facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملك السعودية زار موسكو .. الحدث الأبرز


د.حسام العتوم
24-10-2017 12:26 PM

لقد شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز بن سعود إلى موسكو بتاريخ 4 تشرين الأول من هذا العام 2017 ولقائه رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين خطوة تاريخية وحكيمة تسجل لصالح الزعيمين وبلديهما وقيادتيهما وسط ظروف سياسية واقتصادية وعسكرية متسارعة وحرجة عصفت بمنطقتنا العربية والشرق أوسطية، وانقسمت حلبتها بين المدرستين الأمريكية والروسية تحديداً، رغم إعلان الروس انتهاء الحرب البارة وقدوم عالم الأقطاب المتعددة، وتمسك الأمريكان باستمرارية الحرب الباردة وسيطرة القطب الواحد.

وتأتي الاستدارة السعودية الناجحة صوب موسكو في زمننا هذا مفاجئة بحجمها الكبيرة الذي نراه اليوم على مستوى القيادتين السعودية والروسية، وعلى مستوى الاتفاقات الاقتصادية الجديدة ومنها العسكرية الضخمة. لكن المدقق في صورتها سيعرف عمق ومدى الخطوات السعودية والروسية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية السابقة، وكذلك التاريخية التي مهدت لمرحلة عام 2017 المشرقة التي أبهرت الرأي العام العالمي، والشرق الأوسطي، والعربي كذلك. وصفحة الماضي القريب أشارت لأحداث ساخنة دارت حول الفلك السعودي وكان لدول العالم ومنها أمريكا وروسيا الدور الأكبر فيها، ولكل دولة عملاقة كبيرة كان لها أسلوبها في التعامل معها، مثل ملفات (إسرائيل)، وإيران، وحرب اليمن، والسوري وإعادة البناء، وأزمة الخليج والعقوبات الاقتصادية على روسيا، واستفتاء كردستان.
إن خير ما قرأت عن الرؤية الأمريكية وقضية فلسطين كانت لفاروق القدومي وزير خارجية دولة فلسطين الأسبق التي نشرها في صحيفة (رأي اليوم الإلكترونية) العربية والعالمية بتاريخ June 9, 2014، وهي الصحيفة التي يرأس تحريرها عبدالباري عطوان، حيث كتب القدومي يقول بأن الموقف الأمريكي في مراحله التاريخية المختلفة من قضية فلسطين توّج بتعهدات الرئيس بوش لشارون عام 2004، والتي اعتبر كوعد جديد يشبه وعد بلفور الذي أصدرته بريطانيا عام 1917، وتبقى مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين عام 2002 والتي أعلنتها قمة العرب آنذاك في بيروت، ونادت بتحقيق السلام العادل والشامل هي الأفضل والأنجع حتى الساعة، وركّزت على الانسحاب الكامل من الأراضي العربية بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان. وهي المبادرة التي ساندها سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في كافة تصريحاته الإعلامية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، ومع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب دخلت القضية من جديد في السراب، وأصبح المطلوب إحياءً جديداً لعملية السلام وتحريك لمياه القضية الفلسطينية الراكد.
ويبقى الملف الإيراني المحرك الأكبر للتوجه السعودي تجاه موسكو، فإيران دولة أيديولوجية مذهبية لا تلتزم بحدودها الجغرافية الطبيعية، ولها مطامع صفوية وسط بلاد العرب. ترتكز على نسب مئوية لتجمعات الشيعة البشرية، وهي محتلة لجزر الإمارات الثلاث (طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى)، ومماحكة لاستقرار وسيادة السعودية مباشرة، ومسيطرة على قرار العراق السياسي، وعلى القرار السوري أيضاً، ولها إطلالة في لبنان عبر (حزب الله). وتتمسك بوجهة نظر معارضة لاستفتاء كردستان في ذات الوقت، وهو الذي يعارضه العرب أيضاً، وتوازن عسكري مال لصالح إيران على مستوى نوعية السلاح الصاروخي المتقدم، وإعداد أفراد القوات المسلحة وتدريبهم قبل زيارة الرئيس الأمريكي ترمب للرياض، وعقد صفقة سلاح واقتصاد وصلت إلى 110 مليار دولار، وقبل الاتفاق مع روسيا الأخير بالحصول على شبكة صواريخ (أ.س.400) التي سبق لإيران وتركيا شراؤها من الجانب الروسي، وإيران متوغلة في اليمن وتقف وراء الانقلاب الحوثي هناك في صنعاء، وتحرشات حوثية إيرانية لامست نجران، ولإيران يد في أحداث ليبيا ما بعد القذافي، ولقد أفرحها أزمة الخليج الأخيرة التي اشتبكت فيها كل من السعودية والإمارات وقطر على خلفية تعهدات خليجية بسداد فاتورة صفقة السلاح مع أمريكا.
وفي الملف السوري الذي سيطرت على مجريات أحداثه أمريكا أولاً، ووقفت وراء مطالبة الأسد بالتنحي، وأدخلت الخطة (ب) الانقلابية في سورية حيّز التنفيذ، دخلت بعد ذلك روسيا وحركت مؤتمرات جنيف، واقترحت العمل مع أمريكا، ودول المنطقة، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن للوصول إلى المرحلة الانتقالية عبر صناديق الاقتراع، وبعد توجيه صفوف المعارضة السورية نفسها، وتمكنت روسيا بعدها من إقناع دمشق، وبعد الاتفاق مع أمريكا، والأمم المتحدة ومجلس الأمن من جديد، للتخلص من سلاحها الكيماوي الخطير، فكان لها ذلك، وواصلت جلسات (جنيف) وطورتها إلى (الاستانة) بالتعاون مع كازخستان، حتى أصبحنا أمام منطق وواقع (مناطق خفض التصعيد)، الممكن أن توصل لإيجاد حل لمسألة اللاجئين السوريين، ولسلاح المعارضة السورية الواجب تنحيته جانباً، وطرد الإرهاب من (داعش)، و(نصرة)، وغيرها.
وفي كل الملفات السياسية سابقة الذكر كان للملكة العربية السعودية في التاريخ المعاصر وجهة نظر، وكان لروسيا وجهة نظر أخرى، تقتربان وتتباعدان بحكم التأثير الأمريكي وانحساره. فبما يتعلق بإسرائيل فإن السعودية لا تقيم علاقات دبلوماسية معها أسوة بباقي الدول العربية التي تنتظر الحل العادل الشمولي لقضايا احتلالاتها بواسطة الانسحاب الكامل، وهو الأمر الذي دعت له الرياض وأوضحناه هنا أعلاه، ورغم أن لروسيا علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية مع تل أبيب إلا أنها ساندت مبادرة المملكة العربية السعودية في بيروت عام 2002 التي قادها ملكها الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ووقفة واحدة سعودية روسية مع حل الدولتين وإنهاء مسألة المستوطنات غير الشرعية العالقة، ومع قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها (242 و194) الخاصتين بالانسحاب الإسرائيلي واللاجئين.
وفي الوقت الذي لا تمتلك فيه الرياض علاقات دبلوماسية مع طهران، وتعتبر إيران عدوة لها ومتدخلة في شؤونها الداخلية، تتمتع روسيا بعلاقات ملاحظة مع إيران ومؤثرة، فلقد عملت على تقريبها من جلسات (الاستانة)، ودخلت معها في عملية تنسيق دائمة في شأن الأزمة السورية وخارجها، وقدمت لها مساعدة دولية كبيرة في الاتفاقية النووية (5 + 1) سابقاً بعدما كانت معرّضة لمصير يشبه العراق بعد التشكيك الأمريكي بوجود صناعة نووية عسكرية لديها مهددة لأمن إسرائيل وأمن العالم، بحكم ما لديها أيضاً من تطرف أيديولوجي مناهض لكل ما هو إسرائيلي وأمريكي، وهو الأمر الذي تجدده القيادة الأمريكية برئاسة ترمب الآن خوفاً من تراجع قطبها الحاكم أمام نهوض أقطاب العالم.
واتفاقات نووية روسية إيرانية في مجال المحطات السلمية في بوشهر وحصلت السعودية على مثيل لها وبحجم وصل إلى (16) محطة.
وحول حرب اليمن والانقلاب الذي جرى على أرضها نظمت السعودية حرباً ضد التواجد الحوثي المسنود إيرانياً تحت اسم عاصفة الحزم، فيما دعت موسكو كعادتها للحوار بين سلطة اليمن والمعارضة، وإلى حوار مماثل بين اليمن والسعودية بوساطة عُمانية.
ويبقى الملف السوري هو الأسخن وجهود روسية دبلوماسية كبيرة بذلت بقيادة سيرجي لافروف وبالتنسيق المباشر مع الرئيس بوتين لإبعاد السعودية عن تأثيرات الخطة (ب) الأمريكية الصنع والتي كان ينادي بها وزير خارجيتها عادل الجبير، وبدأنا نلاحظ الآن حديثاً مشتركاً سعودياً روسياً يدور حول أهمية توحيد المعارضة السورية وإسناد مناطق خفض التصعيد في جنوب وشمال سورية وصولاً لحل عادل لقضية اللاجئين وسلاح المعارضة ومن أجل استقرار الدولة السورية ووحدة أراضيها.
واستقبال كبير ومهيب في قصر الكرملين الرئاسي المطلي بالذهب لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وللقيادة السعودية، واعتبر الرئيس بوتين الزيارة السعودية الملكية تلك (الحدث الأبرز)، رغم البروتوكول الروسي لاستقبال زعماء العالم في المطارات الروسية والذي يبعد رئيس الدولة عن استقبال كبار ضيوف روسيا مباشرة، والذي هو خاص بالدول العظمى بطبيعة الحال.
ولاحظنا وهو الأمر المفاجئ لنا كيف اندفعت المملكة العربية السعودية للاستثمار في موسكو وبحجم ملياري كبير دون الالتفات كثيراً لاستثماراتها في أمريكا، ولهذه الخطوة معنى وفيها حكمة إيجاد حالة من التوازن للرياض بين الشرق الروسي والغرب الأمريكي إن صح التعبير، وتصب في مصلحتها الوطنية والقومية العربية، فلقد أكدت وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 7 أكتوبر 2017 قول رئيس صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة كيريل ديمتريف أن الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا تكللت بالنجاح الكبير، وأشارت بأن قيمة الاستثمارات السعودية بلغت حالياً (10 مليارات دولار) في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، وإعلان شركات روسية بترولية وفي مجال الغاز الاستثمار في السعودية وفقاً لرؤية المملكة لعام 2030، وكذلك في مجال الأسمدة وبحجم وصل إلى (200 شركة)، وحديث إعلامي أظهر رغبة السعودية شراء شبكة من صواريخ (أ.س.400) الروسية الدفاعية، وطائرات (ميج 35) المتطورة وبحجم (60 طائرة).
وكسبت الزيارة السعودية لروسيا أهمية خاصة هذا العام بحكم زيارة أول ملك سعودي في تاريخ العلاقات السعودية الروسية منذ عام 1926، واستمرت علاقة الرياض بموسكو بعد عام 1990 بعد انهيار الاتحادي السوفييتي، وفي عام 1994 زار رئيس الوزراء الروسي تشريرنوميردين الرياض، وزار الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد آنذاك موسكو عام 2003، وفي عام 2007 زار الرئيس بوتين السعودية وسجل أول زيارة لزعم روسي في تاريخ العلاقات بين بلديهما، وبنفس العام زار ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز موسكو، وزار الأمير بندر بن سلطان موسكو في الأعوام (2006/2007/2008) بصفته الأمين العام لمجلس الأمن الوطني، وفي عام 2009 زار موسكو الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات السعودية، وشهد عام 2015 زيارة هامة لولي ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان آل سعود موسكو والتقى الرئيس بوتين، وفي الختام لا يسعني هنا إلا أن أشيد بتطور العلاقات السعودية العربية مع موسكو، والتي توّجت بلقاءات هامة مع القيادة الروسية ممثلة برئيسها بوتين، ورئيس وزرائها مديفيديف، وبرئيسه مجلس الأعيان الروسي فالنتينا ماتفيينكو، وأعادت الاعتبار لأهمية الحرب على الإرهاب، وعرض سعودي تقدمه وزير خارجيتها عادل الجبير لمساعدة روسيا في إزالة العقوبات الغربية والأمريكية الاقتصادية عنها رغم عدم حاجة موسكو لذلك. والله ولي التوفيق.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :