facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غير كل النساء ..


د. ايهاب عمرو
27-11-2018 12:07 PM

تلك هي شقيقتي المربية الفاضلة رانية عمرو التي رحلت في عمر مبكر، رحلت لكنها لم ترحل لأن ذكراها باقية لدى كل من عرفها من أهلها وطلبتها وجيرانها وأهل بلدتها، رحلت جسداً وبقيت عبيراً وفكراً وحكمةً وإيمانا. رحلت وتركت لنا زهرات جميلات تذكرنا فيها، نراها ونشتم رائحتها الزكية عندما نعانق تلك الزهرات الجميلات، رحلت وتركت لنا نبراساً نهتدي به كلما تعثرنا بأشواك السبيل، وكلما ضاقت بنا السبل وضللنا الطريق.

ولأنها كانت من أقربهن إلي عاطفةً وفكراً وإنسانية، وجدت فيها من صفات فريدة وخصال حميدة ما يعجز المرء عن وصفه واللسان عن ذكره، منها تفانيها لمصلحة بيتها وأسرتها وأهلها، وحرصها على شأن كل واحد فيهم كأنه شأن خاص بها، ووقوفها بجانب من احتاج مساعدتها وقت الشدائد، ومراعاتها بشكل متوازن لمصلحة المجموع دون إنكار أو إهدار لحق الفرد. ناهيك عن كرمها المتأصل لمن كان يقصد بيتها من أهلها وأقاربها وزميلاتها في العمل.

ولعل المواقف التي جسدتها بأخلاقها الرفيعة وصفاتها الحميدة وعالمها الواسع شكلت حالة تستحق الوقوف عندها ودراستها دراسة متأنية من أجل استخلاص النتائج والعبر. وأكثر ما هالني من جملة سحرها رحمها الله قدرتها على وصف الحالة كما يجب دون ضرر أو ضرار ودون زيادة أو نقصان، ورغم كونها قليلة الكلام، إلا إنها كانت عظيمة الفعل الانساني الذي يترك أثراً بعيداً في النفس. إضافة إلى أسلوبها العقلاني والمنطقي والموضوعي الأخاذ في عرض الآراء التي كانت تتبناها في مسائل عائلية وفكرية مختلفة ما يترك عظيم الأثر لدى المتلقي ويساهم في إقناعه وإعادة توجيه بوصلته من جديد. وكانت لما تتمتع به من ذكاء وهدوء قادرة على إيصال الفكرة بكلمات قليلة مع تأثير عظيم.

وكانت بساطتها وروح الدعابة التي تميزت بها أحياناً تشكل عنصراً إضافياً في قبول الآخرين لها، ولعل أكثر ما اتفقنا عليه عند رحيلها هو عدم وجود إختلاف على عظمتها وإنسانيتها وتأثيرها من أي شخص كان، سواء كان من أهل بلدتها أو زميلاتها في العمل أو طلبتها أو من أهل بيتها. وشكل يوم رحيلها، رغم سواده، نقطة مضيئة في تاريخها المشرق فبكاها البشر والشجر والحجر.

لهذا ولغير هذا كانت غير كل النساء، كانت إمرأة بألف رجل، كانت مصباحاً وضاءاً أضحى شعاعاً ينير لي الطريق، فلا يكاد يخلو مؤلف من مؤلفاتي بالعربية والانجليزية، بكل تواضع، من إشارة إلى إسمها وتذكير بها وهي التي تستحق ذلك وأكثر، وذلك أقل القليل. وهي التي شكلت، ولا تزال، حافزاً لي للكتابة والعطاء.

لقد كانت وستبقى مثالاً يحتذى واجب الاقتداء به لكل من يعرف معنى الفداء والأنفة والإيثار وإنكار الذات، وهي التي بقيت على مبدأها في عصر المتغيرات الذي نعيش. ولعل الحكمة الإلهية المطلقة شاءت أن يتم إختيارها لتكون في عليين، فمثلها لا يحتاج البقاء في هذه الدنيا، حيث أصابت اللوثة كافة مناحي الحياة، وطغت الماديات على كافة تفاصيلها حتى أضحت مقيتة دون معنى إنساني أو فكري، مع بعض الاستثناءات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :