facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اطفال منحرفون .. اليوم هواه وغدا محترفون


د.حسين الخزاعي
18-10-2009 06:23 AM

** اكثر من نصف الاحداث الجانحين اسباب ارتكابهم للجرائم تتعلق بالجهل الاسري ورفاق السوء والتربية الخاطئة والفقر والبطالة ..

قضية مهمة وخطيرة جدا تؤكد ان المجتمع يسير بخطوات سريعة نحو المزيد من التدهور والانفلات وتفشي الظواهر السلبية ، والنسيج الاجتماعي في حال تفكك اسري وانهيار قيمي ، لا نستطيع امام الوقائع المنفرة والمزعجة الا ان نقول الحقيقة ، ونرفع الصوت العالي وندق ناقوس الخطر ، وللمهتمين والمتابعين والمعنيين ارجو ان لا تكون المعلومات الواردة في هذا التحليل مجرد حبر على ورق ، وان لا يمروا عليها مرور الكرام ، انها نقطة ضوء لمن يريد ان يشعل شمعة وسط هذا الانهيار الاسري ..

انتهت المقدمة ، ونبدأ بالتفاصيل ، فالمعلومات والبيانات الواردة في التقرير الاحصائي الصادر عن ادارة المعلومات الجنائية التابعة لمديرية الامن العام لعام 2008 تدق ناقوس الخطر ، وتضع النقاط فوق الحروف ، وتلفت النظر الى ظاهرة ارتكاب الجريمة في المجتمع الأردني ومدى وفداحة خطورتها ، وخاصة عندما يكون مرتكبو هذه الجرائم اطفالا في عمر الورد ، لكنهم ليسوا كالورد ، مجرمون صغارا أعمارهم تتراوح ما بين السبعة سنوات ولم يتموا الثامنة عشرة من العمر، هؤلاء في العرف الاجرامي يصنفوا تحت بند جرائم الاحداث ، ويحاكموا في محاكم الاحداث ، ولهم انظمة وعقوبات وقوانين خاصة بهم تعرف في قانون الاحداث ، وفي العرف الدولي والاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل يعتبروا اطفال ، وفي العرف الانساني والتربوي والاجتماعي يعتبروا بالفئات الأكثر حاجة للرعاية والتنشئة الاجتماعية لضرورة اكتمال نموهم البدني والجسمي والفكري على احسن وجهه .

اذا نحن امام دخول الاطفال الى عالم الجريمة ، جرائم جديدة في المجتمع تسمى بجرائم الاحداث ، هؤلاء الذين يجب ان يكون مكانهم الطبيعي في الاسرة ، والمدرسة ، وان ينعموا بتنشئة اجتماعية اسرية هادئة مستقره وتوفير الاجواء المريحة والتربية السليمة لهم لابعادهم عن خطورة الانزلاق في السلوكيات الجرمية المنفرة والمخالفة للانظمة والتقاليد والقيم والعادات في المجتمع ، ولكن الارقام والمؤشرات والمعطيات الواردة في تقرير المعلومات الجنائية تدق نواقيس الخطر حيث ان هؤلاء الاطفال المجرمين بدلا من أن يكون في طليعة اهتماماتهم واولياتهم الدراسة والتحصيل العلمي والتخطيط للمستقبل ، فان في مقدمة اولوياتهم عند ارتكاب الجريمة تفضيل جرائم السرقة، والاضرار بمال الغير، والاعتداء على الموظفين ومنهم من يختار اسلوب هتك العرض والاغتصاب، بينما هناك من الاحداث من يختار طريقا لانهاء حياته بمحاولة الانتحار.

ومهما تعددت اساليب واسباب وظواهر ما يرتكبه الاحداث من جرائم جنحية او جنائية، فان التقرير يبين ان الاحداث في الأردن قاموا وخلال العام الماضي 2008 بارتكاب 1187 جناية منها 789 سرقة و193 قضية ايذاء بليغ، اضافة الى ارتكاب 3885 جنحة منها 1224 قضية سرقة و1135 قضية اضرار بمال الغير.

ولعل اكثر ما يلفت النظر في الجرائم ان الاحداث لم يقوموا بارتكاب اي جرائم تمس الدين والاسرة بينما سجل الاحداث 144 جريمة اعتداء على الموظفين، و(57 ) قضية اضرام حرائق شكلت خطرا على السلامة العامة.

والمؤلم والمقلق جدا في الارقام الواردة في التقرير ان ( 44 ) حدثا اقدموا على محاولة الانتحار، ووجود ( 23 ) قضية منها ( 6 ) قضايا اتجار مخدرات و(15 ) قضية حيازة و( 2 ) قضية تعاط مخدرات ، اما على صعيد الجرائم المخلة بالاداب والاخلاق العامة فقد بلغت (165 ) قضية مقابل ومن بين تلك القضايا ( 123 ) قضية هتك عرض ( 9 ) قضايا اغتصاب ، ويلاحظ من خلال دراسة وتحليل هذا التقرير ان نسبة القضايا الجنوحية التي ارتكبت من قبل الاحداث في عام 2008 ارتفعت بنسبة (12.1%) عن العام 2007 .

وانسجاما مع هذه دقة المعطيات والمعلومات الواردة في هذا التقرير الاحصائي فلقد قمت في العام الماضي بدراسة ومراجعة خصائص جنوح الاحداث الموقوفين في مراكز الرعاية وتربية الاحداث في الاردن ، وشملت دراستي التي استمرت سنة كاملة ما بين جمع وتحليل وتدقيق ومراجعة لكافة البيانات المتعلقة عن هؤلاء الاحداث والصادرة عن وزارة التنمية الاجتماعية خلال الفترة ( 2000 – 2005 ) وشملت (24618) حدثا جانحا ومجرما .

والنتائج المؤلمة التي توصلت اليها كانت تتمثل ان اكثر من نصف هؤلاء الاحداث كانت اسباب ارتكابهم للجرائم تتعلق في الجهل الاسري في تربية الابناء حيث جاء في الترتيب الاول بنسبة (55.9%) ، يليها رفاق السوء في الترتيب الثاني بنسبة ( 23.9%) ، ثم التربية الخاطئة في الترتيب الثالث بنسبة (8.9%) ثم الفقر والبطالة في الترتيب الرابع بنسبة (4.9%) .

ولعل المؤلم والمقلق والمزعج في النتائج التي توصلت اليها ان هناك احداثا مساجين آبائهم ايضا مساجين وهؤلاء يشكلوا نسبة (8.9%) ، وان هناك احداثا ايتام بنسبة (8.4%) ، وهنالك احداث يعانون من الطلاق والهجر الاسري او تعدد الزوجات وغياب رب الاسرة و يشكلون ( 11.2%) ، والمؤلم جدا ان (18%) من هؤلاء الاطفال المجرمون يكرروا الجرائم بعد خروجهم من مراكز الرعاية وتربية الاحداث ويعودوا للمراكز من جديد وكان العقوبة اصبحت غير رادعة على الاطلاق ، هذه نتائج تستحق التوقف عندها وخاصة في ظل هذا التفكك الاسري وعدم متابعة الاهل لتربية ابنائهم ، فالطلاق والتشرد والحرمان والعنف الاسري هو البيئة الخصبة التي تنخر في جسد هذا الوطن وتفرخ لنا الجرائم الاسرية والمجتمعية التي اشرت اليها ، فهل نقف مكتوفي الايدي والارقام المتعلقة في الطلاق مقلقة جدا ، هل يعقل ان نسبة الطلاق تبلغ ( 18 %) وان يحدث في السنة الواحدة ( 11793) حالة طلاق ؟ وان نشهد ارتفاعا مستمرا في عدد حالات الخلع منذ ان تقرر منح المرأة حق طلب الخلع من زوجها في عام 2001 حيث وصلت الارقام في نهاية عام 2008 (10957) قضية خلع ما بين مدورة وواردة ومسقطة ومفصوله ، وهذه في العرف الاجتماعي حالات شقاق ونزاع وتفكك يكون ضحيتها الاطفال ومصيرهم الانهيار وارتكاب الجريمة ، وهل يعقل ان تكون نسبة جرائم العنف الاسري التي يتعرض لها الطلاب (35%) في حين يقوم الطلاب بارتكاب ما نسبتة (14%) من جرائم العنف الاسري وخاصة قضايا الاعتداءات الجنسية والايذاء الجسدي؟ .

وبعد ، هل نحن بعد تحليل هذه الارقام الخطيرة والمقلقة والصادرة عن جهات رسمية ودراسات ميدانية متخصصة بحاجة الى ان نثبت ان المجتمع والاسرة والاولاد والتربية اصبح "طاسة وضايعه" ؟ وهل انتهى دور المدرسة والجد والجار والجامعة والاقارب والاعلام والمسجد والاب والام في التربية والتنشئة الاجتماعية ? .

لماذا انسحب هؤلاء من التربية والتنشئة والاجتماعية ووضعو سكين الانحراف والانجراف على رقاب هؤلاء الاطفال ، في الوقت الذي نرنو فيه إلى ان يكون الطفل مصدر اشعاع وامل في المستقبل ويتحلى بسلوك مشرف اجتماعيا وانسانيا واخلاقيا ، من المسؤول عن هذه الجرائم والانحرافات ؟ من يدفع الثمن ، الى اين نسير ، نحن امام واقع مرير لا مفر منه ويجب مواجهته ، واقع مؤلم ، اطفال منحرفون ، اليوم هواة ، وغدا محترفون ?!.

* د. حسين الخزاعي : أكاديمي متخصص في علم الإجتماع
ohok1960@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :