facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الخصومة بشرف


السفير الدكتور موفق العجلوني
30-05-2019 12:56 AM

شرف الخصومة من ثوابت القيم العربية في الجاهلية والإسلام، رفض أبو جهل ان يُكسر الباب في محاولة قتل الرسول عليه الصلاة والسلام وقال قولته المشهورة : "لا تتحدث العرب ان ابا الحكم عمرو بن هشام رَوع نساء محمد “.

ما دعاني للكتابة حول هذا الامر، ذلك الحديث الطيب المجبول بخلق عال وادب جم وايمان عميق وثقافة رفيعة واجلال واكبار لمعالي وزير الاوقاف الدكتور عبد الناصر ابو البصل وهو يتحدث عن الخصومة بشرف، الامر الذي دعاني للعودة الى مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية لعلي أجد بعض الدراسات والمراجع حول مفهوم الخصومة بشرف او شرف الخصومة. حيث وجدت ان تاريخنا العربي وخاصة مع بداية الدعوة الاسلامية مليء بمواقف الشرف وخاصة في حالات النزاع والصراع والحروب ووجدت ان الفرسان في تاريخ العرب أكثر الناس في معرفة شرف الخصومة.

فللخصومة مواثيق شرف لا يعرفها الا الفرسان ولعل (شعرة معاوية) أصبحت نبراساً للأحكام السياسية التي تضع للخصومة نهاية وهي تحاول العثور على خيوط غير محرجة لتهيئ لنقاط التوافق. وهنا استذكر مقولة للكاتب والشاعر الفرنسي فولتير: " أني مستعد ان أموت من أجل ان أدعك تتكلم بحرية مع مخالفتي الكاملة لما تقول “.

فى الفروسيه وأخلاقها التى هى أصولها وشرفها لا يجوز الطعن من الخلف فمن طعن من الخلف فهو ليس بفارس وليس لديه أخلاق الفروسيه ومن أخلاقها أيضاً عدم استعمال شيء من الأدوات خلاف المسموح به كالحجــاره والعصى والألفاظ النابيه مثلاً. ومن أخلاق الفروسيه أن الفارس إذا سقط على الأرض أصبح فى ذمة أخيه وإذا سقط منه سيفه أصبح أيضاً فى ذمة أخيه فلا يقربه ولا يؤذيه ولا يهينه.


ربما صار المجتمع الدولي لاسيما العالم العربي والاسلامي فى أمس الحاجة إلى الاتفاق على ميثاق شرف يحكم الفكرة ويُعضدها "Code of Ethics “كما جاء في كلمة سمو الامير الحسن بن طلال حفظه الله بمناسبة مرور ٢٥ عام على تأسيس منتدى الفكر العربي حيث دعا سموه "الى ضرورة صوغ ميثاق شرف او مدونة حضارة كبرى، تنظم عاقات الامة فيما بينها، وكذلك مع الاخر، وتحث على العمل المشترك فوق القُطري حتى لو كان هناك اختلافات سياسية وعقائدية “.

فكما أن للتعايش بحب وإخاء مواثيق شرف فإن للخصومة أيضاً مواثيق شرف لا يعرفها وينتهجها إلا الشرفاء من الناس، وإن جهل عليهم الخصوم فهم لا يتخلوا عنها أبدا، ولأن المبادئ لا تتجزأ، لذلك لا بد من التحاور بكل السبل نحو الوصول إلى أهدافنا المنشودة دون تنافر أو تناحر حتى وإن وصل الأمر إلى افتراق بسبب وجهات النظر فليبقى المبدأ الأساسى الذي يحكم الجميع هو (شرف الخُصومة).

إنه شرف الخصومة الذى يحتاج إلى فهمه الجميع وخاصة القوى والاتجاهات والتيارات و الاحزاب و الجماعات فهماً عملياً ينتقل من القراءة النظرية إلى التطبيق العملى، فإننا إذا كنا نتنافس على التسارع فى البناء والمبادرات المتعددة للمشاركة فى بناء الوجدان ، فلابد أن تظل المنافسة شريفة ولا تنتقل إلى حرب ويحكمنا منهج القرآن والسنة حتى ولو كان مع غير المسلمين ولنعلم أنه إذا صار الشيطان هو القائد الأول لأطراف النزاع ينتهى شرف الخصومة : (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ، يؤتى الحكمة من يشاء ومن يُؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيرا) . صدق الله العظيم. صورة البقرة اية ٢٦٨.

" يا ريتنا “نتعلم متى نتحدث ومتى نصمت، فأحياناً يكون الصمت أبلغ من الكلام وأحياناً أخرى يكون للصمت ضجيج يطحن عظام الصمت، وعلى أية حال فسواء كنا صامتين أو متُحدثين علينا أن نتحلى بأخلاق الإسلام وإن خاصمنا " الاخر " فعلينا أن نحتكم لشرف الخصومة حتى لا نكون من المنافقين الذين ذكر النبى صلى الله عليه وسلم من صفاتهم: "وإذا خاصم فجر ".

فى الحقيقة ثقافة صنعها الدين، إذا خاصمت فخاصم بشرف، هذا المعنى الثقافى للحديث النبوى الشريف الذي جعل من صفات المنافق أنه إذا خاصم فجر، ومن ثم فإن المؤمن إذا خاصم، يكون خصامه بشرف ونبل.

بكل اسف فقدت كثير من المجتمعات الخصومة الشريفة، وفقدت معنى الشرف والمروءة، تم ذلك باسم الدين، والدفاع عنه، والوطنية، والديمقراطية، والحرية، والكرامة، وكل القيم النبيلة، تحولت القيم السامية إلى مبرر انتهازى للفجور فى الخصومة، أصبحت كل القيم النبيلة أساسا تُبنى عليه مجتمعات من المنافقين. وقد انحدر الحال حتى صار انعدام الشرف فى الخصومة هو النظام العام، وهو البطولة، وهو الوطنية، جماعات ومنظمات وافراد وايدي خفية من عديمى الشرف يقودون المجتمعات والافراد حتى الدول نحو الهاوية، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و الاشاعة و من على بعض القنوات الفضائية ، وفى أروقة الأحزاب السياسية، و الصالونات السياسية ، والجماعات الدينية، والتنظيمات الإرهابية، وأحيانا بعض الحكومات في هذا العالم أصبحت جميعها نموذجا لانعدام الشرف فى الخصومة، أصبحت جميعها من فصيلة تفعل ما يحلو لها، وتقول ما تظن أنه يحقق مصالحها، أو يضعف خصمها، بغض النظر عن أى إطار أخلاقى أو قيمي او انساني، وبغض النظر عن أبسط القيم كالصدق، وأمانة النقل، ومراعاة حرمة الأشخاص وخصوصيتهم ، جميعهم يتقاتلون بدون شرف.

انعدام الشرف فى الخصومة أصبح كارثة تهدد المجتمعات في هذا العالم المترامي الاطراف (Village Small ) والذي أصبح يحكمه القطب الواحد والمصالح الاقتصادية ومعدومى الشرف الذين ينخرطون فى هذه الصراعات، والخصومات لا يدركون أنهم يدمرون ثقافتهم، ومجتمعاتهم، والأجيال قادمة، لا بل يدمرون الانسانية جمعا.

لكل شيء أصولاً في هذه الدنيا إذا التزم به الانسان، وهذا ما يطلق عليه الشرف والشرف هنا يعنى الأصول والالتزام بقواعده واسراره. فالطبيب لابد أن يلتزم بشرف المهنه وكذلك المهندس والقاضى والمحامى والمدرس والمقاول والسائق والحارس والعامل والبائع والمشترى والتاجر الكبير والصغير والموظف (الوزير والسفير والمدير ... الخ).

للحوار شرفاً وللصداقه شرفاً وللخصومه شرفاً وللعداوه شرفاً، نتذكر وصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الحروب عندما كان ينهى عن قتل الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى وقتل الحيوانات والطيور وإتلاف المزروعات. وأحياناً يطلق على الشرف الأخلاق فنقول شرف المهنه أو أخلاق المهنه.

الخصومه هى اختلاف فى وجهات النظر وقابله للاحتكام. (فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام). أما العداوه المطلقه فيطلق عليها (ألد الخصام) قال تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ (الآية: 205،204 البقرة).

إذا أردنا أن نعرف شيئاً عن شرف الخصومه علينا أن نقيس هذا الأمر على الألعاب الرياضيه بجميع أنواعها لأنها عباره عن خصومه بشرف أى بقواعد محترمه. خصومه ظاهريه لم تدخل القلب وهي التى قال عنها الشاعر حافظ إبراهيم.

يتنازعون الفوز فيما بينهم ….. وقلوبهم خلو من الأضغان

أى أنهم يتخاصمون بغير ضغينه فى قلوبهم وبعد المباراه هم أحباب وأخوه وأصدقاء وزملاء.

إذا نظرنا الى واقعنا في العلم العربي نلاحظ تتزاحم فيه العداوات والخصومات، نادراً ما نرى من يخاصم بشرف ونُبل ومروءة، إن هي إلا جذوة الخلاف تبدأ في الاشتعال، حتى يكون الفُجر في الخصومة، والاستطالة في الأعراض، واستباحة الكذب والبهتان، لإظهار قبح الآخرين.

قد يستغرب بعض القراء من العنوان، ويقول وهل للخصومة شرف؟ نعم للخصومة شرف عند أهل الشرف، والتاريخ مليء بالأعداء الشرفاء، وشرف الخصومة من ثوابت الأخلاق وعلو الهمم عند العرب في الجاهلية والإسلام.

وهناك أمثلة لا حصر لها في تاريخ العرب والمسلمين تظهر الفوارق بين شرف الخصومة وانعدامه عند البعض، من شرف الخصومة احترام العهود والمواثيق وعدم الغلو في العداء وترك مجال دائما للصلح أو المراجعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم رغم عداوته للمشركين إلا أنه حينما وقع معهم صلح الحديبية التزم بكل ما فيه رغم الشروط المجحفة بحق المسلمين حتى نقضه المشركون بعد ذلك.

أما الذين لا شرف لهم فإنهم يكونون ألد الخصام في الخصومة يلفقون التهم ويروجون الأكاذيب ولا يلتزمون بخلق ولا يفون بعهد، وأقرب مثال على انعدام شرف الخصومة هو ما تقوم به اسرائيل الآن من أعمال ضد الشعب الفلسطيني وأول شكل من أشكال انعدام الشرف في الخصومة استخدامهم الجيش الاسرائيلي في قتل الفلسطينيين وهدم بيوتهم وتشريدهم واعتقالهم وعدم احترام قرارات الامم المتحدة والمجتمع الدولي والاستيلاء على الاراضي والممتلكات بالقوة. والشواهد كثيرة لا حصر لها. ولا شرف في الخصومة لدى الإسرائيليين وهو ما يعني انهم لا يؤمنون بإقامة سلام عادل مع الفلسطينيين والعرب. وبالتالي لا مجال للشعب الفلسطيني بمختلف فصائلهم ومنظماتهم الا الالتزام بشرف الخصومة بينهم من اجل مواجهة هذا العدو الشرس وهذا الاحتلال الرافض لكل معاني الشرف ولأنه لا شرف له ومن لا شرف له لا عهد له ولا صلح مع ولا يؤمن جانبه.





  • 1 عوض عثامنة 30-05-2019 | 10:13 AM

    ايدعت هكذا والا فلا


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :