facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية


أ.د نفيس مدانات
30-01-2019 11:23 AM

بعد(59) عاماً من دخول الدستور الصادر عام 1952 وإنشاء محكمة دستورية, فإن التأمل في الوظيفة التي يمارسها الدستور في النظام القانوني على ما يبدو قد تجددت من خلال وجود رقابة دستورية حقيقية، كان قد بدأها المجلس العالي لتفسير الدستور في أعوام الستينات ¹، ثم نجد محكمة العدل العليا قد قامت متبعة توجيهات القاضي مارشال الأمريكي عام (1803) عندما طلب من القضاة الأمريكان عدم تطبيق أي قانون يخالف الدستور الأمريكي ²، ثم طالعنا أحد قضاة صلح الجزاء المستنيرين باجتهاد ينحني له الرأس إذ كانت المادة 389 عقوبات غير دستورية لمخالفتها المادة (7) من الدستور, وما هو رائع في هذا الإجتهاد أنه لم يكن هناك دفعاً بعدم الدستورية من الأشخاص الذين يحاكمون أمام هذا القاضي, الذي اعتبر مسألة عدم الدستورية من النظام العام يحق له ن يثيرها من تلقاء نفسه, ثم تكرر هذا الإجتهاد أمام المحكمة البدائية الجزائية، معتبرة أن المدة (41) من قانون المطبوعات والنشر رقم (8 لسنة 1998) التي تفترض المسؤولية الجزائية لدى رئيس تحرير صحيفة أردنية معتبرة إياه فاعلاً أصلياً في جرائم المطبوعات غير دستورية لمخالفتها المادة (103) من الدستور³, وأخيراً كانت محكمة الإستئناف مساهمة في هذا الإجتهاد في قرارها رقم (3861 /2009 تاريخ 18/03/2009) فقد قررت بأن الفقرة (د) من المادة (42) من قانون المطبوعات والنشر مخالفة للدستور الأردني.
إن العقيدة القائلة بأن القانون هو التعبير عن الإرادة العامة قد تركت مكانها لمفهوم دولة الحق القائم على تفوق الدستور. إن هذا التطور مرجعه ثبات المؤسسات الدستورية الأردنية وطول عمر الدستور ودوامه الذي يبرره أن الدستور يبدو كأنه قاعدة المرجع القانوني والمؤسساتية الدائمة.
أيضاً إن إنشاء محكمة دستورية قد قوي, إن لم يكن قد أقام تفوق الدستور, بأن جعل منه قاعدة إحترامها مفروضاً على السلطات العامة.
إن هذه الحاجة الى الأمن الحقوقي قد تزايدت بالتفوق الفعال للدستور, الذي قد أدى وسهل القبول التدريجي لرقابة الدستورية التي هي ضمانة لنوع من الثبات في المؤسسات.
إن تقسيم الصلاحية بين النظام المستقل والقانون الذي نظمته المواد (45 فقرة 2, والمادة 114, والمادة 120) من الدستور لم يؤثر في مكانة القانون في الآمرية القانونية- (Ordonnancement Juridique) فهو لا زال المتفوق، إنما الذي أثر في مكانة القانون هو الإعتراف بتفوق الدستور.
وكما سبق القول، إن إحترام الدستور يبدو لنا أولاً بضرورة تغليب عدداً من المبادىء الأساسية، وكذلك الضمانات الأساسية المسجلة فيه.


1- أنظر الجريدة الرسمية, العدد (1853) الصادر بتاريخ 26/06/1965

2- أنظر العدد 6, سنة 15, ص 749 من مجلة نقابة المحامين الأردنيين

3- قرار محكمة بداية جزاء عمان رقم 876/ 2002 تاريخ 30/10/2002


إن إنشاء محكمة دستورية وتطور إجتهادها ليس له فقط كأثر تثبيت هرم القواعد القانونية وإنما أيضاً كنتيجة أن حدد بوضوح الصلاحيات التشريعية للسلطات التي تساهم في إنشاء القواعد القانونية.
كما أن إنشاء رقابة الدستورية قد سمح بتوضيح مدى الحدود في إنشاء القواعد القانونية من قبل السلطات العامة بناء على الدستور.
فالمحكمة الدستورية هي الجهاز المنظم لفعالية السلطات العامة ¹ وتبدو اليوم بأنها المنظم لصلاحيات السلطات العامة، بمعنى أنها وظيفة وقائية دستورية تسمح (بضمان إحترام إعطاء الصلاحيات الذي وضعته السلطة التأسيسية²)
إن هذه الرقابة على صلاحية وضع القواعد القانونية تنعكس على الطبيعة نفسها لرقابة الدستورية, كما أن عقوبة عدم الدستورية هي إذن وأولاً عقوبة عدم الصلاحية الوظيفية, وبما أنه يتم فحصها تحت هذه الزاوية، فإن الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستورية تعني بأن القاعدة القانونية التي تم وضعها هي غير دستورية، لأن السلطة الي قد أصدرتها قد ذهبت الى أبعد من الصلاحية التي منحها لها الدستور.
إن الدفاع عن الدستور يبدو إذن تارة من خلال تحديد مضمون هذه القاعدة الأساسية وكذلك من خلال تحديد صلاحيات السلطات العامة.
وهكذا، فإن المحكمة الدستورية الأردنية، بتطوير وتلاحم إجتهادها، تساهم في تحقيق غايات جهاز رقابة الدستورية، كما عرفها الفقيه جان ريفيرو وعندما كتب عن المجلس الدستوري: إنه ( يضمن ضبط السلطات العامة، وحماية الحريات، وبعض التناسق في مجموع النظام القانوني حول قيم قد كرسها وضمنها الدستور³).
إن التغيرات في هذا المنظور يتوجب دراستها بشكل واسع فيما يخص آثار الإجتهاد الدستوري على مضمون مختلف فروع القانون، مما يقع على عاتق أساتذة الجامعات كل في إختصاصه في فروع القانون. لكن قبل ذلك يتوجب بيان أن هناك بعض الغموض حول ميكانيكات الإجراءات التي تسمح بضمان تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية. وعلى وجه الضبط، علاقات السلطة بين المحكمة الدستورية، والبرلمان والحكومة والقضاء بأنواعه، حيث أنها معرفة مع شيء من الدقة بالدستور حيث ينص في الفقرة الأولى من المادة (59) منه على ما يلي:(-----، وتكون أحكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة، كما تكون أحكامها نافذة بأثر مباشر-----).


1- L. Favoreu ; le conseil constitutionnel, régulateur de l’activité nosmative des pouvoirs publics, R.D.P, 1967, p.5 et sui.
2- G. Vedal, Avant- propos à la réédition de la thèse de Charles Eisenmann, la Justice constitutionnelles d’Autriche, Economica et P.U.A.M,1986, P Ⅶ.
3- J.Rivero, A.I.J.C, 1985, Le domaine de la loi et du règlement, 2ème, éd. Economica et P.U.A.M, 1981, P. 263

إذ أن الدستور هذا لا يفصل كيف (تفرض) هذه القرارات، وما هي طبيعة هذه السلطة التي لها، كما لا ينص على إجراء يسمح بضمان إحترام قرارات المحكمة الدستورية من قبل هذه السلطات، وعلى وجه الخصوص ميكانيكية العقوبة في حالة عدم إحترام قرارات المحكمة الدستورية هذه، وقد وصفها الفقيه (رينيه شابي R. Chapus) بقوله: ( إحترام متوجب, لكن ليس معاقباً عليه: (¹Respect du- mais non sanctioné)
إن سلطة قرارات المحكمة الدستورية ليست معرفة شكلياً أو صراحة. إن مسألة الطبيعة هي بالتأكيد هامة لكن يبدو لنا أنها تقع جزئياً على هامش دراسة الميكانيكيات التي تحدد تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية.
في الحقيقة، إن الفقرة الأولى من المادة (59) من الدستور، كما جرى تحريرها، تفرض مبدأ السلطة لقرارات المحكمة. ومسألة طبيعة هذه السلطة هي سؤال آخر وإن الجواب عليه لا يمارس إلا تأثيراً ثانوياً على ميكانيكيات الإجراءات التي تضمن تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية. ومع ذلك يكفي أن نقول بأن الفقرة الأولى من المادة (59) من الدستور تفرض مبدأ سلطة قرارات المحكمة الدستورية، وإن هذا بالإمكان أن يكون أساساً كافياً لدراسة عملية تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية. وبحق عند فحص هذه العملية يصبح بالإمكان إستخراج بشكل واضح طبيعة هذه السلطة.
إن تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية من قبل المحافل التي تساهم أيضاً، بصفة أخرى، بتعريف الدستورية، كالحكومة أو القضاء, يظهر بأن مسألة الوسائل التي تضمن فعالية قرارات المحكمة الدستورية هي أهم من مسألة طبيعة سلطتها.
فالغرض إذن من هذه الدراسة هو متابعة مختلف عمليات تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية.
وبهذا الخصوص، فإن رقابة الدستورية لها أسلوبين:
الأول: في فرنسا، وهي منظمة بأسلوب الرقابة المسبقة (Controle a priori), وهي ذات صفة مانعة (Preventif) وهي قبل كل إصدار، وتضمن نتائج خاصة فيما يتعلق بتنفيذ قرارات المجلس الدستوري الفرنسي.
الثاني: في المانبا الإتحادية وإيطاليا والأردن، وهي الرقابة اللاحقة (Controle a posteriori) وهي التي تحصل بعد دخول القانون في العمل.
وبالمقارنة بين هذين الأسلوبين نقول بأن الأسلوب الفرنسي يبدو قبل كل شيء بأنه بسيط, لأن القانون غير الدستوري لم يدخل في العمل بعد، وبالتالي لا ينتج عنه آثار منحرفة. كذلك، نلاحظ بأن المادة (60) في فقرتها الأولى لم تحافظ على حرية الأقلية لا في مجلس النواب ولا في مجلس الأعيان، فلم تعطهم الحق بمراجعة المحكمة الدستورية في مواجهة القانون الذي قد صوتت عليه الأغلبية مما يجعل الحياة السياسية في الأردن غير سلمية في المستقبل.

1- R. Chapus; Notice bibliographique consacrée aux actes du colloque des 21 et 22 Janvier 1988, Conseil constitutionnel et Conseil d’Etat L- G-D-J. in R.F.D.A., 1988, P713.

إن موضوع تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية يفرض علينا التمييز بين مصطلحي (التنفيذ Exécution, والأثر Effect):
فتعريف التنفيذ: هو أنه مجموع ميكانيكيات الإجراءات التي تضمن تطبيق قرار قضائي أو غير قضائي, من قبل الموجه لهم, بناء على السلطة لهذا القرار, من أجل ضمان فعالية هذا القرار.
أما الأثر: فيعرف بأنه تأثير القرار, القضائي أو غير القضائي على أساس من القانون أو الحالة القانونية, ومضمون قرارات السلطات العامة الأخرى¹.

الأستاذ الدكتور نفيس صالح المدانات
D.E.A, Droit Public





  • 1 محمود احمد 02-02-2019 | 11:21 PM

    مقال رائع


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :