الفيل يا ملك الزمان !! بقلم : سليم المعاني
11-09-2008 03:00 AM
مرت الذكرى الحادية عشرة لرحيل " سعد الله ونوس " الذي يعتبر من أبرز المسرحيين العرب خلال القرن المنصرم ... بهدوء وصمت كصمت القبور ولم يتذكره مثقفو الأردن وهو الذي أثرى الساحة المسرحية العربية بابداعته التي لامست هموم المواطن العربي لتبنيه معاناته .
ثلاثة أحداث بارزة شكلت تحولات مفصلية في حياة سعد الله ونوس القروي الذي أبصر النور في " حصين البحر " من أعمال طرطوس عام 1941 ... كان أولها انفصال الوحدة ما بين مصر وسورية... حيث وئد حلم القوميين العرب ؛ فكان مؤلفه " الحياة أبدا " الذي يعتبر من أوائل ما كتب ؛ لكنه لم ينشر إلا في عام 2005 أي بعد رحيله الذي كان في الخامس عشر من أيار 1997 . والحدث الثاني تمثل بالزلزال المدمر الذي اجتاح ملايين " العربان " بعيد الهزيمة الساحقة في الخامس من حزيران / يونيو 1967 ... فألف في نفس العام رائعته // حفلة سمر من أجل 5 حزيران // .
وجاء الاجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982 ليمثل الزلزال الثالث وكان حينها يتولى رئاسة تحرير مجلة // حياة المسرح // ... لكن احتلال عاصمة عربية شكل له صدمة عنيفة فاعتزل الكتابة والإبداع حتى مطلع التسعينات .
من أعمال " ونوس " المسرحية رائعته " الفيل يا ملك الزمان " (1969) التي يتناول فيها معاناة مواطني إحدى الممالك من فيل يعيث في الأرض فسادا ... ويهلك الزرع والحرث والنسل ... ويجتاح كل ما يخطر على باله فيدمره تدميرا ... ولا يلوي على شيء دون أن يردعه رادع ... ولا يجرؤ احد على التصدى له أو أن يضع حدا لتجاوزاته ومرد ذلك أن الفيل يحتمي بالملك ... فيجتمع مواطنو المملكة ... ويتباحثون فيما بينهم أمر الفيل وخطورته على حياتهم ومستقبلهم فيقررون مقابلة الملك والتظلم له لعله يقيهم خطره الداهم . ويحارون في أمر " من يعلق الجرس " ... فللملك مهابته .. لكنهم يتفقوا في النهاية أن ينطقوا بشكواهم بصوت واحد ... لكي تتوزع المظلمة فيما بينهم ولا يختص بها واحد بعينه ... وهكذا ... تقدموا بطلب مقابلة الملك فأذن لهم بذلك وسألهم عما يريدون ... فصمتوا جميعا ..
أعاد السؤال ... فقال " زكريا " وهو كبيرهم // الفيل يا ملك الزمان // ... فيسأل الملك : ما خبر الفيل ؟؟ وفيما يلي نص الاقتباس عن المسرحية :
الملك : كاد صبري أن ينفذ . ما خبر الفيل ؟ زكريا: ( يائساً ، يتلفت نحو الناس المقوسي الظهور في انحناءة خوف) الفيل يا ملك الزمان . الملك : توقف عن هذا النواح.. الفيل يا ملك الزمان. أما أن تتكلم أو أأمر بجلدك. ( يتفرس زكريا في الناس باحتقار ويأس. يتردد لحظات ثم يتغير وجهه ، ويتقدم من الملك ) .
زكريا: ( يمثل ما يقوله بخفة وبراعة ) نحن نحب الفيل يا ملك الزمان مثلكم نحبه ونرعاه تبهجنا نزهاته في المدينة وتسرنا رؤيته تعودناه حتى أصبحنا لا نتصور الحياة دونه ولكن ..لاحظنا أن الفيل دائما وحيد لا ينال حظه من الهناءة والسرور الوحدة موحشة يا ملك الزمان. لذلك فكرنا أن نأتي نحن الرعية فنطالب بتزويج الفيل كي تخّف وحدته ، وينجب لنا عشرات الأفيال. مئات الأفيال. آلاف الأفيال.
كي تمتلئ المدينة بالفيلة. أصوات : _كالحشرجة ( تزويج الفيل (؟؟ الملك: (مقهقهاً) أهذا ما جئتم تطلبونه؟ زكريا : لعل مولاي لا يرد لنا الرجاء. الملك : (ملتفتا إلى وزرائه وحاشيته) أتسمعون! مطلب في غاية الطرافة كنت أقول دائما أني محظوظ برعيتي حنان ورقة في الشعور. رعيتي مليئة بالحنان . كلها حنان. طبعا سننفذ للشعب مطلبه. (يدق الصولجان) فرمانات ملكية : الفرمان الأول يأمر بالخروج إلى بلاد الهند للبحث عن فيلة يتزوجها الفيل.
الفرمان الثاني يأمر بمكافأة هذا الرجل الجريء وتعيينه مرافقاً دائماً للفيل. الفرمان الثالث يأمر بإقامة فرح عام ليلة العرس ، تدق فيه الطبول ، وتوزع على الشعب المآكل والمشروبات ويعم السرور والانشراح خمسة أيام بلياليها. زكريا: أدام الله فضل الملك علينا.
أصوات: (كالحشرجة) أدام الله فضل الملك علينا. الملك: (ضاحكا) مطلبكم أجيب. تستطيعون الانصراف.
ssakeet@hotmail.com