facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فيضان الفتاوى


د. ماجد الخواجا
22-04-2007 03:00 AM

تشدّني كثيراً تلك البرامج التي تملأ فضاء المحطات التلفزيونية الأرضية والفضائية والمتعلقة بالفتاوى وخاصةً في شهر رمضان، حيث يطلع علينا الشيوخ من كلّ حدبٍ وصوبٍ على تلك الفضائيات التي تعلن الورع والتوبة خلال شهر رمضان لتمارس دعارتها الفكرية والإباحية علينا بقية العام.. ومنها مَن تعلن التوبة قبل موعد الإفطار ولدقائق معدودة ثم تعود لتغزو بعض ما نحاول بنائه مِن تعبّدٍ.. أقول: يخرج علينا أحد الشيوخ على شاشة الفضائية عدة مرّاتٍ كلّ يومٍ ليقوم بالإجابة عن أسئلة المستمعين أو المشاهدين، وهذه الإجابات تجعلني أقف مندهشاً ومتسائلاً: هل حقاً وصلت مجتمعاتنا لهذه الدرجة من النقاء والصفاء بحيث لم يعد هناك شاغل يشغلها سوى أن تستفتي عن حكم بلع الريق، وعن حكم المضمضة، وعن حكم الصلاة في غرفةٍ يوجد فيها صورة، وعن حكم لون دم الحائض إن كان أخضراً أم اصفراً أم أحمراً، وعن حكم مَن أفطر دون تناول حبّة تمرٍ، وهكذا...
ليس هذا فحسب، حيث يقوم الشيخ بإصدار الأحكام حول برامج المسابقات الرمضانية وغيرها والتي لا يمكن الاشتراك فيها إلا عبر الاتصال الهاتفي ذو الكلفة الباهظة، حيث يجيزها للمحطة التي يطلّ منها علينا، ويحرّمها على المحطات الأخرى، فيما يقوم أحد الشيوخ بتحريم القروض البنكية الربوية، ويقوم آخر بقبولها ضمن شروطٍ معينة، وهناك تحريم خروج المرأة سافرة الوجه والتي تسمّى ( المتبرجة)، وفتاوى عن كيفية إخراج زكاة الفطر، و...
لا أدري حقاً كم يحقّ لمثل هؤلاء أصحاب الفتاوى أن يستمرّوا في العيش ببروجهم المنغلقة ولا يرون الدنيا إلا من ثقب الإبرة التي يحملونها، كم يحقّ لأحدهم أن يطلق حكماً بالتبرّج بحسب المذهب الفقهي الذي يتبّعه ويعلنه على الملأ، فيما قد تكون هناك اجتهادات فقهية لمذاهب أخرى تبيح مثل هذا السفور للمرأة، لكن لا يتاح لتلك الاجتهادات أي مجالٍ لإظهارها.
ثم هذا الشيخ الذي قام بإعلان فتاواه مدفوعة الأجر على محطة فضائية تستبيح في كلّ لحظةٍ ما تبقى لدينا من أملٍ أو رجاءٍ عبر سيلٍ جارفٍ من المسابقات مدفوعة الأجر ومن البرامج الرديئة الهزيلة والإباحية، وكيف يجيز لنفسه إصدار حكم التبرّج على النساء سافرات الوجه وهو حكم يكاد يمسّ كلّ امرأةٍ في بلاد الشّام ومصر وإيران والعراق ودول المغرب العربي ومعظم الدول الإسلامية التي تسير على مذاهب واجتهادات فقهية مختلفة.
بل إننا إذا دققنا النظر في كتب وفتاوى هؤلاء سنجد أن غالبية الشعوب العربية والإسلامية بحسب فتاواهم يعتبرون أصحاب بدعٍ وزيغٍ.
إنني بقدر ما أدافع عن حقّ هؤلاء في عرض فتاواهم وفقههم وإشاعة ذلك عبر الفضائيات، أطلب من هذه الفضائيات أن تسمح بعرض فتاوى وفقه واجتهادات المذاهب الأخرى، أو أن تعلن هذه الفضائيات عن المنهج الذي تتبناه، علماً بأن ما تقوم به تلك الفضائيات هو أرخص أنواع التملّق والمداهنة من أجل استمرار تغذيتها مالياً من قبل الدولة الراعية لها..
ثم: ألا ينظر هؤلاء الشيوخ إلى كلّ هذا الفساد المستشري كالنار في الهشيم كي يستمروا في إصدار أحكامهم القطعية على المواطن البسيط بأن لا يشارك في المسابقات وأن لا يأخذ قرضاً بنكياً وأن يقوم بإخراج الزكاة والصدقات وأن لا يكثر من المضمضة أو بلع الريق، وأن لا يكثر من التطيّب، وأن لا يرفث، لا يفسق، لا يجادل، فقط ينصاع ويذعن ويستكين.. أما أصحاب المحطات الفضائية، وأصحاب البنوك، وأصحاب المسابقات، وأصحاب المال والجاه والسلطان.. فليهنأوا وليقرّوا عيناً.. فهذه الفتاوى ليست موجهة لهم ولا تنالهم بشيءٍ.. لتحيا كلّ الفتاوى.. لتمنع المضمضة.. ليمنع بلع الريق.. ثم نسأل بعد ذلك: على أي جنبٍ يحبذ لنا النوم..
ناموا فما فاز إلا النوّم..

E-mail:majedkhawaga9@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :