facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مرآة ترى ما نريد


رمزي الغزوي
23-09-2009 08:03 AM

لأن الشعراء يهيمون في العادة خارج عوالمهم ، ولأنهم يحيون دائماً في تربة كواكبهم الخاصة النائية ، ولأن دماء عروقهم غير دماء أهل الأرض ، فقد طردهم الفيلسوف أفلاطون ، عندما صمم وخطط مدينته الفاضلة ، بحجة أن الشعر لا يمت لطينة الأرض بصلة ، ولهذا فهو لا يقدر أن يخصّب حياةً عليها،،.

لكن مهلاً ، ليس الشعراء وحدهم من يعيشون خارج هذا العالم ، ويحيون في ذواتهم ، فأفلاطون نفسه عندما يطرح مشروع المدينة الفاضلة ، كان هو الآخر يسبح ويعوم في عالم غير عالم الواقع ، أي في عالمه الخاص المتخيل هو ، وبالأحرى كلّّ منا يعيش خارج مجال جذب هذا العالم ، كلّّ منا يحيا في عالمه الخاص الذاتي ، يرى ما يريد: إننا كلّّ يحمل عالمه في رأسه،،،.

تروي قصة صينية قديمة ، أن رجلاً كان يحب أباه العجوز كثيراً ، لكن زوجته رفضت السماح له بالعيش معهما ، ولأن الزوج مغلوب على أمره ، فقد اضطر أن يُسكن أباه في كوخ بعيد عنه،،.

الرجل المقموع المضبوع يفكر كثيراً بأبيه المسكين ، ويتخيله دائماً أمامه ، وذات مرة نزل إلى المدينة ، ووقف أمام بائع لديه أشياء غريبة ، ولفته شيء زجاجي ، فهو عندما حمله بيده ، رأى فيه صورة أبيه،،.

سأل الرجل عن هذا الشيء ، فقال له التاجر: هذه مرآة. فقرر أن يشتريها بكل ما يملك.

عندما عاد الرجل إلى بيته خاف على والده ، فخبأ المرآة في صندوق ، بعيداً عن سطوة الزوجة ، وصار يتسلل إليها بين الحين والآخر ، من أجل أن يحظى بمشاهدة أبيه،،.

الزوجة الحذرة الغيور الغضوب ، شكت بالأمر ، فراقبت زوجها ، الذي ازدادت خلواته في السرداب ، حتى ضبطته متلبساً باكياً ينظر في المرآة ، ولما سألته عن هذا الشيء الذي يحوز على اهتمامه ، قال: إنه أبي. لكن المرأة التي أخذت منه المرآة فشاهدت بها امرأة أخرى: فصرخت بوجه زوجها الخائف: الآن عرفت ، إنك تخونني مع هذه المرأة التي في المرآة ، في كل مرة تخلو بها مع نفسك،،.

تشاجرا ، وقررا أن يحكّما أول من يظهر لهما ، وقد كانت لأجل الصدفة ، الراهبة الوقورة تمرُّ من باب البيت ، وقد رابها الصراخ ، فشرحا لها الأمر ، نظرت الراهبة في المرآة ، وقالت إنني لا أجد أباك هنا ، ولا أجد امرأة أبداً ، إنني أرى راهبة فقط،،.

لم يقنع الزوجان بحكم الراهبة ، وقررا أن يحكّما جارهما السمين ، رغم أنه دائماً مشغول ببطنه،،.

نظر الرجل في المرآة بشهية ، بعدما فهم المشكلة ، ثم تلمظ بشفتيه ، وسال لعابه ، قال: إنني لا أرى هنا عجوزاً ، أو امرأة ، أو راهبة ، إنني أرى خاروفاً مشوياً،،.

أيها الأصدقاء ، نحن أبداً لا نحيا في هذا العالم ، بل كلّّ منا يحيا في عالمه ، ورغم أننا ننظر في ذات المرآة ، لكن كلّّ منا يرى ما يريد،.

ramzi279@hotmaiml.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :