facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




موسكو والرياض والعلاقات التاريخية


د.حسام العتوم
13-11-2018 12:44 PM

حري بنا أن نعرف وعبر الويكيبيديا بأن العلاقات الدبلوماسية الروسية/ السوفيتية بالسعودية (المملكة) بدأت عام 1926 وسبقت مثيلتها الأمريكية – السعودية الدبلوماسية والتي بدأت عام 1940، ومن المهم أن نعرف اليوم بأن السعودية ملتزمة بعلاقات دولية متوازنة، وتنطلق من موقعها الجيوسياسي والديني والاقتصادي، ولتشكيلها قطباً عربياً هاماً يتقدم زعامة العالم الإسلامي ولا يضاهيه في الجناح الإفريقي من العالم العربي إلى حد ما إلا مصر، ويتبوأ الأردن قبة الميزان وسط المنطقة الشامية العربية. وبالمناسبة يتفوق القطب السعودي على القطب المصري الشقيق من حيث المساحة وتمركز الأماكن الدينية، ومن زاوية الاقتصاد، وفي نهاية المطاف الوطن العربي واحد رغم تباين سياساته الخارجية مداً وجزراً صوب روسيا، وأمريكا، وكافة دول العالم.

كتب أحمد طاهر في موسوعة السياسة الدولية عام 2015 مقالة بعنوان العلاقات الروسية – السعودية تحول جذري ام تغيّر لحظي؟

عزا فيها حزمة التحولات في منطقة الشرق الأوسط مع الألفية الثالثة، وتحديداً منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وبدء الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، وما صاحبها من تداعيات جمة على شؤون دول المنطقة، مع انطلاقة الحملة الدولية ضد أفغانستان، ثم الحرب الأمريكية – البريطانية على العراق 2003، وتطورات الأحداث في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وانطلاق المحادثات الإيرانية – الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وصولاً إلى ما سمي بالربيع العربي وتداعياته التي لا تزال ماثلة حتى اليوم في الشرق الأوسط، ونستنج هنا بأن التأثير الأمريكي وسط منطقتنا فاق مثيله الروسي – السوفييتي رغم حضوره مبكراً، وكان للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ بدايته عام 1948 توجيهاً لهذا التأثير صوب ترجيح كفة ميزان الجناح الأمريكي على الروسي – السوفييتي، وتوسيعاً له مع زيادة المساحات الاحتلالية لأراضي العرب في سورية ولبنان. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار صعود الحرب الباردة في المقابل بين الدولتين العملاقتين الاتحاد السوفييتي بقيادة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ومعها أوروبا، وكيف تطورت الأحداث باتجاه انهيار النظام السوفييتي، وحلفه العسكري (وارسو) عام 1991 وبقاء الحلف الغربي الأمريكي بقيادة (الناتو)، واستمرار الحضور الروسي للفدرالية الروسية في أماكن مواطئ اقدام الولايات المتحدة الأمريكية والعكس صحيح تماماً، وتعارض وتصادم المصالح الروسية الأمريكية، واتباع واشنطن سياسة توجيه العقوبات لموسكو كلما عصفت الأحداث في بؤرة سياسية واقتصادية عالمية مثل انجلترا، وأوكرانيا وسوريا.

ويضيف أحمد طاهر في مقالته (العلاقات الروسية – السعودية، ص104) قائلاً: (.... ولا شك في أن هذه التحولات انعكست على سياسات دول المنطقة وتوجهاتها الخارجية، سواء في تفاعلاتها مع الأطراف الدولية الفاعلة، أو حتى على المستوى الإقليمي، وهو ما تجلى بوضوح في التقارب الروسي السعودي، خلال الفترة الماضية، حيث شهدت السياسة الخارجية لكل منهما تحولاً في توجهاتها صوب الآخر نحو مزيد من التقارب. ويطرح الكاتب طاهر سؤالاً هل ثمة تغيير حقيقي تشهده سياسة كلا الطرفين تجاه الاخر، ام أنه تحول لحظي يرتبط بمتغيرات محددة سرعان ما تعود الأوضاع إلى طبيعتها؟

وتعليقي هنا من جديد هو بأن السعودية المملكة لم تعد كما كانت في السابق في عمق التاريخ المعاصر، وهي في تطور ثابت ملاحظ على كافة الصعد ومنها على مستوى السياسة الخارجية في عهد خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وعلاقة جديدة مهمة رصينة مع روسيا عززتها زيارة سعودية رفيعة المستوى تقدمها الأمير محمد عام 2015، ورسالة للملك سلمان في نفس العام من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تضمنت دعوة للملك لزيارة موسكو.

واستطاعت الرياض تجاوز الاختلاف مع موسكو في وجهات النظر والمواقف حيال الأزمة السورية. فبينما كانت الخطة (ب) الأمريكية الصنع هي السائدة والتي هدفت لتغليب الخيار العسكري على السياسي، توجهت السعودية لترك الباب مفتوحاً امام نجاحات روسيا في تمريري خيارها السياسي بشأن سوريا عبر (جنيف) و(الاستانا) و(جنيف) من جديد، وصولاً لتشكيل مناطق لخفض التصعيد تضمن الأمن والأمان وتمهيداً لعودة اللاجئ السوري إلى دياره السورية رغم حالة عدم الانسجام القائمة والملاحظة بين دمشق والرياض وبالعكس.

واتفاقات اقتصادية ومنها عسكرية كبيرة تقدمتها شراء الرياض لـ(16) مفاعلاً نووياً سلمياً من موسكو والتزود بمنظومة الدفاع الجوية الشهيرة (C400) إلى جانب اتفاقات أخرى في مجال الصناعات التكنولوجية المتطورة. ومن المهم ذكره هنا المشاركة الناجحة للأمير محمد بن سلمان في أعمال المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبيرغ، ومشاركة عسكرية سعودية مماثلة في منتدى الجيش 2015 في ضواحي موسكو، واقتراب الرياض من المنظومة الصاروخية الروسية اسكندر. وفي المقابل فإن ما عزز تقريب مسافة السياسة بين موسكو والرياض هو استمرار وصمود نظام الأسد، وانتصار الخيار الروسي السياسي والعسكري، وتراجع الخيار السياسي والعسكري الأمريكي الذي مالت له الرياض في وقت سابق، مما دفع بالرياض لاختيار طريق النجاح والاعتراف بموسكو سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وهو الأمر الذي بادلته بإسناد القطب السعودي والشروع بالتدخل الناعم لحل مشكلتها وخلافها العالق مع قطر كقوة اقتصادية صاعدة في الجوار السعودي.

ونجحت موسكو وكما هو ملاحظ في تغليب خيارها بتمرير خط الغاز (2) إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وإحباط مرور مثله من قطر عبر الأراضي السورية إلى أوروبا كما كان مخططاً سابقاً، وهو أمر يعتقد بأنه كان سبباً هاماً في دخول روسيا إلى الأجواء العربية ومنها السورية تحديداً إلى جانب هدف مطاردة إرهاب عصابتي (داعش)، و(النصرة) معاً المنشقين عن تنظيم القاعدة الأم الاكثر دموية وإرهاباً، ولأسباب أخرى ذات علاقة مباشرة باستمرار الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو رغم رفض موسكو لملف الحرب الباردة مع أمريكا برمته، وتوجهها للدعوة لعالم متعدد الأقطاب ومتعاون، ومتوازن مع الإصرار على إسدال الستارة عن عالم وحاكمية القطب الواحد. وكما أن امريكا دخلت العراق بدعوة من المعارضة العراقية عام 2003، نجد أن روسيا دخلت سوريا بدعوة رسمية من نظام الأسد، وتمكنت موسكو في المقابل من تقريب واشنطن من عقد الأزمة السورية لحلها من دون الحاجة للاصطدام معها.

ونقرأ أيضاً في مقالة أحمد طاهر (العلاقات الروسية السعودية، ص108) بأن خطوات اتخذت للحفاظ على مساحة من التوافق بين السعودية وروسيا منها الامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم (2216) الصادر في (14 أبريل 2015) بشأن اليمن يحظر توريد الأسلحة للحوثين، ويدعم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وجهود مجلس التعاون الخليجي. وإلغاء وزارة الخارجية الروسية لقاء محدداً سلفاً مع وفد من السياسيين اليمنيين المؤيدين للحوثين (ضم عارف الزوكا، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، واثنين من كبار المسؤولين في الحزب). حيث وصل الإشعار بتأجيل الزيارة قبل (48) ساعة من موعدها، وذلك نظراً لأنها كانت ستأتي بعد يوم واحد من زيارة ولي ولي العهد السعودي، وما تتركه من ردود فعل سلبية على علاقاتهما، علماً بأنه قد تمت الزيارة فيما بعد دون الكشف عن ما جرى خلالها.

وحرص المسؤولون الروس على استخدام خطاب يتقارب مع الموقف السعودي، كما جاء على لسان أليغ أوزيروف، السفير الروسي لدى السعودية، من أن المرجعية لحل الأزمة اليمنية معروفة، وأكدنا ذلك اكثر من مرة، وهي تعتمد على قرار 2216 الصادر من مجلس الأمن.... مع الدفع بالمبادرة الخليجية وآلية تنفيذها.

والدعم الروسي لإيران (والكلام هنا للكاتب احمد طاهر أيضاً)، (مسألة حساسة ومركزية للملكة العربية السعودية، ولعله احدى أهم نقاط الاشتباك في علاقاتهما، حيث تعد روسيا الداعم الأول للسياسات الإيرانية في الشرق الأوسط، بالرغم من إضرار وانعكاسات تلك السياسة السلبية على منطقة الخليج، وفي القلب منهما المملكة العربية السعودية، التي باتت في مواجهة ليست فقط مع أنصار إيران في العراق اليمن، وإنما مع إيران نفسها التي بدأت تدخل على خط المواجهة المباشر). انتهى الاقتباس، وتعليقي هنا على ما سبق ذكره وما جاء على لسان الكاتب احمد طاهر بأن علاقة الفدرالية الروسية مع اليمن مثلاً تاريخياً منذ العهد السوفييتي عندما كان جنوب اليمن محسوباً عليها، وفي وقت أزمة اليمن المعاصرة وتطوراتها ارتكزت روسيا على موقفها المشابه تقريباً في سوريا على الخيار الديموقراطي وصناديق الاقتراع ولم تساند الاغتيالات السياسية للزعماء العرب منذ عهد صدام حسين، ومعمر القذافي، وبشار الأسد، وعلي عبدالله صالح، وتمسكت بالحوار، وعلى بناء المصالح المشتركة طوعاً وليس عبر الانقلابات مثلاً أو بقوة السلاح أن بطريقة الكابوي.

وعلى صعيد علاقة روسيا بإيران فإنني شخصياً أعتقد بأنها لا تتقاطع مع الحالة العدائية بين طهران والرياض والعكس صحيح، ولا تصطدم مع حمّى التنافس على زعامة العالم الإسلامي رغم أن الزعامة واضحة للعالم السني بقيادة المملكة العربية السعودية بحكم الحضور الديموغرافي، وحجم الأماكن المقدسة وعمقها التاريخي. ولروسيا علاقة اقتصادية مع إيران ومنها عسكرية تمثلت في بناء مفاعلات نووية سلمية في بوشهر، وفي تصدير منظومة صواريخ دفاعية لها تحت اسم (C 300) وأكثر تطوراً للرياض باسم (C400).

وحول ما يتعلق بقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي فإن روسيا الرسمية التزمت الصمت لعدم توفر معلومات لديها من جهة، وعلق الرئيس بوتين بأن واشنطن تتحمل بعضاً من المسؤولية بسبب عيشه في أمريكا، ولعدم حاجتها أي روسيا لزج نفسها في مسألة من شأنها أن تساهم في تعكير المناخ السياسي بين الرياض وموسكو، واعتبار الحادث شأن سعودي خالص، وفي نفس السياق تحدث الإعلام الروسي المتلفز عبر قنواته الفضائية الكبيرة (RT, 24, RTR, I) عن تعرض الخاشقجي لحادثة اغتيال وبالتفاصيل الممكنة من دون توجيه تهمة للسعودية أو لأية جهة أخرى.

ويحضرني هنا قول حديث لولي عهد المملكة السعودية الأمير محمد بأن السعودية وبلاد العرب ستختلف إلى الأفضل خلال الخمس سنوات القادمة، وشرق أوسط جديد بمستوى أوروبا. وكتاب تركي عبدالله بن عبدالرحمن (السعودية – الموروث... والمستقبل التغيير الذي يعزز البقاء، ص92) يؤشر على الحراك السعودي صوب المستقبل حيث يقول:
(المنجزات التي يكتب لها البقاء ويترسخ بنيانها على الأرض قلّما تجري في جيل واحد أو بقيادة شخص واحد...) فالبناء له مراحل لا بد لها من تأسيس وتتابع كي يتكامل المنجز، فلا تبنى السطوح قبل تشييد القواعد، كما أن لكل مرحلة متطلباتها وخصوصيتها).





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :