لا أريد أن أتحدث هنا عن المغتربين ودورهم كسفراء غير معينين للأردن وعن دورهم الأقتصادي وتحويلاتهم للوطن. فالمغتربون لا يمنون على وطنهم بهذا, فهذا جزء بسيط من دين الوطن في رقاب المغتربين, هذا أولا وثانيا لأن هذا الموضوع خطابي والفقير الى الله تعالى لا يتقن فن الخطابه.

بادئ ذي بدئ اسجل اعتراضي على موضوع التسمية, فكلمة مغترب لا يجوز أن تطلق على الأردني وهو بين أهله وعزوته وعشيرته. لكن الصحيح أنني لا يحضرني اي اسم بديل لهذه وأدع الأمر لأصحاب الإختصاص. واذكر كما يذكر معي ربما من كان بعمري أن هناك أعتراض كهذا من صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال على هذه التسميية عندما كان يفتتح مؤتمرات المغتربين بالثمانينات وقال على ما أذكر انه دهش من اللافتات الترحيبية بالمغتربين والتي كان من ضمنها"مرحبا بالمغتربين في وطنهم". فقال سموه انذاك كيف يكون المواطن مغتربا في وطنه, واقترح أن يكون الإسم مؤتمر "الأردنيين العاملين في الخارج" بدلا من المغتربين. للأسف لم أعد اسمع بهذا الأسم الجديد اذ اختفى بعد انتهاء اعمال المؤتمر, لهذا وجب البحث عن اسم جديد لهم. وهناك سبب منطفي آخر برأيي لهذا التغيير ووهو اننا بالإغتراب يطلقون علينا لقب الأجنبي وفي بلدآن أخرى يسموننا الوافدين وفي بلدنا عندما نعود يسموننا المغتربين. هناك مسمى غير موجود بين هذه الألقاب وهو "مواطن", فمتى يا ترى سنحظى بهذا اللقب؟ هل يجب علينا أن نحضر للوطن مستقيلين او "مفنشين"* لننعم بلقب المواطنة. سؤال برسم الإجابه ممن يهمه الأمر.

أما لماذا العوض بسلامة المغتربين فهو ببساطه لأن معظمهم عاد الى بلاد الإغتراب مكسور الخاطر بعد اعلان نتائج القبول الموحد, لأنني واثق ان من كان له ابن أو ابنة وخاصة من حقق معدلا مرتفعا لم يحصل على التخصص الذي أراد. فهو إما انه قبل في تخصص كان قد وضعه في آخر ترتيب لطلب القبول الموحد ليكمل الثلاثين أو انه لم يقبل وتم تصنيفه على قائمة سوء الإختيار. والسبب اننا لا ندري نحن المغتربين ماذا يحصل لمعدلات ابنائنا, اذ تطير بركة هذا المعدل المرتفع بمجرد تعبئة طلب القبول الموحد. وعندما نرفع حواجبنا دهشة أو احتجاجا يقال لنا مقولة كل عام وهي" يا أخي بجونا من السعودية ستون واحدا جايبين مائة". الى متى يا سادة يجب أن نظل نحن وابناؤنا وكل المغترين في سلة واحدة؟ ومتى سيتم الأخذ بالنظام التعليمي لكل بلد على حده؟ هل اطلع المختصون على مناهج هذه الدولة او تلك ليعرفوا الفرق بين التعليم في كل بلد؟ وما هو دور المستشارين الثقافيين بالسفارات, هل يسشاروون بخصوص انظمة التعليم هنا حتى يتم التميز بين من حصل على 94,5 بعد حذف الرياضة والفن طبعا ونفس المعدل بالسعودية؟ للعلم هذا معدل ابنتي السنة الماضية وكانت من جماعة سوء الإختيار. لقد كانت أياما مريرة يشعر بها من عاشها. نحن لسنا ضد ال 5 % من المقاعد المخصصة للمغتربين ولكننا ضد أن يوضع جميع المغتربين في مركب واحد, فيختلط فيها الحابل بالنابل كما يقولون.

العوض بسلامة المغتربين مرة أخرى عندما يفتش عن قبول ابنه في المقاعد الشاغرة بالجامعات لمن أساء الإختيار فلا يجد اسمه. وعندما يسأل لماذا يقال له "هاي المقاعد مش ليكوا" يعني ان شهادات ابناء المغتربين ليست مشموله بمكرمة القبول الموحد بالمقاعد الشاغرة. لماذا هذا التفريق بين أبناء الوطن الواحد, فالمغترب أردني أيضا. هناك نقطه في هذا الموضوع وهي ان المغترب دفع خمسة عشر دينارا رسم طلب القبول الموحد كالأردني تماما ولذلك فهو مشمول قانونيا بأي أجراء لأصحاب الطلبات وهو صاحب حق كونه دفع رسم الطلب. أما اذا أراد قسم القبول الموحد استثناء المغتربين من هذه المكرمة فيجب عليه أن يصدر طلبات مستقلة لأصحاب المقاعد الشاغرة بمقابل أو مجاني يستثنى منه المغتربون حتى تكون الصورة قانونية.

العوض بسلامة المغترب مرة ثالثة عندما يريد أن يقدم لأبنه أو أبنته لمنح وزارة التعليم العالي الخارجية. ينص نطام التقدم للمنح أن يتقدم كل طالب أردني بمديرية التعليم الخاصة بمنطقته الا ابناء المغتربين والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. لقد تفضلت وزارة التعليم العالي بدمج كل المغتربين في مديرية لحالها في عمان العاصمة, ويتوجب على من يريد التقدم أن يحضر الى عمان سواء كان من أربد أو العقبة لا يهم , المهم انه مغترب. اما عن المعاناه للعثور على المدرسة التي نقدم بها الطلب فحدث عنه ولا حرج.

العوض بسلامة المغتربين مرة رابعة لأنه لم يبقى أمامهم الا الموازي, والموازي لمن لا يعرفه __ وأشك انه هناك أردني لا يعرف الموازي __ هو الدراسة بأضعاف الرسوم , وهذه الرسوم تخضع للعرض والطلب , اذا ترتفع الرسوم كلما زاد الطلب على المادة. والمغترب هو الشخص الوحيد الذي لا يحظى بأي تعاطف عندما يقبل أبنه على البرنامج الموزاي, اذا يقال له على الفور : يا عمي شو بهمكوا ؟ مصاريكوا كثيرة. قبل أن يطلع الصباح وتسكت شهرزاد عن الكلام المباح أقول ما ترونه من الغتربيين بالصيف هو مصاري الثلاث شهور تهطى مقدما بما يسمى التصفية, أما باقي العام فالحمد لله على نعمة الستر.

لم أجد أفضل من بيت الشعر التالي للمتنبي أختم به مقالي هذا:

وفي النفس حاجات وفيك فطانة سكوتي بيان عندها وخطاب

* مفنشيين يعني بلغة العمل والعمال بمواطن الإغتراب انهاء العقد من قبل الطرف الأول وهو صاحب العمل, ليرحل العامل الى وطنه

alkhatatbeh@hotmail.com