facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وثيقة الإخوان بين المضمون والعنوان


علاء مصلح الكايد
18-06-2019 06:28 PM

كنت قد انتقدت في مقالاتٍ سابقة عدم تقديم الأحزاب و القوى السياسيّة للرّؤى الحقيقية والبرامج المنطقية التي تُعين على إحداث الفارق في إدارة الشؤون المحلّية.

و رغم مبادرة أذرع حركة الأخوان المسلمين بتقديم ما أسمته "الوثيقة الإصلاحيّة " إلّا أن الفجوة كانت كبيرة بين الإعلانات التشويقيّة ومضامين الوثيقة النهائيّة ، بعد أن صبَّ أغلب الظنّ في زاوية أنّ الجماعة ستغيّرُ من شكلها ومضمونها للوصول إلى ما تصبو إليه من طموحاتٍ سُلطويّة، إلّا أن الفرضيات راوحت الدرجة الطبيعيّة ولم تلعب الخبرة دوراً في عرض العضلات السياسيّة، وتطابق سابق التوقعات مع لاحق الطروحات.

شكليّاً ، غابت ( البَسمَلة ) عن المقدمة و أُسقِطَ الدعاء من الخاتمة في أسلوبٍ مُغايرٍ للبيانات السابقة للجماعة دون أن تُعرَف الغاية من المُخالفة.

أمّا من حيث الموضوع، كانت أشبه بالوثيقة التعريفيّة بتيّارٍ جديد لا الوثيقة الإصلاحيّة البرامجيّة لتيّارٍ عتيد، و اكتفت بما بيّنت من خطوطٍ عريضة وأهدافٍ و سَردٍ ارتدّت على الجماعة بالنّقد، فتوكيدات الوثيقة في نظر الموضوعيّين من المتعاطفين ( حشوٌ ) و من لزوم ما لا يلزم ، و في نظر النّاقدين أدلّةٌ على صدق بعضٍ ممّا انتُقِدَت به الجماعة سابقاً من تفرُّدٍ وعُزلة و أجندةٍ عابرة للحدود ، فالتأكيد على ضرورة الانفتاح على الآخر وتكافؤ الفرص والعدالة الإجتماعية وغيرها مما ذُكِر مُسلّماتٌ وقواعد انطلاق لمن أراد الانضمام لساحة العمل السياسيّ في الأردنّ ونقاط وصولٍ متّفق عليها لدى الكافّة - أو ينبغي لها أن تكون - ولا تليق بجماعةٍ مستقرّةٍ تجاوز عمرها عقوداً من الزمان، و يبقى الفيصل المفقود والذي يُميِّزُ كلّ فئة أو طيفٍ سياسيّ عن الآخر هو فيما يطرح من سُبُلٍ لتحقيق تلك الثوابت لا الاكتفاء بالتأكيد عليها.

والأصل في الوثائق التي تطرحها أو تستحدثها القوى السياسية العتيقة هو إماطة اللِّثام عن جديد الأفكار و الوسائل التي تكون أشبه ببرامج العمل الحكوميّة لا سيّما إذا كان المُعلِنُ راغِبٌ في الوصول إلى السُّلطة، لكنّ السّجع والمترادفات والبلاغة اللّغويّة سيطرت على السّياق وأطبقَت على المضمون الحذر وشبه الخالي من الأدوات المطلوبة الناقلة للحركة، ليكون المنتج النهائي أكثر تواضعاً من البينات الانتخابيّة الفرديّة الشكليّة ومُجهضاً لأطماح الجماعة التوسّـعيّة.

كذلك سعت الوثيقة لترك مسافات أمانٍ والابتعاد عن بعض خطوط التماسّ الحسّاسة وأصابَت جزئيّا في إقرارها بـالخطأ الذي يرافق أي مسيرة بشريّة في استجلابٍ لما نُقِل عن الإمام "محمد عبده" الذي يرى بأن "الدولة بشريّةٌ و خطّاءةٌ بينما الإسلام دينٌ كاملٌ مُنزّه عن الخطأ"، لكنّها أبقت نفسها بمعزلٍ عن مبدأ الفصل هذا والذي يقرّبها إلى فكرة الدولة المدنيّة التي غابت عن الوثيقة قصداً بما يناقض ما أعلنه أحد قياديّوها مؤخّراً، ما يؤكّد استمرار تأثّر الجماعة بعرّابيّ الفكر القديم كـ " سيّد قطب " الجدليّ والمؤرِّق وبما يؤشِّرُ على نزاعٍ داخليٍّ مُطبِق.

كما صرّحت الوثيقة في ثبات الجماعة على نهجها السالف باستحضارها لسيرة مؤسّسها "حسن البنّا" حينما أكدت على المبادئ التي أرساها، و كان الأجدر تجاوز هذه الأغلال المكبّلة للتغيير ولما يشكّله هذا الاستئناس من خطورةٍ بما يُرجِعه من ذاكرة لدى العارفين بتلك الحقبة التي لفّها السّواد على الأراضي المصريّة من فوضى وعمليّات اغتيالٍ قادها التنظيم السّرّي للجماعة - و إن كان البنّا قد تبرّأ منها - ، فكان من الحصافة الابتعاد عن محفّزات الفكر السلبيّ ومن السلامة إشاعة الطمأنينة لدى المتلقّي، فالسياسة نظريّاتٌ و تاريخٌ ليس إلّا، و إن إثبات الاختلاف و التغيير يستلزم التأكيد على نهجٍ جديدٍ وبعيدٍ عن النماذج المقلقة - أو تجنّب ذكرها على الأقلّ - أو استبدالهما بالتأكيد على الالتزام بسنّة الرسول صلى الله عليه و سلّم - الغائب تماماً عن الوثيقة - و هذا كله يسجّل عليها ولا يحسب لها.

و بناء على ما ذُكِر ، لم يجد حتّى مريدو الأخوان ضالّتهم في مادّةً دسمة تساهم بتسويق فكرهم و تقديم نسخة مختلفة الجوهر عن النسخ القديمة لها أو المثيرة للحساسية في المحيط ، رغم أن مهمّة التيارات السياسيّة الدينية - لأيّ دينٍ سماويّ - هي الأيسر في استقطاب الجماهير مقارنة بغيرها ، فهي التي تجمع مؤيدين متعاطفين من غير المُسَيَّسين ، و تحصد أصواتاً انتخابية منها ومن القواعد التي لم تُجَيَّر لصالح الأطياف الأُخرى من باب الإيمان الفطريّ لا العقائديّ السياسيّ، لكنّ هذه المكاسب لن تستمرّ مع الجمود، فالمدارس السياسية حول العالم المتغيّر لا تعيش طالما بقيت ثابتةً تراوح أفكارها، و لا أدَلّ على ذلك ممّا نُقل عن الرئيس الرّوسيّ "فلاديمير بوتين" حينما قال "أن من لم يأسف لسقوط الاتحاد السوفيتي إنسان بلا قلب، ومن يريد استعادته إنسان بلا عقل" و هذا ما يشبه "النظرية السياسيّة الرابعة "لصاحبها" ألكسندر دوغين، فحتى "الليبرالية" ستتآكل عمّا قريب و ستنسحب جبراً إلى نظامٍ مُختلطٍ أشبه بالذي يتبناه جلالة الملك والأقرب إلى اليسار فيما يتعلق بالخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وإلى الرأسماليّ في باقي نواحي الحياة التي يثريها التنافس ويحقّق مصلحة الشعب بما يقدم من بدائل مختلفة.

أخيراً ، عجزت القوى السياسية عن تقديم أيّ جديدٍ يُذكر على صعيد الملفّات الوطنية جميعها رغم أن مهمتها المرحلية تقتصر على الرّأي دون عبء التطبيق ، و كلّما سعت إحداها لفتح شهيّة الجماهير المتعطّشة كُلّما كرّرت نفسها و ثبّطت العزائم ، فلا غيّرت الوجوه ولا بدّلت الصفوف، وغلبت التقليديّة على نهجها وأدوات خطابها، و عجزت جميعها عن محاكاة الواقع فالجميع في هذا الوطن هم أبناءٌ أو أحفادٌ لمحاربين أو مُهجَّرين عايشوا أحداثاً صعبة ودقيقة، وعليه ؛ فالجميع هنا يعلم مدى ارتباط السياسة بأحوال البلاد عامّة وانعكاسها عليها سلباً و إيجاباً، لكنّ المتنافسون لا يدركون هذه الدرجة من اليقظة والدِّراية الشّعبيّتين واللتان تستلزمان طروحاتٍ أكثر واقعيّةً وأفكاراً من خارج الصندوق.

فهل تقدّم باقي الأطياف الموجودة على السّاحة فكراً محفّزاً أم بات ما دعونا إليه مراراً من ضرورة استحداث كيانات سياسيّةٍ بديلة وجديدة هو المخرج الوحيد، و أنّ البعض يلعب في الوقت بدل الضائع؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :