facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سحاب .. أمام هيبة الموت


23-05-2015 04:03 PM

في كل يوم يتوافد الآلاف ممن ايقظتهم مواعظ الموت وآلام خسارة الاحبة والاصدقاء العزيزين الى مقبرة سحاب. ليتجمعوا في البقعة السهلية الواقعة في الحوض الجنوبي الشرقي لبلدة سحاب الاردنية.. تلك الديار التي يوحي اسمها بالسمو والتحليق والخير والامل. فالعرب يستبشرون بالسحاب ويبعث ظهوره في نفوسهم الامل والطمأنينة.

بالرغم من ان المسافة بين عمان وسحاب تبدو قصيرة الا ان الرحلة وفي كل مرة مؤلمة وشاقة وخطرة حتى في ايام الجمعة.. فالى جانب الاحساس العميق بفقد الاعزاء وانشغال المخيلة باستدعاء صورهم وآثار غيابهم على محبيهم يشكل الطريق المؤدي من عمان الى اكبر مدافن الاردنيين واكثرها استخداما مصدرا للعديد من المخاطر التي لا تغيب الشواهد عليها عن جنباته.

وتتولد الخطورة من ارتباط الطريق بشبكة خطوط برية دولية تصل بين عمان والعقبة والحدود السعودية من جهة والخط المتجه شمالا وشرقا باتجاه العراق والسعودية وسوريا ولبنان وتركيا عبر الازرق الرويشد او العمري او الانعطاف باتجاه المفرق جابر شمالا حيث تستخدم الطريق من قبل مئات الشاحنات واساطيل النقل البري.. ويتشارك الاهالي واهل الصناعة والترانزيت في استخدامه مع الناس الذين استولى الحزن على قلوبهم.

انماط القيادة لسائقي الشاحنات ذات الحمولات المحورية واساطيل نقل السيارات اضافة الى الصهاريج المحملة بالمواد القابلة للاشتعال تتنافى مع وداعة مواكب الحزن التي انتظمت لوداع الراحلين.. فالسائقون الذين انهكتهم طوابير الانتظار على نقاط الحدود العربية؛ لم يعودوا يهتمون كثيرا باحترام المواكب الجنائزية ولا معنيين بمراعاة مشاعر اعضائها فلديهم من البرامج والمواقيت والرغبة في استثمار الفسح الزمنية المتاحة لعبور حدود البلدان التي يقصدونها ما يفقدهم الاحساس بتفصيلات انسانية هنا ومشاعر تحتاج الى مراعاة هناك.

للكثيرين منهم يبدو مقياس النجاح في العبور ان يتناولوا فطورهم في عاصمة والغداء في اخرى .. فهم لا يملكون ترف التريث والانصات الى ارشادات الحيطة والحذر التي تبثها الاذاعات في برامجها الصباحية وبرامجها التفاعلية التي اصبحت رائجة بعد التوسع في تطبيقات الامن الناعم.

في المقبرة التي تحوي في جناحيها الاسلامي والمسيحي جثامين 125300 من الاحبة الذين كانوا بيننا يحملون اسماء والقاباً ورتباً ومهارات ومواهب افتقدناها بعد ان شيعناهم الى سحاب حيث الايحاء بانها تتوسط السماء والارض...

وانا في طريقي الى وداع احد الاقرباء الذي رحل فجأة تذكرت عشرات الرحلات التي اخذتنا الى هذا المكان الذي دشن ليكون المحطة الاخيرة لاجساد المنقولين الى الرفيق الاعلى في عام 1976.. وبقي يستقبل افواج المودعين للاحباء الذين يزدادون عاما بعد عام...

عبر ما يزيد على 39 عاما ظلت سحاب تستقبل جثامين امواتنا وفضاء البلدة مشبع بخطب التلقين التي تهيئهم للقاء الرفيق الاعلى.. بعدها نتركهم حيث يتجاور الجميع في تطبيق حقيقي لنصوص المادة السادسة من الدستور حيث يتساوى الجميع امام الموت لا فرق بين غني وفقير ولا شرقي او غربي.. ويدفن الذكور الى جانب الاناث والمتنفذون بجوار الطفرانين.

اوضاع المدفن الذي يشبه مدافن القدماء الذين اختاروا الاعالي والقمم كما اخترنا مدينة السحب "سحاب" تحتاج الى اهتمام اكبر من المعنيين:

1:-فمدخل المقبرة ضيق ولا تتجاوز سعة بوابته ما يمكن ان تجده مدخلا لبوابة فيلا لاحد الميسورين.

2:-ومع ان المكان يستقبل ما لا يقل عن 5000 سيارة في نفس الوقت بحكم ان مراسم الدفن تتم بعد صلاة الظهر او العصر فلا يوجد ارشاد ولا تنظيم.

3:-المشاركون في مراسم وداع الاحبة والاصدقاء يتوهون في البحث عن الجمع الذي يعني عزيزهم ما بين الجموع فلا يوجد ما يشير الى من يدفن اين..

4:-والاكتظاظ على المقبرة والطرق التي تتخللها يبعث على التساؤل حول امكانية جعل لحظات الوداع الاخيرة لاحبتنا اقل ازعاجا لنا ولارواح عشرات الالاف الذين استوطنت جثامينهم المكان..

في كل يوم نرسل الى السهول التي كانت تكتسي بسنابل القمح والشعير 18 من احبتنا الذين اعطوا لنا من علمهم وفكرهم وخلقهم وحبهم الكثير وتركوا صور ذكراهم تحوم في فضائنا...

من حق الذين رحلوا تاركين الدنيا وما فيها ان تكون لهم ذكرى رحيل جميلة وادعة مريحة لمحبيهم ولهم.

الرحمة للموتى والسلام لارواحهم.. وتحية لسحاب التي اختارت ان تكون عتبة يعبرها الكثيرون ممن ينتقلون لملاقاة الرفيق الأعلى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :