حدث في مستشفى الجامعة الاردنية !!!
23-07-2008 03:00 AM
عمون - واقعة إهمال غريبة، سطرها القائمون على مستشفى الجامعة الأردنية أمس، جعلتنا نعود في عصر الخدمة الطبية إلى زمن ما قبل التاريخ، حيث فوجئ المرافقون لسيدة في الخامسة والستين من عمرها باختفائها من غرفة العمليات قبيل إجراء عملية قسطرة بالقلب، وبعد البحث عن السيدة لعدة دقائق، تبين أنها خرجت من غرفة العمليات بالقميص الخاص بإجراء العملية وترتدي طاقية العمليات وهي حافية القدمين خارج حدود المستشفى، وتمت استعادتها من المدخل الرئيس الموازي الكائن على شارع الملكة رانيا.عمون - واقعة إهمال غريبة، سطرها القائمون على مستشفى الجامعة الأردنية أمس، جعلتنا نعود في عصر الخدمة الطبية إلى زمن ما قبل التاريخ، حيث فوجئ المرافقون لسيدة في الخامسة والستين من عمرها باختفائها من غرفة العمليات قبيل إجراء عملية قسطرة بالقلب، وبعد البحث عن السيدة لعدة دقائق، تبين أنها خرجت من غرفة العمليات بالقميص الخاص بإجراء العملية وترتدي طاقية العمليات وهي حافية القدمين خارج حدود المستشفى، وتمت استعادتها من المدخل الرئيس الموازي الكائن على شارع الملكة رانيا.وتبين أن السيدة التي تعاني من ارتفاع كبير في السكر إلى جانب ارتفاع في الضغط، مرت بحالة من عدم التوازن بسبب كثرة مكوثها في ممر العمليات ولمدة تزيد عن الساعتين، وإلى جانب عدم تناولها وجبتي الإفطار والعشاء قبل الحادث بيوم، وهو ما جعلها تمر بحالة من عدم الاتزان وتغادر المستشفى دون أن تجد من يوقفها ويرشدها للعودة من جديد سواء من أطباء أو ممرضات أو رجال أمن المستشفى المنتشرين بكثرة على المداخل والمخارج.
نجل السيدة التي تعرضت لهذه الحادثة روى لعمون فصول المعاناة التي تعرضت لها والدته والتي جاءت على النحو التالي حسب روايته، حيث أكد استعداده على الجلوس مع أي من مسؤولي الجامعة الأردنية أو المستشفى لوضعهم في صورة الأحداث تحقيقا للمسؤولية وحماية لأرواح المراجعين، وهاتف نجل المريضة موجود لدى عمون في حال أبدى أي من السادة المسؤولين في المستشفى اهتمامه لهذه القضية الإنسانية الخطيرة.
لن أبدأ قصتي بالشكر والتقدير للجهود التي يبذلها القائمون على مستشفى الجامعة الأردنية وكوادرها الطبية والفنية، فبعد ما حصل لوالدتي في هذه المستشفى، لا أعتقد أن هناك مجال للشكر أو التقدير على درجات عالية من الإهمال وعدم الاكتراث بحياة الإنسان الذي كرمه الله على جميع الخلق، فوالدتي دخلت المستشفى ظهيرة يوم الإثنين، وهي تعاني من ألم في منطقة الصدر، ودخلت إلى غرفة الطوارئ نظرا لقرب منزلها من موقع المستشفى، حيث أجريت لها جملة من الفحوصات والتحاليل تقرر على ضوئها إدخالها إلى المستشفى، ورغم وضعها الصحي الصعب، فقد بقيت تنتظر على المقاعد لمدة ناهزت الساعتين وهي في انتظار سرير، وبعد جهد جيد دخلت إلى غرفة في الدرجة الثالثة رغم أن تأمينها يخولها لدخول الدرجة الثانية، فدخلت في غرفة بالطابق السادس، يختلط فيها الحابل بالنابل، وكأنك تجلس في إحدى محطات الباصات أو المقاهي نظرا لارتفاع الأصوات هنا وهناك، وغياب أي رعاية ممكنة باستثناء ممرضات يدخلن على فترات لأخذ الحرارة أو الضغط وبعدها يغبن طويلا، ولك أن تلاحظ أن عددا من المرضى اصطحبوا معهم مراوحهم الخاصة لتلطيف الأجواء الملتهبة داخل الغرف، وقيام المرافقين بشراء بعض الاحتياجات المهمة مثل الماء من خارج المستشفى نظرا لعدم توفرها نهائيا حتى ولو كان على حساب المريض.
تقرر إجراء عملية القسطرة في الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء 22/7/2008، ومع تجهيز المريضة وارتدائها لـ(روب) العملية الأخضر وإنزالها إلى غرفة العمليات برفقة زوجتي، كانت المفاجأة بدخول مريضة أخرى (بالواسطة) إلى غرفة العمليات بدلا منها، وبقيت الوالدة على سرير العملية لمدة تزيد عن الساعة في أجواء نفسية صعبة في ممر غرفة العمليات، ومع خروج مريضة (الواسطة) شافاها الله وعافاها، كان الأمر يصدر بدخول والدتي للعملية، لكن قبل ذلك، فوجئت بسؤال من قبل الممرضة عن إجرائها لفحص تميع الدم، لتكون الإجابة (لا) ليتقرر سحب عينة لإجراء الفحص، رغم أن هذا الإجراء لا بد أن يكون قد تم في غرفة المريضة حتى لا تتكبد العناء والمشقة ولا تضيع وقت الأطباء.
وبما أن المريض لا حول ولا قوة له، كان الرضوخ لإرادة الممرضة هو الحل، فتم سحب العينة، ولتتواصل فصول المعاناة، طلبت الممرضة من زوجتي التي كانت ترافق الوالدة في ممر المعاناة أن تذهب لإرسال العينة إلى المختبر وجلب النتيجة بسبب عدم وجود (البريد) وهم الأشخاص الذين يتولون نقل العينات من وإلى المختبر، فرضخت زوجتي لأمر الممرضة، فحملت العينة واتجهت صوب المختبرات التي تقبع في المبنى الثاني.
لكون والدتي لم تحصل على وجبة العشاء بسبب (إهمال متعمد من الممرضات) رغم الإلحاح في الطلب، ولكونها لم تحصل على وجبة الفطور بسبب العملية، فقد مرت بحالة من فقدان الشعور بالمكان خاصة وهي كبيرة بالسن، فنظرت حولها ولم تجد زوجتي واعتقدت أنها باتت لوحدها ويختلجها شعور بالخوف، لتقرر النزول عن السرير والخروج من الغرفة وهي مرتدية (روب) العملية، حافية القدمين، غير مدركة لما يدور حولها، فتخرج من باب العمليات دون أن تجد من يسألها نحو وجهتها من الممرضات أو الأطباء أو حتى الحرس، وتنزل عن الأدراج متعدية طابقين، وتخرج من بوابة المستشفى المخصصة لدخول الزوار والتي بالعادة تكون مقفلة ومحاطة بالحرس، وتخرج دون أن يلتفت إليها أحد وهي بروب العملية وحافية القدمين وتسير غير مدركة للمكان أو الزمان، وتسير على الطريق المؤدي إلى شارع الملكة رانيا لتصل إلى مدخل المستشفى الرئيس من الأسفل.
عادت زوجتي لغرفة العمليات، وهناك سألت عن والدتي، فتكون الإجابة أنهم لا يعلمون بمكانها، لتبدأ عملية البحث في الطوابق والغرف، ويتم التعميم عليها حتى يجدها أمن المستشفى على البوابة الرئيسة التي تبعد عن مدخل المستشفى حوالي نصف كيلو من المترات، وتتم إعاتها منهكة القوى غير مدركة لما يحدث، ويقرر الطبيب أن حالتها لا تؤهلها لإجراء العملية، ويتم تأجيها محملين والدتي مسؤولية خروجها من غرفة العمليات ومعتبرينها مهملة.
تواردت في خاطري قضية المرحوم الحفناوي الذي قضى داخل غرفة أشعة مهجورة في مستشفى الأمير حمزة، وحمت الله كثيرا على أن الوالدة لم تسقط على الأرض مغشيا عليها وهي تسير تحت أشعة الشمس الحارقة، ولم تتعرض لحادث دهس، وحتى لم تسر بين الأشجار ضالة الطريق ويحدث هناك ما لا يحمد عقباه خاصة وأنها تعاني من ارتفاع كبير في السكري والضغط.
حاولنا الوصول إلى أي من السادة المسؤولين في المستشفى لنضعه في صورة جملة الإهمال المتكرر، لكن الحرس في هذه المرة قاموا بواجبهم على أكمل وجه، فمنعونا وأسمعونا كلاما أقل ما يمكن وصفه بأنه (خارج على الأخلاق).
اتصلنا مع طبيب الوالدة وطلبنا منه وضعنا في صورة حالتها فقال إن العملية قد لا تكون ضرورية في هذه المرحلة، وطلبت منه الإسراع بإخراجها من المستشفى، حتى ولو كان ذلك على مسؤوليتي الشخصية، فوافق، لتبدأ إجراءات الخروج في الساعة الثالثة عصرا، وتنتهي في تمام السابعة والنصف مساء بعد جملة من الرحلات المكوكية بين الطبيب المقيم الذي ماطل في كتابة التقرير خشية على نفسه من تحمل المسؤولية ممرضات المستشفى اللواتي لم تكن تصلهن المعلومات الصحيحة وصيدلية المستشفى التي أخذت معها عملية صرف عدد من الأدوية مدة تزيد عن الساعة بعد جولات مكوكية أخرى بين الصيدلية والمحاسبة، التي فاجأتنا في النهاية بفاتورة قيمتها تزيد قليلا عن الـ600 دينار رغم عدم إجراء العملية، وكون والدتي مؤمنة مع شقيقتي موظفة الحكومة، فقد دفعت حوالي 120 دينار بعد الخصم، وهي أجرة ليلة واحدة في غرفة مع خمس مريضات أخريات، وخدمة تقل عن فنادق النجمة الواحدة.
بعد عودتنا للبيت، جلسنا على مائدة الغداء أو العشاء، لتفاجأ الوالدة وهي ترفع أحد أكمام عباءتها بأن إبرة المغذي ما زالت مغروزة في وريدها، وهنا اضررت بعد الاستعانة بالله أن أسحبها بنفسي، وهي إبرة بطول يزيد عن 6 سم، ونظفت مكانها بمطهر ولسان حالي يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أتساءل هنا عن متابعة المسؤولية في مستشفى الجامعة الأردنية لمجريات الأمور، وهل باتت المستشفى لمن من الله عليهم بنعمة الواسطة لتسهيل عمليات الدخول حسب الدرجة المطلوبة والتسريع في إجراء العمليات الجراحية وتوفير الخدمة للمريض، وباقي خلق الله (يدبروا حالهم)؟.
مستشفى الجامعة الأردنية يفترض بها أن تعادل مستشفيات القطاع الخاص بالخدمة كما هو الحال بالنسبة للسعر، فطالما يحاسب المريض على أنه دخل لمستشفى قطاع خاص، لا بد من توفير خدمة هذا القطاع، لا أن يدفع دون أن يحصل على خدمة.
مستشفى الجامعة الأردنية تسير الأمور فيه بفوضى إدارية وفنية وطبية كبيرة، وهنا أناشد رئيس الجامعة الأردنية شخصيا ومدير المستشفى بأن يتقوا الله في المرضى وأن يتابعوا ما يجري على أرض الواقع، فالأمور ساءت إلى درجة لا يمكن السكوت عليها.
أرجو من الله أن أكون قد نقلت الواقع كما حدث، وأتمنى من أي مسؤول في المستشفى أن يتأكد مني شخصيا من هذه المعلومات في حال حركه ضميره، فأنا أشهد الله أن كل كلمة كتبت تمثل واقعا حقيقيا، وأتمنى أن يكون الكشف عن هذه السلبيات دربا لتحديد المسؤوليات والقيام بالواجب المقدس في هذا المكان الذي باتت عراقته مهددة، وأرواح مراجعيه في دائرة خطر محدق.
د.محمد مطاوع