facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماهر ابو طير والظهور الاجتماعي للسفراء


السفير الدكتور موفق العجلوني
07-12-2025 07:46 AM

في عالمٍ تتشابك فيه السياسة بالإنسان، وتلتقي فيه الاعتبارات البروتوكولية مع تفاصيل الحياة اليومية للناس، باتت تحركات السفراء، مهما بدت بسيطة أو عفوية، محطّ مراقبة وتفسير. ولعلّ واحدة من أكثر تلك التحركات حساسية هي مشاركة السفير في مناسبة اجتماعية تتصل بالعزاء؛ إذ تتقاطع فيها المشاعر الإنسانية مع الإشارات الدبلوماسية، وتتداخل فيها النوايا الحقيقية مع القراءات السياسية المحتملة.

لقد تغيّر المشهد الدبلوماسي كليّاً خلال العقود الأخيرة. لم تعد السفارات أسواراً صامتة خلف زجاج مظلل، ولا بقيت صورة السفير محصورة في القاعات الرسمية ومحاضر الاجتماعات المغلقة. العالم انفتح، والمعلومة أصبحت أسرع من كل الحواجز، والتواصل بات مباشراً بين الشعوب قبل الحكومات. ومع هذا التحوّل، أصبحت الدبلوماسية الاجتماعية جزءاً لا ينفصل عن أدوات السياسة الخارجية الحديثة، وأصبح الظهور بين الناس - في الأفراح كما في الأتراح - رسالة بحد ذاتها. غير أن هذه الرسالة ليست واحدة ولا ثابتة؛ فهي تتشكّل بحسب الأسلوب والتوقيت والنية.

استوقفني مقال للإعلامي العريق والصديق الصدوق الاستاذ ماهر ابو طير في مقال منشور في عمون الغراء نقلاً عن صحيفة الغد الغراء بعنوان: " ضجيج حول جولات السفير. " وبالتالي شعرت ان هذا المقال يقصدني شخصياً، وخاصة انني أحب العلاقات الاجتماعية ولي العديد من الاصدقاء في كافة البلدان التي خدمت بها من استراليا شرقا وتشيلي واميركا غرباً الى فرنسا وايطاليا شمالا والى وسط اسيا اوزبكستان وأرمينيا وقرغيزستان واذربيجان وبلدان اخرى، وقد زرتهم في مناسبات الفرح ومناسبات الترح وفي تعزيز هذه العلاقات سواء على المستوى الاجتماعي او على المستوى الدبلوماسي وما يتمخض عن هذه العلاقات. و اعتقد ان الاخ ماهر عينه على سفراء اخرين ايضاً ربما وصلوا لتو الى الاردن و باشروا انطلاقتهم الدبلوماسية بعلاقات تكاد اقول عنها دبلوماسية اجتماعيةً .

"الضجيجً " فيه نوع من الانزعاج ، و يبدو ان هنالك انزعاج البعض من تحركات نفر منً السفراء و ليس جلهمً. ويلاحظ هنا من خلال الابحار في حديث ماهر هنالك تغيّر في مفهوم الدبلوماسية ودور السفراء في الظهور الاجتماعي، خصوصاً في المناسبات الإنسانية مثل مجالس العزاء.

السؤال ماذا يهدف السفراء من حضور العزاء على سبيل المثال ، و قد التقيت شخصيا منذ اسابيع بسعادة السفير الياباني Asari Hideki حضر لتقديم واجب العزاء بوفاة والد المرحوم سعادة السفير سفيان القضاة سفيرنا في دمشق. والتقيت ايضاً بسعادة السفير البريطاني Philip Hall حضر لتقديم واجب العزاء لسعادة الزميل منار الدباس سفيرنا في لندن، بوفاة والدته. و لم يلحظ احداً بوجودهم سوى نفر من الزملاء السفراء في وزارة الخارجية الذين حضروا لتقديم واجب العزاء .

السؤال المطروح هنا :

عندما يحضر السفير لتقديم العزاء… او التهنئة او المباركة بمناسبة فرح … اي سفير كان، هل جاء فعلاً ليعزّي؟ أم ليبعث برسالة سياسية؟

الدبلوماسية الحديثة أصبحت أكثر قرباً من الناس، لكن هذا القرب يحمل معنى إيجابياً إن كان إنسانياً، وقد يتحول إلى أداة سياسية إن كان استعراضياً أو محسوباً.

اجزمً ان الزميل ماهر يحاول ارسال عدة رسائل أبرزها:

الدبلوماسية تغيّرت، لم تعد السفارات أماكن غامضة أو مخيفة، ولم يعد السفير شخصية معزولة وراء البروتوكولات. أصبح السفير جزءاً من المجتمع، يتواصل مباشرة ويفهم الناس.

بالمقابل حضور السفير في المناسبات الاجتماعية ليس بريئاً دائماً، قد يكون: إنسانياً صادقاً إذا جاء بهدوء دون ضوضاء إعلامية. وسياسياً مقصوداً إذا كان حضوره في توقيت حساس أو برفقة الإعلام.

التمييز بين المجاملة الإنسانية والاستغلال السياسي ضروري. الحضور الإنساني يفتح القلوب أما الحضور الذي يوظّف المناسبة لإرسال رسائل سياسية فهو مرفوض ومثير للريبة. المسؤولية على السفير أن يعرف كيف ومتى يدخل إلى المجتمع… فالخطأ في التوقيت أو الأسلوب يحوّل حضورَه إلى عبء.

كعادته الزميل ماهر يسعفنا دائما بلغة دبلوماسيةً، لغةً سلسة وصور بلاغية جميلة، استخدم صوراً وتأملات تجعل الفكرة أقرب للقارئ. طرح موضوع حساس بنبرة متوازنة. لم يهاجم السفراء، ولم يبرر لهم؛ بل قدّم رؤية نقدية معتدلة. أشار إلى جانب مهم في العلاقات الدولية غالباً ما يُهمل: الدبلوماسية الاجتماعية والإنسانية وتوجيه رسالة أخلاقية، واحترام المناسبة أهم من أي رسالة سياسية.

هنا يشعر القارئ أن الكاتب "يلمح" إلى حدث أو شخصية معيّنة دون تسميتها، مما يجعل الرسالة غير مباشرة. بنفس الوقت رب ما يرمي إليه في العمق يمكن تلخيص مقصده في ثلاث نقاط أساسية:

⁠ ⁠دعوة إلى دبلوماسية إنسانية حقيقية.

السفير الذي يأتي ليشارك الناس ألمهم أو أفراحهم بصمت واحترام، يُقدّم صورة مشرقة لدولته ويعزز الثقة.

⁠تحذير من تسيس المشاعر الإنسانية و استخدام المناسبات الاجتماعية –خصوصاً العزاء– لإرسال رسائل سياسية يعتبر إساءة للمروءة والدبلوماسية معاً.


⁠توضيح أن الناس يشعرون بالنوايا ، الناس اليوم أكثر وعياً ، يستطيعون التمييز بين من جاء بعفوية ومن جاء ليظهر أو يوجّه رسائل.

واخيرا وليس اخراً، اعتقد ان ما يرمي اليه حديث الزميل ماهر هو قراءة في حدود الدبلوماسية الإنسانية…انً وجود السفير بين الناس شيء جميل… عندما يكون إنساناً. لكنّه يصبح مزعجاً وخطيراً… عندما يتحول إلى رسالة سياسية مقنّعة. إنها دعوة لأن تبقى الدبلوماسية إنسانية حين تتعلق الأمور بالوجدان وأن تبقى السياسة خارج الأماكن التي تُقدَّر فيها المشاعر أكثر من الخطابات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :