facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إيها الغرب .. أين ديمقراطيتك؟!


أ.د عمر الحضرمي
20-01-2019 06:32 PM

عندما ولدت الدولة القوميّة في أوروبا، إثر توقيع اتفاقية وستفاليا عام 1648 ،والغرب والمعجبون به من أهلنا، يُصدّعوننا بنشيد الديمقراطية، التي قالوا: «إنها حكم الشعب للشعب من أجل الشعب»، وبقولهم: «إن كل البشر، عداهم، هم غوغاء». حتى الذين قالوا: إن ذاك «المثل الديمقراطي» الذي
أصبح من مسلمات الفكر السياسي الإنساني منذ ثورتي 1789 و1848 الفرنسيتين، لا يمكن معارضته، وكانوا لا يقتربون منه إلا بعد أن يتطهروا بكل أنواع السِّقاء، وبعد أن يقدموا كل فروض الاحترام، مختبئين وراء كل أستار الولاء الزائف والكذب البواح. كل هؤلاء وجدوا أنفسهم يسبحون في متاهات من الفوضى والارتباك، بعد أن مُنيت معظم تجاربهم بالفشل، وذلك بعد أن جرّبوا كل أنواع العبث السياسي.

قد يكن صعوبة إدراك الفكرة الديمقراطيّة التي انحازت إلى الطابع الديني أو الصوفي للديمقراطيّة، الأمر الذي دفع بالمفكر Burdeau. E. CF إلى القول: «إن الديمقراطيّة هي فلسفة وطريقة في الحياة ودين، قبل أن تكون نظام حكم».

وراح الغرب ينظِّر لمفهوم الديمقراطيّة، وأخذ ينادي في الأرجاء، أن الحضارة والحداثة والتقدم والديمقراطيّة هي مكوّنات لا توجد إلا في النظام السياسي الأوروبي، وأن التخلف والتأخر والظلم والاستبدادية والقمع، قد ملأت الشوارع والأزقة في العالم الذي سمّاه العالم الثالث، أو رابطة الدول النامية أو ما دون النامية.

أيها السادة، أهل علم السياسة، وعلم الاجتماع السياسي، وفقهاء الفكر السياسي في الغرب، لقد عرفنا، نحن العرب، وهذا ما يهمنا أن نذكركم به، الديمقراطية بأبعادها الإنسانية، يوم أن تنزَّل الوحي على سيدنا محمد صلى االله عليه وسلم، داعياً إياه أن ينصح الأمة، وأن لا يظلم الناس، وأن يساوي بين الخلق، وأن يُغيث المظلوم وينصفه، وأن يحمل الكلّ، وأن يراعي حقوق البشر، كل البشر، كانوا مسلمين أم غير ذلك. وقد بدانا، أيها السادة، رحلة البناء الديمقراطي الحق عندما أمر سيد البشر، عليه الصلاة والسلام، ولاته في الأمصار أن يتقوا االله في الخَلْق، وأن يعدلوا، وأن لا يتركوا مظلمة إلا ويفحصونها ويتفحصونها.

وقال عليه السلام من االله: إن االله قد خلق البشر على سويّة واحدة، ولذلك كان لا يقطع أمراً من أمور الدنيا إلا بالشورى، وإن الظلم ظلمات، وأن الجميع سواسية كإسنان المشط، ثم ارتقى خليفة رسول االله، أبو بكر رضي االله عنه، المنبر بعد أن بويع بالخلافة وقال: «يا أيها الناس، قد وُلّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق، فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني. أطيعوني ما أطعت االله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم. ألا أن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له. واضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه».

وتلاه سيدنا عمر، رضي االله عنه، واعتلى ذات المنبر ليحدد منهجه، فاعترض أحد الصحابة السابقين فتصدى له صحابي آخر ليسكته، إلاّ أن سيدنا أمير المؤمنين، نهر الصحابي الثاني رادّاً عليه بأنه «لا خير فيكم إنْ لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها».

سطران شكّلا أسس الديمقراطيّة، ومعنى الولاية العامّة، وقيم العدالة، أخذنا بهما قبل أن تلد حضارتكم القائمة على الزيف. وهنا تثور حزمة من الأسئلة أسمحوا لي، أيها الساسة والمفكرون في الغرب سواء الغرب الأوروبي أم الغرب الأمريكي، أن أطرحها عليكم. لعل أوّلها: أين وقعت الحروب الطاحنة منذ قرون وحتى يوم بعد غد؟ أين دفنت الجثث والأشجار والصروح، أليس تحت ثراكم وتحت ترابكم؟. ومن الذي بدأ باستعباد الناس واستعمارهم وأكْلِ أموالهم وحرق أجسادهم ونهب ثرواتهم، نحن (في العالم الثالث) أم أنتم يا أصحاب الحضارة والإنسانيّة الديمقراطية؟. ومن الذي صفّى العرق الهندي الأحمر وطارده حتى أصبح مذموماً ملعوناً في وطنه؟ من الذي جمّع شذاذ الآفاق واقطعهم ما حول الأقصى، ومن الذي اعطاهم الوعد ومنحهم القدرة على طرد سكان فلسطين؟ من الذي دمّر لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر وتونس والجزائر والمغرب والصومال واليمين، نحن (أهل العالم الثالث) أم أنتم أيها السّادة؟.

واليوم أُلوّن سؤالي باللون الأصفر، واسألكم عّماذا يجري في فرنسا وبلجيكا وهولندا وايطاليا واليونان وبريطانيا؟ هل فعلاً أنتم تلتزمون الديمقراطيّة، وتحلفون إلا تخونوها؟ إیھا الغرب.. أین دیمقراطیتك؟!

هل الذي يجري في الولايات المتحدة من اضطهاد للسود والزنوج الذين بنوا صرح الدولة فيها، هو أمر عادي وديمقراطي؟ هل دعم أمريكا لإسرائيل ولساستها ولقُطّاع الطرق فيها هو من العدالة أو من الديمقراطية بشيء؟ ماذا تفعلون بالناس الذين خرجوا الى الشوارع يطالبون بحقوقهم؟ ألم تقتلوهم أو تعتقلونهم أو تكتمون أنفاسهم، في الوقت الذي تدّعون به أنكم ديمقراطيون؟

نحن، يا سادة الغرب، أطهر مما تظنون، وأوعى مما تعتقدون، وإن كنا اليوم نمرّ في فترة من الزمن الرّديء، إلا أننا نُشْهِد التاريخ بإننا كنا أفضل من كثير من مبادئكم وقيمكم، وسنعود، بإذن االله، إلى ذلك.. في وقت أقصر مما تظنون.

ohhadrami@hotmail.com

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :