facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يكتب الملك .. أكبر من مقال


د. نضال القطامين
04-11-2018 01:32 AM

إن الحقيقة محسومة، فقد يستاء منها الرعب، ويسخر منها الجهل، ويحرفها الحقد، لكنها تبقى موجودة. ونستون تشرتشل.

بين الفينة والأخرى، يكتب جلالة الملك. حين يفعل ذلك، تكون الأسباب دافعة وطارئة، وثمة ما يراه جلالته خارج الإطار الوطني والإنساني بشكلٍ يستدعي التدخل السريع.

منصات للتواصل أم للتناحر، هو عنوان مقال يتحدث فيه جلالة الملك عمّا أحدثته وسائل التواصل الإجتماعي في نسيج المجتمع الأردني، وكيف حوّل البعض استخدام هذه المنابر المجانية المتاحة لاستبدال قيم التآخي والرفق بسمات الوسم بالكراهية والحقد والتهشيم واغتيال الشخصيه واغتيال الحقيقه، وكيف انتقل هذا الاستخدام بالقارىء ليلقيه في صحاري التيه بين الحقيقة والإشاعة.

كتبت قبل نحو ثلاثة أشهر عن هذا التيّار الذي سيودي بقيم مجتمعنا الأصيلة وعنونت مقالتي بأن الأمر لم يعد مزحة، وأشرت فيه بأنه صار لزاما على الدولة أن تتدخل لكبح جماح هذا الانفتاح المطلق على العالم، ومجابهة آثاره السيئة على المجتمع، بالترغيب وقليلا بالردع، وأعيد القراء الكرام للمقال بهذا الرابط.

لم يعد الأمر مزحة .. !

اليوم يفتح جلالة الملك نوافذ واسعة أمام حوار وطني متكامل يبيّن الطريق لحلول وافية لهذا التلاطم الفكري على الصفحات الإلكترونية.

يجدر بأن يكون الإهتمام بالشباب هو أول الطريق في إعادة تهيئة استخدام المنصات الإلكترونية. لا يتعلق الأمر بالقمع ولا بالترهيب، بل بالبحث عن وسائل إرشادية تكسب الطلبة في المدارس وفي الجامعات مهارات تمكنهم من العودة للقيم الأردنية في التسامح والتفكير والتمحيص والتمييز بين الغث والسمين.

لقد وضع جلالة الملك في مقاله كل أيدينا على الجرح الذي نراه يستنزف قيمنا الأصيلة، والمؤسف أنه يتسع ويتناسل بشكل كبير، ربما لن يكون باستطاعتنا أن نضع له حدا، أقصد أن تتحوّل هذه المنصات معاول هدم، وتكون المنشورات على صفحاتها مسلّمات تعمل في أساس الدولة، هدماً وتخريبا.

تتجه الدولة الأردنية للإحتفال بمئويتها. مالذي يمكننا أن نفعله لتستمر في ريادتها وفي نشأتها على قواعد الحرية والعدالة والمواطنة الصالحة. الكثير.

أول ما يمكننا عمله هو مساعدتها على استعادة هيبتها التي اهتزت. هذه أولوية قصوى، دون ذلك سنبقى عرضة لخلخلة البنية القوية للمجتمع.

مالذي تفعله وسائل التواصل الإجتماعي في هذا السياق. الكثير. لقد باتت هذه المنصات وسيلة أساسية للتحدث في كل الشؤون.

لكن ضابط الأمر ومرجعيته، هو أن تكون أولا مؤمنا صادقا ووطنيا حين تبتدر الكتابة على صفحتك الشخصية، وأن تعد مئة مرة قبل الإقدام على نشر معلومة غير متأكد من صحتها. إنّك لن تزيد إذا ألقيت الكلام على عواهنه من أن تساهم في هدر قيم مجتمعك، ولن تجني سوى زرع المزيد من الصفات التي لم تكن يوما في هذا النسيج القويم.

كان هذا الوطن على مر عقود نشأته، قوميا عروبيا انسانيا، وكلفته مواقفه المشرّفة كثيرا ، لكنه لم يهن ولم يجزع حين كان الأمر يتعلق بالمبادىء. لن يسمح الأردنيون بأن تكون حصوننا مهددة من الداخل. ليس هذا من شيمهم ولا من قيمهم.

وضع جلالة الملك في مقاله مدونة سلوك أساسية لاستخدام وسائل التواصل. لا تتعلق هذه الوثيقة أبدا بتكميم الأفواه عن قول الحقيقة وعن مكافحة الفساد ولا عن الإنتصار للحق، إنها معنية بشكل كامل في تأطير هذا الإستخدام وتدريعه بغلاف وطني وإنساني، ليس فيه هدر للحقيقة ولا تجميل للإشاعة، ولا تسويق خبيث لهدف مشبوه.

أدرك تماما، أن على الحكومة ومجلس الامة، أن تلتقط الإشارات الفورية في هذا السياق للخروج بإطار تشريعي يوازن بين حرية الكلمة والتعبير وبين لجم الإشاعات، وربما كان على الحكومة أن تستحدث على الفور دوائر خاصة يديرها مدربون ومتخصصون في كل وزارة ويتلخص واجبها في اداره وضبط ومتابعة ما ينشر على وسائل التواصل وفي دحض الإشاعات ونشر الحقائق.

لم ولن يكون الأردن وحده من يفعل ذلك، كل دول العالم ذات الديمقراطية المتأصّلة تفعل ذلك، لكنها تفعله بطريقتها النموذجية جدا، حين تغرز في نفوس النشء قيم الرقابة الذاتية، وتفعّل أدوار المرشدين في المدارس وفي الجامعات وتمكّن مؤسسات المجتمع المدني من تسويق الفكرة في هذا السياق، وتستمر في إخضاع كل المنشورات التي يمكنها أن تشكل خطرا على مجتمعاتهم للقضاء، بموازاة عقد الورشات والمؤتمرات والندوات بهذا الخصوص، فضلا عن مخاطبة الشركات المشغلة لهذه المنصات، بمراقبة خطاب الشائعات والكراهية والتضليل.

لا يطلب مقال جلالة الملك سوى أن نكون محبين لوطننا، وأن يستمر دورنا في بناء الدولة كما بدأناه، بالوقوف مع الوطن في كل ظروفه وبالتكاتف معا في وجه العاديات ومؤامرات الامم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :