عمون - ادم درويش - يا بني، كم كنت فخورا بك اليوم. أتعلم؟ لقد نفخت صدري بكل اوكسجبن الارض. انت تحديدا رجل مخابراتي انا.

كنت حذرا، ونجحت. أعلم انك كنت دائما قادرا. وأذرعك ممتدة حتى امعاء الإرهابيين، خاصة وأنت تقف في المنتصف. منتصف جغرافيا ينخرها الهشاشة.

كم كنتُ فخورا بك وأنا أسمع البعض يهمس متسائلا عن الطرق الاستخبارية التي تتبعها دائرة المخابرات في اصطياد الخلايا الإرهابية.

إيه لو سمعتهم معي وقد صعقهم حرفيتك ومهارتك: "انظروا كيف هي الاحترافية العالية والمستوى المتقدم من الجهوزية واليقظة الأمنية، التي طالما عرفت بها المخابرات الأردنية على مستوى نظيراتها في الشرق الأوسط".

هم يدركون ان التفاصيل الدقيقة، التي تم الإعلان عنها، منذ اللحظات الأولى لتشكل الخلية وتتبع مصادر تمويلها ورصد تحركات أفرادها والعلم بمخططاتهم واهدافهم، يمثلا إنجازا استخباريا عالي الدقة، ويدفع على تعزيز ثقة الأردنيين بقدرة أجهزتهم الأمنية، وبالذات المخابرات العامة، على حماية بلدهم وأمنهم.

وكم كنت فخورا وانت تتحدث بفخر عن قدرتك واخوانك على إبطال المخطط الاخير في عدة مناطق من المملكة والتوقيت ذاته.

اليوم اثبتّ يا بني - مرة أخرى - أن مكانة الاردن الفاعلة ذات شأن. أعلم انك إحبطت اليوم المخطط الارهابي في 10 مواقع دفعة واحدة؟ واعلم أيضا أن المخطط كان تحت السيطرة التامة للمخابرات بدءاً من عمليات الاستقطاب والتجنيد. يعطيكم العافية.

في منتصف الطريق بين مجتمعك والارهاب تقف. تمد يقظتك، متلحفا بغطاء السرية، واقفا، متربصا لمن لا يرجون في المجتمع خيرا، بعد أن أطمأن العالم أن منطقة تحاط بشُعب النار فيها رجل بشماغ احمر، يهز عصا حرفيته الامنية هزّا.

اعلم يا بني أن ما يريده الارهابيون؛ استهداف مكانتك الفاعلة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ودورك المؤثر والأساسي في منظومة مكافحة الإرهاب وتنظيماته على المستوى الإقليمي والدولي.

واعلم ان هذه ليست المرة الأولى التي تحبط فيها انت ورفاقك مخططات، كانت مما احبطته اليوم، لكن قل لي: كيف تقدر على كل هذا العمل مع كل هذا الانجاز وبصمت.

كأن هذه هي بصمة ذات نكهة أردنية للجهاز، أعني المخابرات الأردنية. كيف لا وهي تستظل بقيادة تدرك ما تفعل. قيادة طالما سمعناها تحذر من التراخي في مواجهة الإرهاب.

لمثل هذا اليوم لم تترك عمّان منارة، إلا ونقلتْ فيها رؤيتها الداعية للتصدي له عبر منصات استراتيجية ثلاثة، دائما ما كان يشدد عليها جلالة الملك مرارا؛ أمنية واستخباراتية وايدلوجية.

اعلم أن هذا يجدد الميزة التي عرفت بها المخابرات الأردنية في التتبع الاستخباري المبني على المعلومات الدقيقة، بل ويعكس الثقة العالية بقدرات منتسبي الجهاز في التعامل مع تهديدات بهذا الحجم.

اتريد أن تسمع مني الخلاصة؟ اسمع اذن: هذه الحادثة تؤكد للصديق والعدو للجار والبعيد للمحب والكاره أن جهاز المخابرات العامة الأردنية ورغم انخراطه بفعالية معلوماتية استخبارية في الجهد المبذول من مختلف الأطراف المعنية للتصدي لخطر التنظيمات الإرهابية في المنطقة حتى القضاء على كثير منها خصوصا في سوريا والعراق، إلا أن هذا لم يبعد الجهاز عن الأولوية الرئيسية له في حماية الداخل الأردني والحفاظ على الأمن والاستقرار الذي تتميز به المملكة في إقليم ملتهب وجوار غير مستقر وبيئة محفزة للتطرف.