في لقاءات متكررة لكثير من مؤسسات المجتمع المدني يَصرّ المنظمون على استضافة شخصيات ممن يُشغلون مناصب سياسية من مختلف السلطات، ويتم تقديم هذه الشخصيات في مختلف المجالات يتحدثون في السياسة والاقتصاد والسياحة والإدارة والقوانين والبرنامج النووي، يُقدّمونْ كخُبراء في مختلف المجالات حيث اعتدنا على سماع مثل هذه الآراء وهي بالنتيجة ما لم يكن لها أثر في نشر الجهل وترسيخ مفاهيم مغلوطة وتلاعب بالحقائق فلا ضير فيما يقولون، ولكنني أرى أن الكثير منهم يخوض فيما يعلم وما لا يعلم وما لا يجوز له الحديث فيه وخصوصاً عندما يتحدثون في الاقتصاد حيث الحقائق المغلوطة وارقام ما أنزل الله بها من سلطان، وقد تكون الأرقام قديمة عفا عليها الزمن استجلبها من الشيخ غوغل بسؤال أخذ إجابته دون الانتباه للتاريخ وأحيانا يكون معالي الوزير هو المتحدث الرئيسي ولانشغاله ينتدب عنه أي مسؤول آخر في الوزارة ليقوم بالمهمة وفي أحيان أخرى يُعطى الوزير الورقة الخطأ فيحدث معه كما حدث مع وزير العمل القطامين في الحادثة التاريخية المعروفة.

بالنسبة للحكومة تَعتبر كل ما تقوم به خدمات وكل ما يقوله المسؤول ويفعله ولا يُحاسب عليه ، وعلى سبيل المثال لا الحصر فهم يُقدمون التعليم والبحث العلمي بإعتباره خدمات كتوصيل المجاري والصرف الصحي بدل أن تكون رؤيا للنهوض بمختلف مجالات الحياة ويثقلون جسد الأمة المُنهك الذي أصبح مطية للحكومات تقول له ما تشاء وتفعل به ما تشاء.

لقد اعتدنا على أن تقدم لنا الحكومة في برامج التعليم والإعلام الكثير من الشخصيات لنستمتع بثقافتهم ومنهم من ساعد في دعم التطرف والفكر المنحرف ونشر الشائعات والعنصرية وشن حملات التشهير ما ساهم في تهديد الأمن الوطني من خلال تقديم اشخاص تبعاً لمواقعهم التي حصلوا عليها بالواسطة والمحاصصة ليقدموا لنا جهلهم عبر منابر إعلامية رسمية وخاصة المهم أن يكون الضيف من اصحاب المعالي والسعادة والعطوفة ليتحدث بما هب ودب.

ولا شك أن هناك من لديه القدرة والثقافة والرؤيا والعلم من هؤلاء ، ولكن من مشاهداتي فإن الغالبية منهم لا يعلمون ويهرف بما لا يعرف وخصوصاً في الإقتصاد حيث الأرقام المغلوطة والحقائق المقلوبة والتحليل السخيف وأحياناً يوجه له السؤال فيجب إجابة محضرة سابقاً لا علاقة لها بالسؤال.

هذا غيض من فيض والأنكى أن مؤسسات المجتمع المدني والتي تمول بتبرعات لتعميق الثقافة المجتمعية بكافة جوانبها باتت تسلك للأسف هذا النهج ، فيجب أن يكون أحد المتحدثين نائباً أو وزيراً سواء كان عاملاً أم خارج الخدمة ويطلق لهم العنان ليقولوا ما يشاءون خارج وداخل النص.