facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين المطرقة والمرآب


د. ايهاب عمرو
14-07-2019 01:44 AM

أثار المشهد الذي تناقلته بعض وسائل الاعلام مؤخراً وانتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان وهو يحمل مطرقة بيده ويهدم بيتاً فلسطينياً ليفتتح طريقاً يسمى "طريق الحجاج" في مدينة القدس المحتلة الشجون في داخلي، وقارنت على الفور بين ذلك المشهد ومشهد وزيرخارجية إحدى الدول العربية الذي ذهب للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي ذات مرة من خلال مرآب سيارات هروباً من عدسات الكاميرات التي كانت تلاحقه. وما أن وصل الوزير المذكور للقاء حتى بادر بإنتقاد أولئك الذين أضاعوا الفرص كونهم يتمسكون بالماضي، ويقصد الفلسطينيين وبعض العرب، وأشار أنه لا بد من التفكير بالمستقبل عوضاً عن التمسك بالماضي.

ويعد هذا النفق، وفقاً لما تناقلته وسائل الاعلام ومراكز الأبحاث المتخصصة، جزءاً من خطة أقرتها الحكومة الإسرائيلية لتعزيز وجودها في مدينة القدس المحتلة وطمس أية معالم عربية (إسلامية ومسيحية) ذات صلة خصوصاً أنه يرتبط برواية مفادها أنه طريق الحج الموصل إلى الهكيل الثاني من القرن الأول الميلادي.

ولعلي فكرت قليلاً بين كلا المشهدين، مشهد سفير أميركي ضرب بمطرقته كافة الأعراف الدبلوماسية وأعلن صراحة إنحيازه للطرف الآخر، وبين مشهد وزير خارجية دولة عربية تحدث علناً عن أولئك الذين يتمسكون بالماضي وأنه براء منهم، وكأن التمسك بالماضي تهمة تحتاج إلى دليل يثبت البراءة منها. وأود التذكير هنا أن الإسراء والمعراج يعد جزءاً من الماضي، وأن فتح القدس خراجاً "صلحاً" على يد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعد جزءاً من الماضي، وأن تحرير بيت المقدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي من حكم الصليبيين يعد جزءاً من الماضي، وأن طرد شعب من أرضه وإحلال مستوطنين مكانه خلافاً لمقررات الشرعية الدولية وأحكام الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة يعد جزءاً من الماضي، وأن القائمة تطول.

ومن خلال نظرة على واقع المنطقة العربية وسباقات التطبيع المجاني يمكن ملاحظة هرولة بعض الدول العربية للتطبيع ولو على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية. وكل ذلك لأجل حسابات سياسية ضيقة أهمها حاجة تلك الدول لرضى الإدارة الأميركية الشعبوية الحالية عنها من أجل تغاضيها عن إنتهاك حقوق الإنسان في تلك الدول من جانب، ومن أجل حماية الأنظمة السياسية القائمة في تلك الدول وضمان إستمرارها مستقبلاً من جانب آخر. وتعتقد تلك الأنظمة، مخطئة بالطبع، أن كسب ود الإدارة الأميركية إنما يمر من خلال التودد لإسرائيل وتطبيع العلاقات معها دون إنتظار موافقة الفلسطينيين على ذلك، كونهم ينتمون للماضي، على حد وصفه.

وتحاول بعض تلك الأنظمة الإلتصاق باليمين الشعبوي الحاكم في الولايات المتحدة الذي تلتقي معه في بعض أطروحاتها السياسية والفكرية أهمها تعزيز حكم الفرد ونبذ فكرة الحكم التعددي الديمقراطي الذي يستند على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وعوضاً عن أن تقوم تلك الأنظمة بتعزيز أسس الحكم الديمقراطي، وتقوية سيادة القانون وسلطة القضاء، وتعزيز مبادئ الحكم الرشيد القائم على النزاهة والشفافية، وصيانة حقوق الانسان، فإنها تعتقد، واهمة بالطبع، أن السبيل لإستمرارها إنما يكون بالانحراف في العلاقة نحو التطبيع المجاني دون انتظار لأي مقابل بخصوص القضية الوطنية الفلسطينية التي أصبحت، من وجهة نظر بعضهم، جزءاً من الماضي، وأن أولئك الذين يتمسكون بعدالة قضيتهم إنما يلتصقون بالماضي ولا ينظرون للمستقبل. وأود التذكير أن تلك الحسابات السياسية الضيقة سوف يكون مصيرها الفشل كونها تقف ضد إرادة الشعوب وضد حسابات المنطق السياسي السليم، والشواهد على ذلك كثيرة، منها ما أفرزته ظاهرة ما يسمى "الربيع العربي"، على علاتها، من الثورة ضد أنظمة القمع والاستبداد والمناداة بالحرية والعدالة الاجتماعية وضمان حقوق الانسان الأساسية.

خلاصة القول، إن أية مبادرات عربية فردية لا بد أن تستند إلى المبادرة العربية التي أرست أسس السلام العادل والتطبيع وأهمها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. والقول بغير ذلك أو التصرف عكس ذلك من شأنه إضعاف الموقف الفلسطيني والعربي من منظور إستراتيجي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :