهم، ورعايتهم، وتسهيل أمور معيشتهم، وتأمين مساحات واسعة لهم من الحرية، وأعطائهم حجوماً كبيرة من الاحترام وحفظ الكرامة والتقدير. إلا أن هذا التحسس وذلك التحسب قد سقطا من حساباتي في اللحظة التي قابلت فيها الشباب الذين يقفون وراء مكاتب الاستقبال، حيث جرى إعداد الترتيبات بكل صدق وسرعة. والملفت للنظر أنك تظل تسمع كلمات الاعتذار عن "التأخير" أو "الإزعاج"، مع أنك تدرك تماماً أنك في أيدي أمينة منذ أن وطئت قدماك أول درجة في بوابة الدائرة.

في الدائرة الأولى، وهي التحقيقات الجنائية، استقبلنا أحد الأخوة بصورة جدّية تشعرك وكأنما الدائرة، أصلاً، أنشئت لأجلك، وكأنك أنت الوحيد الذي تستقبله مكاتبها، وكان جميع المسؤولين ينتظرونك بفارغ الصبر منذ أيام ليقدموا لك الخدمة اللائقة، وتشعر أنهم في كل لحظة يستفتونك في مستوى التقدير والاحترام اللذين يلاقونك بهما.

أما في الدائرة الثانية، وهي الأمن الوقائي، فتحس فعلاً أن الشباب هناك إنما يعملون لوقايتك ووقاية البلد من كل سوء أو تشوّه أو زلل، لذلك تجدهم يجهدون في إشعارك أنك شريك في الحرص على أمن الوطن وسلامته، وذلك من خلال الحوارات التي يعقدونها معك، والتي لا تتجاوز حالة الاستفتاء حول ما هو الأمثل كي نحصّن الدولة، وكي نرعى شؤون استقرارها وهدوئها وكرامتها وعزها.

ومن الملفت للنظر، أيضاً، أنك لا تشعر، في كلا الدائرتين، أنك موضع شك أو اتهام أو افتراض أنك "مطلوب"، بقدر ما ينتابك من إحساس أنك تتحرك في بيتك وبين أهلك، وضمن مطارح ومساحات مملؤة بشباب آمنوا بربهم فزادهم هدى، وأنهم رجال صدقوا وطنهم فأحاطهم بكل صنوف الحب والتقدير، وبادلوا قائدهم ولاءاً بولاء فأركن إليهم واعتمد عليهم، فامتلأ قلبه ثقة بهم وتقديراً لهم.

في الدائرتين، العاملون يتحركون بكل هدوء وأناة وثقة بالنفس، فلا تكاد تسمع صوتاً، إلا أصوات الرجولة والممانعة والقوّة، الأمر الذي يجعلك تعيش فترة من الجلال والجمال والإحساس بالقدرة على التصدي لجميع صروف السوء. الكل واضح ومستبشر ابتدءاً من "الاستعلامات" وانتهاء بها. والأمر المحير أنك لا تستطيع أن تميّز بين المسؤول الكبير وبين الأقل منه رتبة، فكلهم يعمل بجد وصمت وكأنما العمل كلّه مطلوب منه شخصياً، والكل يقرأ ويدقق، ويجهد على أن تخرج الأوراق من بين يديه سليمة، والكل يؤمن أن ما يقع تحت مسؤوليته هو أمانة في عنقه عليه أن يؤديها بكل اجتهاد وصدق وصبر وأناه، لذلك سرعان ما تجد نفسك تتحدث وكأنك واحد منهم، يبدأونك بالسلام وبعبارة "شو تشرب؟!".

فعلاً، نحن بخير كما نتمنى، ونحن بخير منذ أن تنادى الهاشميون لتأسيس أول دولة راشدة فوق بطاح الجزيرة، ومنذ أن عملوا على بناء دولة الأردن الصادق الأمين. وأنا واثق وأكيد أن عدداً لا بأس به من دوائرنا هي سائرة في هذا النهج أو على الأقل ذاهبة نحو السير فيه، بالرغم من بعض العثرات والهنات هنا وهناك التي سرعان ما تطفوا على السطح ويبدأ الناس بتناولها بكل أنواع النقد والحرب والاستهجان والرفض، وتبدأ الدولة ممثلة بقائدها وأولي الأمر من أهلها، في الإصلاح والإرشاد، وسيظل ذلك قائماً طالما " إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :